عدد الابيات : 64
طباعةأَنَا الَّذِي كُسِرَتْ أَمَامَ شِعْرِي مَمَالِكٌ
وَأَعْلَنَتِ الْأَقْمَارُ حُبِّي عَلَى الْأُمَمِ
هِيَ كُلُّ أَسْرَارِ الْهَوَى فِي بَسْمَةٍ
كَأَنَّهَا صُبْحٌ تَنَفَّسَ بَعْدَ السَّقَمِ
قَصَائِدِي تَصْعَدُ كَالنَّارِ فِي لَهَبٍ
تُعِيدُ لِلْحُبِّ تَاجًا فَوْقَ مُعْتَصَمِ
أَمَا كَتَبْتَ عَنْ يَدَيْهَا؟ ذَاكَ مُعْجِزَةٌ
كَأَنَّهَا الْبَدْرُ يَسِيرُ فَوْقَ أَنْجُمِ
وَأَمَا وَصَفْتَ حَدِيثَ عَيْنَيْهَا؟ فَإِنَّهَا
لُغَةُ الْجَمَالِ الَّتِي تُحْيَا عَلَى الْقِيَمِ
هِيَ قُبْلَتِي، وَصَلَاتِي فِي سَمَاوَاتِي
وَهِيَ الْكِتَابُ الَّذِي آمَنْتُ مِنْ عِلْمِ
يَا نِزَارُ، اسْمَعْ: قَصِيدَتِي تَرْتَقِي
كَمَا النُّجُومُ، فَلَا تَرْجِعْ إِلَى الْوَهْمِ
إِنْ كُنْتَ قَدْ سَطَّرْتَ حُبًّا فِي شِعْرِك
فَأَنَا الَّذِي جَعَلْتُهُ تَاجًا عَلَى الْعَلَمِ
يَا نِزَار، أَظَنَنْتَ أَبْحُرَ قَصَائِدِي
كَبَحْرِكَ الْمُنْسَابِ فِي نَهْرِ الْعِصَمِ
أَنَا الَّذِي حَمَلْتُ فِي كَفِّي مَجَرَّاتٍ
وَصُغْتُ مِنْهَا شُمُوسَ الْحُبِّ وَالْغَرَمِ
هِيَ فِي دَمِي نَبْضُ الْحَيَاةِ إِذَا خِفْتَ
وَهِيَ الْجَوَابُ إِذَا ضَاعَتْ يَدُ الْقَلَمِ
أَسْمَعُ حَدِيثَ هَوَاهَا بَيْنَ أَنْفَاسِي
كَأَنَّهَا وَحْيٌ يُمْلَى هَمْسًا عَلَى نَسَمِ
أَقْسَمْتُ بِالشَّعْرِ، لَا شَيْءٌ يُضَاهِينِي
إِذَا ذَكَرْتُ عُيُونَهَا أَوْ ذِكْرَ مُبْتَسِمِ
يَا نِزَارُ، شِعْرِي لَيْسَ كَلِمَاتٍ تُقَال
هُوَ لَهِيبٌ يَشْتَعِلُ فِي قَلْبٍ وَكُلِّ فَمِ
تَحَدَّثْتُ عَنْ خَدِّهَا، فَاسْتَحْيَا الْوَرْدُ
وَسَكَتَ الْمِسْكُ، كَأَنَّ الْحُسْنَ لَمْ يُسَمِّ
هِيَ قَمَرٌ يَرْقُصُ النَّدَى تَحْتَ ظِلِّهِ
وَشَمْسُ ضَحَكَاتِهَا تُحْنِي سَمَا الْعَدَمِ
يَا أَنْتَ، كَيْفَ يَجْرُؤُ الْغَيْمُ أَنْ يُخْفِيَهَا
وَهِيَ الْمَطَرُ الَّذِي يُعِيدُ لَوْنَ النَّغَمِ
كُلُّ الْجَمَالِ الَّذِي قِيلَ قَدِ اخْتَصَرْتُهُ
فِيهَا، وَفِي دِفْءِ يَدَيْهَا إِذَا الْتَحَمِ
أَنَا الْهَوَاءُ الَّذِي يَغْزُو مَسَامَاتِك
حَتَّى تُذِيبَك أَنْفَاسِي بِلَا تَكَلُّمِ
أَنَا الَّذِي سَكَبْتُ الْعِشْقَ مِنْ عَيْنَيْهَا
حَتَّى شَرِبْتَ جَمَالَ الْكَوْنِ مِنْ قِدَمِ
هِيَ أُسْطُورَةُ النِّسَاءِ الَّتِي خُلِقَتْ
