عدد الابيات : 68
طباعةعَلَى ثَرَى الْأَقْصَى تَطِيبُ كَرَامَةٌ
مُعَتَّقَةٌ بِالْعِزِّ جَلَّ مَقَامُهَا
بَيْنَ الْقِبَابِ تَفِيضُ رُوحُ عِبَادَةٍ
وَالْمَجْدُ يَكْسُوهَا وَتَسْمُو دِيَامُهَا
أَقْصَاكِ، يَا أُمَّ الْمُلُوكِ، تَرَنَّمَتْ
لَحْنَ الْفِدَاءِ، فَخَارَتْ أَعْلَامُهَا
قُدْسُ النُّبُوَّةِ مَا زَهَاهَا جُرْحُهَا
تَزْهُو بِهِ الطُّهْرُ الَّذِي يَحْمِي عَلَامُهَا
أَرْضٌ كَأَنَّ الْحُسْنَ فِيهَا مَسْكَنٌ
وَالْحَقْلُ أَغْنَى مَنْ تُرَابِهِ طَعَامُهَا
تَحْتَ الظِّلَالِ تَهِيمُ نَسَائِمُ الْوَفَا
وَالْغَيْمُ يَنْسَابُ لِيَرْوِي وِئَامُهَا
لَكِنَّهَا جُرِحَتْ بِغَدْرِ عَدُوِّهَا
مِنْ كُلِّ بَابٍ غَادَرَتْ أَحْلَامُهَا
يَسْتَنْزِفُ الْأَيَّامَ سُمًّا فِي يَدٍ
غَدَرَتْ وَدَنَّسَ طُهْرَهَا وَذِمَامَهَا
نَادَاكِ صَوْتُ الْوَجْدِ يَا قُدْسُ ارْتَقِ
فَالصَّبْرُ تَاجٌ مَجْدٌ يُلْهِمُ سِهَامَهَا
لَكِنَّ قَلْبَ الصَّامِدِينَ جَوَاهِرٌ
تَنْفَضُّ أَغْلَالًا وَيَخْشَعُ ظَلَامُهَا
غَزَّةُ الْجُرْحِ الَّذِي مَا خُضِّبَتْ
إِلَّا بِنَصْلٍ خَانَ فِيهَا سِلَامُهَا
لَكِنَّ شَعْبًا أَرْضَعَتْهُ كَرَامَةٌ
يُبْدِي عُلَاهُ صَفَائِحًا وَخِيَامُهَا
وَيَصُوغُ أَبْيَاتَ الْعَطَاءِ بِسَيْفِهِ
إِنَّ الْوُجُودَ يَهَابُهُ إِقْدَامُهَا
لَتَعْلُو فِلَسْطِينُ الْعُلَا بِأَهْلِهَا
وَتَفِيضُ مِنْ صَبْرٍ عَظِيمٍ مُقَامُهَا
غَزَّةُ الْكُرَمَاءِ سُورُ عَزِيمَةٍ
شَامِخَةٌ بِالطُّهْرِ حِينَ تُضَامُهَا
يَا قِبْلَةَ الْأَحْرَارِ يَا نَجْمَ الْعُلَى
فِي كُلِّ فَجْرٍ يَسْتَفِيقُ غَرَامُهَا
أَرْضُ الْمَلَاحِمِ صَبْرُهَا كَوَتِينِهَا
تُبْدِي الْجَلَالَةَ حِينَ يَعْلُو هُيَامُهَا
فِيهَا الشُّمُوخُ لِكُلِّ جِيلٍ نَاهِضٍ
تَرْوِي الْحَكَايَا وَالسَّمَاءُ خِيَامُهَا
لَمْ تَخْشَ طُغْيَانًا وَلَمْ تُعْطِ الْقَنَا
صَخْرٌ تَصَدَّى وَالْقُلُوبُ أُهَامُهَا
حُصِرَتْ وَصَبَرَتْ كَمَا الطُّودِ الَّذِي
يُقْصِي الْعَوَاصِفَ حِينَ تَغْشَى قَتَامُهَا
فَلْتَعْلَمِ الْأَزْمَانُ أَنَّ سُطُورَهَا
نُقِشَتْ بِدَمٍّ كُلَّمَا هَمَّ حَامُهَا
أُمَّهَاتٌ جَلِدَاتٌ شُمُوخُهُنَّ قِبَابُهَا
فَوْقَ الْجِرَاحِ يُضِيءُ نَجْمٌ نِظَامُهَا
أَطْفَالُهَا بِالْأَسْرِ أَعْلَامُ الثَّبَاتِ
وَالْمُجْدِفُونَ نَجَاهُمْ أَحْلَامُهَا
