عدد الابيات : 37
إِلَيْكِ أَكْتُبُ أَشْعَارِي، وَأَرْسُمُهَا
نَبْضًا يُضِيءُ دُجَى أَيَّامِيَ وَالْخُلُقِ
أُهْدِيكِ حَرْفِي إِذَا ضَاقَ الزَّمَانُ بِنَا
كَأَنَّهُ قُبْلَةُ عِشْقٍ تُهْدِيكِ مِنْ حُرَقِ
إِنِّي أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ يَبُوحُ الْوَجْدُ بِهِ
لَذَابَ شَوْقًا عَلَى الْأُفُقَيْنِ مُرْتَفِقِ
أَنْسَى بِهِ الْكَوْنَ إِلَّا أَنْتِ فَاتِنَتِي
فَأَنْتِ بَدْرِي، وَنَجْمُ اللَّيْلِ فِي الْأُفُقِ
دَنَوْتُ أَرْجُو لِثَامَ الثَّغْرِ مُبْتَسِمًا
فَبَانَ سِرُّ الْهَوَى فِي نُورِهِ الْعَبِقِ
ضَمَمْتُ كَفَّكِ وَالشَّوْقُ اشْتَكَى وَلَهًا
فَقَالَ قَلْبِي: أَفِيضُوا مِنْ هَوَى الْحَدَقِ
قَالَتْ أَمَا الْعِشْقُ فِي دِينِ الْهَوَى نَهْيُ؟
قُلْتُ الْهَوَى دِينُنَا وَالْحُبُّ مِنْ خُلُقِي
قَبَّلْتُ عُنُقَهَا وَالْعِشْقُ يَسْكُنُنَا
فَقَالَتِ ارْفُقْ، فَفِيكَ السَّيْفُ مُنْطَلِقِ
وَهَمَسْتُ: يَا جَنَّتِي، يَا غَيْثَ مُلْهِمَتِي
قَدْ ضَاقَ صَدْرِي، فَكُونِي نَسْمَةَ الْأَلَقِ
فَأَنْتِ لِلْحُسْنِ تَاجٌ فَوْقَ مَمْلَكَةٍ
وَأَنْتِ سِرُّ ابْتِهَاجِ الرُّوحِ فِي الْغَسَقِ
يَا لَيْلَ عَيْنَيْكِ كَمْ أَغْوَيْتَ قَافِيَتِي
حَتَّى غَدَوْتُ أَسِيرَ الشِّعْرِ فِي شَهَقِ
فَكُلُّ حَرْفٍ نَثَرْتُ الْآنَ مِنْ وَلَهٍ
كَأَنَّهُ قُبْلَةٌ تُهْدِيكِ مِنْ عُمْقِي
قَالَتْ: أَيَا شَاعِرَ الْأَشْوَاقِ هَلْ كُتِبَتْ
أَبْيَاتُ قَلْبِكَ لِي، أَمْ خِلْتَهَا رَحَقِ؟
قُلْتُ: الْهَوَى حِينَ يَسْبِي الْفُؤَادَ مَلِكًا
يَصِيرُ قَوْلِيَ عَرْشًا تَحْتَ مُرْتَفَقِ
فَامْلِكِي الرُّوحَ يَا أُنْثَى الْجَمَالِ فَمَا
لِغَيْرِ عَيْنَيْكِ طَيْفٌ فِي رُبَا الطُّرُقِ
قَبَّلْتُ كَفَّكِ قَالَتْ: كُنْ رَفِيقَ هَوَى
قُلْتُ الْهَوَى لَا يُرَى، إِلَّا عَلَى الْعُنُقِ
إِلَيْكِ أَمُدُّ يَدِي، وَاللَّيْلُ مُغْتَسِلٌ
بِمَاءِ عَيْنَيْكِ، فَاضَ النُّورُ فِي الْأُفُقِ
يَا مَنْ تُحْيِينَ نَبْضِي كُلَّمَا بَرِحَتْ