مِنْ كُلِّ حُسْنٍ، وَمِنْ أَسْرَارِ كُلِّ يَمِ
يَا نِزَارُ، دَعْ قَلَمَك يَرْتَاحُ فِي دَهْشَةٍ
فَقَدْ خَطَوْتُ مَمَالِكَ السِّحْرِ بِالْحُلُمِ
أَقُولُ فِي وَصْفِهَا مَا لَمْ يَقُلْهُ بَشَرٌ
وَأَجْعَلُ الْحَرْفَ نَارًا دُونَ مَا أَلَمِ
ثَوْبُ الْحَيَاءِ عَلَى خَدِّهَا يَنْطِقُ عِشْقًا
كَأَنَّهُ الْمَطَرُ الْأَوَّلُ عَلَى شَجَرِ الْعَدَمِ
عَيْنَاهَا؟ لَا، هُمَا فِي أَصْلِهَا شِعْرَانِ
يَرْسُمَانِ مَجْدَ الْهَوَى فِي وِجْدَانِ الْأُمَمِ
شَعْرُهَا لَيْلٌ يُطِلُّ مِنْهُ السَّحَرْ
تَتْبَعُهُ أَرْوَاحُ الْعُشَّاقِ فِي نَغَمِ
لَا تَسْأَلُونِي عَنْ جَمَالِهَا، يَكْفِيكُمْ
أَنَّ فِي ابْتِسَامَتِهَا يُمْحَى كُلُّ هَمَمِ
قَدْ قُلْتَ يَوْمًا فِي غَرَامِ دِمَشْقَنَا
أَنَّ الْهَوَى زَيْتُونُهَا وَالنِّعَمِ
وَهَا أَنَا أَكْتُبُ الشَّآمَ بِحَرْفِهَا
وَأَجْعَلُ التَّارِيخَ مِنْهَا عَلَمِ
ذَكَرْتَ بَيْرُوتَ، وَسِحْرَ بِحَارِهَا
وَأَنَّهَا وَجَعٌ كَأَنَّ الدَّهْرَ فَمِ
لَكِنَّهَا عِنْدِي كَأَنَّهَا مَرْسَى الْعُلَا
تُشْرِقُ شَمْسًا فَوْقَ بَحْرٍ مُعْظَمِ
أَبْنِي لَهَا قَصْرًا مِنَ الْعِزِّ الْعَتِيقِ
وَأَرْسُمُ الْمَجْدَ الَّذِي بِهِ مُخْتَمِ
وَقَدْ بَكَيْتَ الْحُبَّ حُزْنًا وَأَدْمُعًا
لَكِنِّي أُضِيءُ اللَّيْلَ بِالشِّيَمِ
وَكُلُّ أُنْثَى عِنْدَ شِعْرِي كَوْكَبٌ
تُضِيءُ قَلْبَ الْعَاشِقِينَ خُطُمِ
ذَكَرْتَ قَيْسًا، وَجُنُونَ حُبِّهِ
وَهَا أَنَا أُكْمِلُ عِشْقَهُ، وَمُلْتَزِمِ
سَارَّة لَدَيَّ تَاجُ كُلِّ قَصِيدَةٍ
قَدْ أَلْهَمَتْ فِي الشِّعْرِ عِشْقًا مُلْتَمِ
وَقَدِ اسْتَحْضَرْتَ زُهَيْرًا فِي بَيَانِكَ
فَدَعْنِي أُعِيدُ الصِّدْقَ فِي الْكَلِمِ
عَنْتَرَةٌ عَادَتْ سُيُوفُهُ فِي دَمِي
وَأُحْيِي بِهَا الْحُبَّ فَوْقَ الْأَلَمِ
وَقَدْ رَأَيْتَ الْحُبَّ نَارًا وَحُرْقَةً
وَأَنَا أَرَاهُ وَاحَةً حُبًّا لِلْحُلُمِ
فَالشِّعْرُ عِنْدِي قُبْلَةٌ لِلْكَوْنِ، لَا
سَيْفٌ يُقَطِّعُ بِالْوَهْمِ وَالْهَمَمِ
يَا نِزَارُ، اسْمَعْ حَدِيثَ قَصِيدَتِي
مِنْ قَلْبِ حُبٍّ لَا يُحَابِي الظُّلْمِ
كَتَبْتَ عَنِ الْأُنْثَى كَأَنَّهَا مَتَاعٌ
لَكِنَّهَا عِنْدِي عَرْشُ الْحُكَمِ
هِيَ الْمَلِيكَةُ فَوْقَ تَاجِ زَمَانِنَا