غَزَّةُ الْأَحْرَارِ يَا أَرْضَ الْفِدَاءِ
صَوْتُ الْحَقِيقَةِ حِينَ يَعْلُو حِمَامُهَا
عَفَتْ رُبُوعُ الْعِزِّ حِينَ دِمَاؤُهَا
جَرَتْ كَسَيْلٍ فِي الْهِضَابِ تَخَامُهَا
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ تَفُوحُ عِظَامُهَا
تُثْنِي الْجِبَاهَ تَعَظُّمًا لِأَهَامُهَا
أَهْلُ الْفِدَاءِ إِذَا الْمَوَاقِفُ أُزْمِجَتْ
فَهُمُ الْبُرُوقُ إِذَا الْبَلَاءُ ظَلَامُهَا
شُهْبُ النِّضَالِ إِذَا الرِّمَاحُ تَكَسَّرَتْ
تَطْوِي الرُّبَى إِيمَانُهَا وَسِهَامُهَا
هُمُ الثُّبَاتُ إِذَا الصُّرُوخُ تَكَسَّرَتْ
فِي خُطْوَةٍ زَأَرَتْ بِهَا أَقْدَامُهَا
أَهْلُ الْكَرَامَةِ وَالْمَحَافِلِ رِفْعَةً
مِنْ فَوْقِهَا تُزْهِرُ السَّمَا كَلَامُهَا
فِي كُلِّ رَابِيَةٍ نُجُومٌ زَاهِيَةٌ
نُورُ الْحُقُوقِ يُطَوِّقُ الْأَيَّامَهَا
صَبْرٌ كَجَبَلٍ فِي الْوُقُوفِ رَوَاسِيًا
لَا تَنْثَنِي أَرْوَاحُهَا وَأَمَامُهَا
زَرَعُوا الْأَمَلَ بَيْنَ الرُّكَامِ جَلَالَةً
وَسَقَوْهُ حُبًّا حِينَ غَابَ غَمَامُهَا
أَبْنَاءُ غَزَّةَ شُمُّ عِزٍّ خَالِدٌ
تَفْنَى الْحُرُوبُ وَهُمْ قِلَاعُ خِصَامِهَا
فِي كُلِّ نَبْضٍ أُمَّةٌ قَدْ أَنْبَتَتْ
زَهْرًا يُقَاوِمُ كَيْدَ مَنْ يَضَامُهَا
أَيُّ الْكَوَاكِبِ تَبْلُغُ الْعُلَا بِأُفْقِهَا
وَتَسْتَقِلُّ عَزِيمَةً إِقْدَامُهَا
غَزَّةُ الْفِدَاءِ، عَزَّ فِيهَا صَارِمٌ
يَشْقَى الْعِدَى مَا قَطَّعُوا أَوْصَامَهَا
هِيَ لُجَّةُ الْحُرِّيَّةِ فِي شِعَابِهَا
وَمَغْرَسُ الْآمَالِ كَيْفَ قِيَامُهَا
سَلْ مَوْجَ بَحْرٍ قَدْ تَحَدَّى مَدَّهُ
أَبْنَاءُ غَزَّةَ كَيْفَ لَانَ زِمَامُهَا
ثُبَاتُهُمْ مَوَّالُ مَجْدٍ خَالِدٍ
يَسْقَى الْأُمَمَ وَهُمْ رِجَالُ سِلَامِهَا
جِرَاحُهَا لَيْلٌ أَطَلَّ ظَلَامُهُ
لَكِنَّهُ نَجْمٌ يُضِيءُ غَمَامُهَا
غَزَّةُ يَا طَيْرًا يَحُومُ جَرِيحَةً
تَنْهَضُ بِالْأُفُقِ الْعَظِيمِ حِمَامُهَا
طَيْفُ الْقُدُودِ يُدَاعِبُ آمَالَهَا الَّذِي
فِي كُلِّ شِبْرٍ سَطَّرَتْ أَعْلَامُهَا
جُدْرَانُهَا شَهْدٌ عَلَى قَلْبٍ صَفَا
مَا هَانَ أَبَدًا يَوْمَ بَانَ خِصَامُهَا
نَزْفٌ يُقَاسِيهِ الصَّبَاحُ بِلَوْعَةٍ
وَالْقَلْبُ يَرْجُو أَنْ يَحِينَ وِئَامُهَا
يَا قُدْسُ عُذْرًا لَوْ دَعَاكِ حَنِينُنَا
فَالصَّبْرُ أَوْهَى عَزْمَهُ وَزِمَامَهُا