أَوْجَاعُ صَدْرِي، وَزَادَ الشَّوْقُ خَفْقِ
ضَمَمْتُ طَيْفَكِ وَالْأَشْوَاقُ عَاصِفَةٌ
كَالْبَحْرِ يَجْتَاحُ مَنْ فِي حُبِّهِ غَرِقِ
يَا أَنْتِ، يَا نَجْمَةً تُهْدِي الْمُحِبَّ إِذَا
ضَلَّ السَّبِيلَ، وَيَا أَسْرَارَ الْحَدَقِ
نَادَيْتُ بِاسْمِكِ، فَانْشَقَّتْ سَمَاوَاتِي
وَصَارَ صَوْتِي صَلَاةً فِي دُجَى صِدْقِي
قَبَّلْتُ ثَغْرَكِ، فَاضَ الْكَوْنُ أُغْنِيَةً
مِنْ أَلْفِ عِطْرٍ تَهَادَى سِحْرَ رَقْرَقِ
قَالَتْ: أَرَاكَ كَسَيْفٍ فِي يَدِي وَلَهِي
أَجْرَى دِمَائِي، وَأَحْيَا جُرْحَ مُغْتَلِقِ
قُلْتُ: أَنَا عَاشِقٌ مُذْ كَانَ لِي أَمَلٌ
أَنِّي أَذُوبُ بِعَيْنَيْكِ، الْحُلَى غَرِقِ
ضُمِّي الْحُرُوفَ إِلَيْكِ الْآنَ مُنْكَسِرًا
عَلِّي أُعِيدُ بِحُبِّكِ صَوْغَ مَا يَتَفَرَّقِ
كُلُّ الْعُشَّاقِ مَنِ الْغَيْمَاتِ أُمْنِيَتُهُمْ
وَأَنْتِ أَمْطَارُ رُوحِي، فَجَدِّدِي عِشْقِ
قَالَتْ: أَيَا شَاعِرَ الْأَشْوَاقِ، مَا طَلَبِي؟
أَهْفُو لِقَلْبٍ إِذْ نَادَيْتُهُ جَاءَ سَبْقِ
أَتَمَنَّى مِنْكَ وُعُودًا لَا يُكَذِّبُهَا
رِيحٌ، وَلَا يَنْثَنِي عَنْهَا يَدُ الرِّفْقِ
قُلْتُ: هَوَاكِ بِقَلْبِي كَالنُّجُومِ مَتَى
أَفَلَتْ، تَظَلُّ تُضِيءُ اللَّيْلَ فِي غَسَقِ
إِنِّي أُقِيمُ بِعَرْشِ الْحُبِّ سَيِّدَةً
أَنْتِ الْمَلِيكَةُ، لَا نِدَّ عَلَى وَثْقِ
قَالَتْ: أُرِيدُ عِنَاقًا مِنْكَ يَنْطِقُنِي
فَالْعِشْقُ يُزْهِرُ إِنْ كَانَ الْهَوَى عُنُقِي
قَبِّلْ جَبِينِي، وَدَعْنِي فِيكَ مُتَوَهِّجًا
حَتَّى أَرَى فِيكَ رُوحِي دُونَ مَا قَلَقِ
قُلْتُ: الْعِنَاقُ صَلَاةُ الْعَاشِقِينَ، وَهَلْ
فِي الدِّينِ مَنْ يَنْثَنِي عَنْ وَلَهٍ وَعِشْقِ؟
إِنِّي أُحِبُّ ثَغْرَكِ وَعَبِيرَهُ وَأَرْقُبُ
شَوْقَ الْعُيُونِ إِلَى أَشْعَارِهَا الْوَرِقِ
فَكُونِي وَعْدَ الْحَيَاةِ، الْحُبَّ، مُعْجِزَتِي
وَدَثِّرِي قَلْبَيْ حُبَّ شَهْدِ ثَغْرِكِ النَّقِي
يَا كَوْكَبَ الرُّوحِ، يَا أَنْغَامَ قَافِيَتِي
تَبْقَيْنَ شَمْسَ الْهَوَى فِي بَيْرَقِ الشَّرْقِ
1280
قصيدة