وَفِي يَدِهَا دِيوَانُ عِشْقٍ عَظُمِ
هِيَ الْمَلَاذُ إِذَا تَرَاكَمَ جُرْحُنَا
وَهِيَ الشِّرَاعُ وَسَطَ بَحْرِ السَّأَمِ
هِيَ الْفُصُولُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ عَهْدُهَا
رَبِيعُهَا خَالِدٌ، وَنَبْعُ بَذْلِ الْكَرَمِ
كَتَبْتَ يَوْمًا عَنِ النِّسَاءِ وَأَلَمِهِنَّ
فَجِئْتُ أَرْوِي عَنِ الْجَمَالِ السَّلَمِ
هِيَ الَّتِي إِنْ غَابَ شِعْرُكَ ظِلُّهَا
أُشْعِلْتُ فِي دَرْبِ الْمُحِبِّينَ الْقِيَمَ
أَرْثِي لِزَمَنٍ فِيهِ لِلْحُبِّ وَصْمَةٌ
وَلِكُلِّ عِشْقٍ فِي رُبُوعِ الظُّلْمِ
أَرَى الْحَبِيبَةَ فِي كَمَالِ طَلْعَتِهَا
كَأَنَّهَا بَدْرٌ يَقُودُ الْمَجْدَ لِلْعَلَمِ
مَاذَا تَقُولُ يَا نِزَارُ عَنِ الْهَوَى؟
وَأَنَا حُرُوفِي تَسْحَرُ بِهَا الْأُمَمِ
هِيَ الْمَلِيكَةُ فَوْقَ تَاجِ زَمَانِنَا
وَفِي يَدِهَا دِيوَانُ عِشْقٍ عَظُمِ
كَتَبْتَ يَوْمًا عَنِ النِّسَاءِ وَأَلَمِهِنَّ
فَجِئْتُ أَرْوِي عَنِ الْجَمَالِ الشِّيَمِ
تَغَنَّيْتَ بِالنِّسَاءِ بَحْرًا مِنْ جُنُونٍ
وَنِسَاؤُنَا أَرْضٌ، وَحُلْمٌ لَا يَهِيمِ
ذَكَرْتَ أَنَّ الْحُبَّ طُوفَانٌ عَظِيمُ
فَمَا رَأَيْتَ النَّهْرَ يَجْرِي بِالْكَرَمِ
وَقُلْتَ بِأَنَّ الْعِشْقَ مَوْتٌ فِي الْمَسَاءِ
لَكِنَّهُ صُبْحٌ يُزْهِرُ فِيهِ سِحْرُ النَّسَمِ
ذَكَرْتَ فِي حَلَبِ الْهَوَى صَوْتَ الْأَذَانِ
فَهُوَ عِنْدِي طَيْفُ عِزٍّ قَدِيمِ
وَحِينَ قُلْتَ الْحُبَّ يَسْكُنُ فِي الْحُرُوبِ
فَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ سَلَامٌ، وَسَلِيمِ
كَتَبْتَ عَنِ الْأَنْدَلُسِ حُزْنًا وَأَطْلَالًا
فَهَا أَنَا أَجْعَلُهَا فَخْرًا مُسْتَقِمِ
أَنْدَلُسُنَا لَيْسَتْ لِذِكْرَى مِنْ غُبَارٍ
بَلْ هِيَ بُسْتَانٌ، وَشَمْسٌ لَا تُهَمِ
وَذَكَرْتَ قُرَيْشًا فِي حَدِيثٍ عَنِ الْجَمَالِ
وَهَا أَنَا أَكْتُبُهَا مَجْدًا عَظِيمِ
قُلْتَ بِأَنَّ السَّيْفَ يَذْبَحُ كُلَّ حُلْمٍ
فَمَا رَأَيْتَ قَلَمِي حَرْبًا، وَشِيمِ
حُرُوفُكَ ثَارَتْ كَأَنَّ الدَّمْعَ سَيِّدُهَا
لَكِنَّهَا عِنْدِي كَنَجْمٍ لَا يُظْلَمِ
أَنَا الَّذِي سَطَّرَ الْجَمَالَ بِآيَتِي
وَجَعَلْتُ شِعْرِي فِي الْعُقُولِ خُتَمِ
أَكْتُبُ أَنَا مَا لَمْ يُسَطَّرْ فِي الدُّنَا
وَأُلْبِسُ الْكَلِمَاتِ تَاجَ الْحِكَمِ
1280
قصيدة