عدد الابيات : 20
يَا دَهْرُ كُفَّ فَإِنَّ الْحُزْنَ مُضْطَرِمُ
وَالْقَلْبُ فِي كَفِّ بُؤْسِ الْمَوْتِ مُلْتَحِمُ
مَضَى الْأَحِبَّةُ فِي أَكْتَافِ ظُلْمَتِهِمْ
وَضَاعَ مِنْ بَيْنِنَا الْبَسَّامُ وَالْهِمَمُ
لِلَّهِ دَرُّهُمُ كَانُوا لَنَا بِالْجُودِ أَمَلًا
وَصَرْحُ خَيْرٍ إِذَا ضَاقَتْ بِنَا النِّعَمُ
قَدْ كَانَ طِيبُهُمُ سَحْبًا يُهَاطِلُنَا
وَصَوْتُهُمْ نَغَمٌ، وَالْوَجْهُ مُبْتَسِمُ
لَا الدَّهْرُ يُنْسِينَا أَفْعَالَهُمْ كَرَمًا
وَلَا الزَّمَانُ يُزِيلُ الْعِزَّ وَالْقَدَمُ
إِنْ سُئِلُوا فَهُمُ الْغَوْثُ الْمُفَرِّجُ عَنْ
كُلِّ الْكُرُوبِ، وَإِنْ ضَامَ الْأَسَى كَلِمُوا
وَإِنْ دُعُوا، أَقْبَلَ الْمَوْتُ انْحِنَاءً لَهُمْ
كَأَنَّهُ خَادِمٌ لِلْأَطْيَابِ وَالْعَزْمُ مُلْتَزِمُ
هَذَا الَّذِي ظَلَّ فِي الْأَفْئَادِ ذِكْرُهُمُ
مَا زَالَ يُبْعَثُ إِنْ غَابُوا وَإِنْ رُقِمُوا
كَأَنَّهُمْ وَهْمُ الْأَيَّامِ إِنْ فَرَضَتْ
مُرَّ الْفِرَاقِ، فَلَمْ يَسْلُ الْمُحِبُّ فَمُ
هُمُ الطِّيَابُ، وَإِشْرَاقُ الْوُجُوهِ بِهَا
بَدْرٌ يُضِيءُ وَسِرُّ الْمَجْدِ مُرْتَسِمُ
مَا جَادَ ذُو الْجُودِ إِلَّا فِي سَجِيَّتِهِمْ
وَمَا رَأَيْنَا سِوَى أَرْوَاحِهِمْ نِعَمُ
هُمُ الْكِرَامُ إِذَا مَا الضَّيْمُ مَسَّ فَتًى
كَفَّاهُ تُعْطِي وَفِي رَاحَيْهِ مُبْتَسَمُ
فَإِنْ قَضَوْا، فَسَوَادُ الْأَرْضِ يَلْبَسُهَا
يُتْمُ الضِّيَاءِ وَدَمْعُ الطَّرْفِ يَنْتَهِمُ
لَا غَابَتِ الشَّمْسُ عَنْ أَرْضٍ يُظَلِّلُهَا
ذِكْرُ الْأَحِبَّةِ بِالرَّحْمَةِ، لَا وَجْهٌ وَلَا عَلَمُ
وَإِنْ جَرَى الدَّمْعُ فِي الْأَحْزَانِ مِنْ أَسَفٍ
فَلَيْسَ يُجْدِي، وَمَنْ لِلْحُزْنِ يُنْتَقِمُ
مَا كَانَ يُطْفِئُ نَارَ الْقَلْبِ مُحْتَسَبٌ
إِلَّا اللِّقَاءُ وَمَوْعُودُ الَّذِي حَكَمُوا
لَكِنَّ أَرْوَاحَهُمْ تَسْرِي فِينَا هَوًى
وَذِكْرُهُمْ كَلَحْنٍ لِلرُّوحِ مُنْسَجِمُ
فَإِنْ ذَكَرْتُمْ أُبَاةَ الْمَجْدِ فِي كَرَمٍ
فَاذْكُرْ حَبِيبًا مَضَى لِلْحَقِّ يَحْتَزِمُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللِّقَاءَ الْعَدْلَ مَوْعِدُهُ
يَوْمَ السَّلَامِ، وَحِينَ الْأَمْرِ يُحْتَكَمُ
1280
قصيدة