عدد الابيات : 20
هَذِي دِمَشْقُ.. وَهَذِي النَّارُ وَالْغَانُ
إِنِّي أُحِبُّ.. وَبَعْضُ الْحُبِّ طُوفَانُ
أَنَا الدِّمَشْقِيُّ.. إِنْ فَتَحْتَ دَفَاتِرِي
تَفَجَّرَتْ فِي يَدَيَّ الْيَاسَمِينُ وَالرُّمَّانُ
وَإِنْ نَبَشْتَ تُرَابَ الْأَرْضِ يَا وَطَنِي
رَأَيْتَ تَارِيخَ أَجْدَادِي وَعُنْفُوَانُ
دِمَشْقُ.. إِنْ سَافَرْتُ عَنْكِ مُجْبَرًا
ظَلَّتْ مَعِي فِي فُؤَادِي الْأَرْضُ بُنْيَانُ
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ أَسْرَارُ عَاطِفَتِي
وَفِي الْهَوَى أَلْفُ مِفْتَاحٍ وَأَلْفُ عُنْوَانُ
زِرَاعَةُ الْقَلْبِ تُنْسِي بَعْضَ مُغْتَرِبٍ
لَكِنَّ دَائِي هَوَاكِ.. وَالْجَوَى سُلْطَانُ
مَآذِنُ الشَّامِ تَبْكِي حِينَ أُقَبِّلُهَا
وَفِي بُكَاءِ الْحِجَارَةِ أَلْفُ إِنْسَانُ
هُنَا السَّمَاءُ تُخَبِّئُ الْعِطْرَ فِي أُفُقٍ
وَكُلُّ زَاوِيَةٍ لِلْعِشْقِ أَوْطَانُ
هُنَا الْبُيُوتُ تَحِيكُ الْحُبَّ أُغْنِيَةً
وَفِي زَوَايَا الْحَنِينِ الْيَاسَمِينُ غَانُ
كَيْفَ أَنْسَى قَهْوَةَ الْأَمْسِ فِي بَيْتِنَا
وَطَاحُونَةَ الْبُنِّ.. وَالْهَيْلَ وَالْحَنَانُ
هُنَا أَبِي كَانَ يَسْقِي الْأَرْضَ مِنْ كَفِّهِ
وَهَذِهِ الْأَرْضُ مِنْ صَبْرٍ وَإِيمَانُ
وَكَمْ دِمَشْقِيَّةٍ بَاعَتْ خَلَاخِلَهَا
كَيْ لَا أُغَنِّي لَهَا.. وَالْحُلْمُ أَلْوَانُ
أَتَيْتُ يَا نَهْرَ بَرَدَى مُسْتَعِينًا بِكَ
فَهَلْ تُدَاوِي جِرَاحِي؟ بِنَغْمٍ رَوَانُ
خَمْسُونَ عَامًا.. وَرُوحِي فَوْقَ أَمْوَاجٍ
تُطَارِدُ الْحُلْمَ بَيْنَ الْبُعْدِ وَالْأَشْجَانُ
تَقَاذَفَتْنِي رِيَاحُ الْبُعْدِ مُغْتَرِبًا
فَمَا لِقَلْبِي سِوَى الشَّامِ أَحْضَانُ
أُصَارِعُ اللَّيْلَ فِي شِعْرِي وَفِي أَلَمِي
حَتَّى تَعُودَ لِعُمْرِي الْأُغْنِيَاتُ أَمَانُ
مَا لِلْعُرُوبَةِ تُبْكِي وَجْهَ عِزَّتِهَا؟
أَمَا بَقِيَ بَيْنَنَا قَوْسٌ وَسَهْمُ وِجْدَانُ
يَا أَيُّهَا الشِّعْرُ قُلْ لِي كَيْفَ تُشْرِقُنَا
وَكُلُّ صَوْتٍ مِنَ الْأَنْحَاءِ خِذْلَانُ؟
وَكَيْفَ أُكْتَبُ وَالْأَصْفَادُ فِي شَفَتِي؟
وَفِي حُرُوفِ الْهَوَى كُلُّ أَحْزَانُ
حَمَلْتُ هَمِّي عَلَى شِعْرِي فَجَفَّ دَمِي
لَكِنَّ شِعْرِي هُوَ فِي الْقَلْبِ رَيْحَانُ
1280
قصيدة