لَكِنَّنَا نَرْجُو مِنَ اللَّهِ فَرَجَهُ
إِذْ لَا يُخَيِّبُ مَنْ رَجَاهُ كِرَامُهَا
غَزَّةُ يَا دَرْبَ الْجِرَاحِ صُعُودُهُ
يَوْمًا سَيُزْهِرُ فِي الثَّرَى أَحْلَامُهَا
طِفْلٌ يُغَنِّي فِي الْحُطَامِ بِلَحْنِهِ
"سَيَعُودُ نَصْرٌ حَيْثُ يَعْلُو حِمَامُهَا"
هَذِي الْقُبُورُ تُنَادِينَا بَيْنَ الْبُكَا
"قَدْ كَانَ فِينَا لِلْعُلَا إِقْدَامُهَا"
يَا نَخْلَ غَزَّةَ قُمْ وَحَيِّ شُمُوخَهَا
تِلْكَ الْكَرَامَةُ سِرُّهَا وَخِتَامُهَا
رُغْمَ الدُّمُوعِ تَنَامُ فِي أَكْنَافِهَا
بِشْرٌ يُزَفُّ وَحُسْنُهُ إِلْهَامُهَا
عِزٌّ تَوَارَى فِي الْحُطَامِ مُؤَقَّتًا
لَكِنَّهُ شَمَخَتْ وَعَلَتْ أَسْهَامُهَا
صُبْرًا كَرَامَتَنَا تَشُدُّ عِصَامَهَا
غَزَّةُ الرُّوحِ الَّتِي أَحْيَتْ إِمَامَهَا
تُبْدِي الْكَرَامَةَ فِي الْوُجُوهِ شَوَاهِدًا
وَالْعِزُّ يَلْبَسُ فِي الرَّدَى أَسْمَامَهَا
بِالدَّمْعِ تَسْقِي الْأَرْضَ لَوْنَ كَرَامَةٍ
وَالنَّصْرُ يَسْرِي وَالرِّيَاحُ تِمَامُهَا
يَا أَهْلَ غَزَّةَ، يَا دُرُوعَ صُمُودِهَا
يَا مَنْ حَمَلْتُمْ عِزَّ رَايَةِ إِقْدَامِهَا
دَعَوَاتُكُمْ نَحْوَ السَّمَاءِ تَصَاعَدَتْ
وَالنَّصْرُ آتٍ يَمْحُو السَّوَادَ ظَلَامَهَا
أَبْطَالُ خَيْرٍ يَصْدُرُونَ إِلَى الْعُلَا
وَالْأَرْضُ تَسْمَعُ أَنَّتَهَا وَسَلَامَهَا
مَنْ لِلضَّعِيفِ إِذَا دُهِسَتْ كَرَامَتُهُ؟
غَزَّةُ مَنْ أَحْيَتْ هِمَمَ أَقْوَامِهَا
يَا رَبِّ زِدْهَا صَبْرَ نَصْرٍ شَامِخٍ
وَاجْعَلْ دِيَارَ الشَّرْفِ فِي أَعْلَامِهَا
بِأَشَدِّ سَاعَاتِ الصِّرَاعِ يُذِيبُنَا
صَوْتٌ يَقُولُ النَّصْرُ فِي أَعْلَامِهَا
غَزَّةُ تَفُوحُ شَذَا الْبَقَاءِ قَصَائِدًا
فِيهَا الْقُدَاسَةُ تَرْتَدِي أَوْهَامَهَا
تَبْقَى الْعُيُونُ عَلَى الرُّبَى تَتَسَابَقُ
تَنْسُجُ أَمَلًا صَامِدًا وَسَلَامَهَا
فَاصْبِرْ، لِأَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ عَبْدَهُ
إِذْ يَسْأَلُ الْأَكْوَانَ خَيْرَ قِيَامِهَا
غَزَّةُ تُعْلِنُ فِي الْأَذَانِ حِكَايَةً
نَصْرًا يُعَانِقُ فِي الْعُلَا أَفْلَامَهَا
كُونُوا عَلَى الْعَهْدِ الَّذِي أَحْيَى الْمُنَى
فَالصَّبْرُ سَيْفٌ قَدْ عَلَا أَسْيَامَهَا
بِنَبْضِ "الْقَلْبِ" الْعَاشِقِ أَرِيجُ عِطْرِهَا
غَزَّةُ كُلُّ الْقُدْسِ فَاحَ وِئَامُهَا
1280
قصيدة