عدد الابيات : 20
نَادَى الْفِرَاقُ فَلَمْ أَجِدْ مِنْ مُنْقِذِ
وَمَضَى الْجَوَى فِي أَضْلُعِي كَالْمُهَنَّدِ
سَحَّتْ جُفُونِي وَالدُّمُوعُ شُهُودُهَا
كَالسَّيْلِ يَهْدِرُ فِي السُّهُولِ الْفَدْفَدِ
نَادَيْتُهَا وَالرُّوحُ تَهْتِفُ بِاسْمِهَا
يَا وَيْحَ نَفْسِي مِنْ لَهِيبِ التَّرَمُّدِ
إِنْ كُنْتِ تَذْكُرُنِي فَهَذِي مُهْجَتِي
سَوْدَاءُ بَيْنَ مَوَاقِدِ الْجَمْرِ الْمُوَقَّدِ
سَالَتْ دُمُوعِي فَوْقَ وَجْهِي حَسْرَةً
وَتَحَجَّرَتْ فِي مُقْلَتَيَّ بِمَوْرِدِ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْكِ؟ أَيْنَ مَرَاكِبِي
قَدْ ضَاعَ مِنِّي الْمِجْدَفُ الْمُتَبَدِّدِ
إِنِّي سَقِيمُ الْحُبِّ مُذْ فَارَقْتِنِي
وَالْجِسْمُ أَنْهَكَهُ الْأَسَى الْمُتَفَرِّدِ
نَادَيْتُهَا فِي اللَّيْلِ هَلْ تَسْمَعْ نِدَاي
فَالصَّوْتُ يُبْتَرُ فِي الظَّلَامِ وَيُصْعَدِ
يَا زَهْرَةً فِي الْعُمْرِ كُنْتُ أُقَلِّبُ الْـ
أَوْرَاقَ مِنْهَا فِي الْمَدَى الْمُتَجَدُّدِ
أَيْنَ الْعُهُودُ؟ وَأَيْنَ شَوْقُكِ؟ هَلْ طَوَى
عَهْدَ الْغَرَامِ الْحُزْنُ، عَهْدَ التَّوَدُّدِ
يَا دَمْعُ هَلْ تُطْفِي الْجَوَى؟ أَمْ أَنَّنِي
كَالْمَوْجِ يَجْرُفُنِي الْأَسَى الْمُتَرَدِّدِ
ضَاقَتْ بِيَ الدُّنْيَا وَمَا مِنْ رَاحِمٍ
وَالْجِسْمُ أَثْخَنَهُ الْبَلَاءُ الْمُؤَيَّدِ
أَهْفُو إِلَيْكِ وَأَنْتِ فِي دَارِ الْبُعَادِ
وَالصَّبْرُ مَاتَ عَلَى الدُّرُوبِ التَّبَعُّدِ
لَمَّا رَأَيْتُ الْقَبْرَ يَفْتَحُ بَابَهُ
أَيْقَنْتُ أَنِّي فِيهِ يَوْمًا سَأَنْفَدِ
إِنِّي أُنَاجِيكِ الْوَدَاعُ يَضُمُّنِي
فَالْعُمْرُ يَذْبُلُ كَالشُّعَاعِ الْمُبَدَّدِ
إِنْ مُتُّ لَا تَنْسَيْ حَبِيبًا عَاشَ فِي
وَهَجِ الْجِرَاحِ، وَفِي الْأَسَى الْمُتَعَدِّدِ
سَأَظَلُّ أَذْكُرُكِ الْجَمِيلَةَ كُلَّمَا
هَمَسَ النَّسِيمُ إِلَى الْغُصُونِ الْمُهَوَّدِ
وَأَظَلُّ فِي حُلْمِي أَرَاكِ كَأَنَّنِي
طِفْلٌ يُنَاجِي أُمَّهُ خَوْفَ الْمُتَوَدِّدِ
لَكِنَّنِي رَاضٍ، فَإِنْ كَانَ الْفِرَاقُ
قَدَرًا فَحَسْبِي أَنَّنِي لَمْ أُجَاحِدِ
فَاذْكُرِينِي يَا حَبِيبَةَ الرُّوحِ إِنْ
عَصَفَ التُّرَابُ عَلَى ضَرِيحِي الْمُوَرَّدِ
1280
قصيدة