عدد الابيات : 35
أَلَا فَاسْمَعِي يَا سَارَةَ الْقَلْبِ مَذْهَبُ
فَإِنَّكِ لِي فِي مُهْجَتِي خَيْرُ صَاحِبُ
تَغَلْغَلَ حُبُّكِ فِي شَرَايِينِي خَفِيَّةً
كَنَجْمٍ تَوَارَى، ضَوْؤُهُ لَيْسَ غَائِبُ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا طَيْفُ سِحْرٍ يَسْرِي بِنَا
إِلَى حَيْثُ أَرْوَاحُ الْأَحِبَّةِ تَجَانَبُ
تُؤَرِّقُنِي الْأَشْوَاقُ حَتَّى كَأَنَّهَا
سِهَامٌ بِأَعْمَاقِ الضُّلُوعِ تَصَابُبُ
فَيَا شِعْرَ قَلْبِي ، زِدْنِي حُسْنَ وَصْفِهَا
لَعَلَّ سُهَادَ الْقَلْبِ عَنْهَا يُغَالِبُ
عُيُونٌ كَسِحْرِ الْفَجْرِ تَسْبِي قُلُوبَنَا
وَوَجْهٌ كَرَوْضٍ فِيهِ زَهْرٌ يُسَاعِبُ
وَفِي شَعْرِهَا لَيْلٌ بِهِ السِّحْرُ مُكْتَمِلٌ
إِذَا أَقْبَلَتْ، غَابَتْ شُمُوسٌ وَكَوَاكِبُ
وَصَوْتُكِ يَا سَارَةُ نَدًى فِي مَسَامِعِي
كَأَنَّهُ فِي الصُّبْحِ شَدْوُ الْعَنْدَلِيبُ
أَلَا يَا جَمَالَ الْكَوْنِ إِنْ كُنْتِ صُورَةً
فَأَنْتِ لِمَا خُلِقَ الْجَمَالُ مُصَاحِبُ
فَكَيْفَ أُطِيقُ الْبُعْدَ عَنْكِ وَسِحْرُكِ
يَدُومُ كَأَنَّ الْعُمْرَ لَوْلَاكِ كَاذِبُ
إِذَا مَا هَبَّتْ رِيحُكِ، الْقَلْبُ دَابِبُ
كَعُودٍ عَلَى نِيرَانِ شَوْقٍ يَتَلَاهَبُ
فَكُلُّ زَمَانٍ دُونَ وَصْلِكِ قَاتِمٌ
وَكُلُّ مَكَانٍ دُونَ طَيْفِكِ خَرَائِبُ
أَحِنُّ إِلَيْكِ كَحَنِينِ غَيْمٍ لِمَطَرِهِ
وَكَالْعُشْبِ فِي صَيْفٍ جَفَا عَنْهُ سَحَابُ
أَمَا اللَّيْلُ إِلَّا صَمْتُ رُوحٍ مُعَذَّبٍ
إِذَا غَابَ عَنْ قَلْبِ الْحَبِيبِ الْمُحَابُ
فَأَنْتِ الشُّرُوقُ الْحُلْوُ بَعْدَ ظَلَامِهِ
وَأَنْتِ الرَّجَاءُ حِينَ يَخْبُو الْمُصَابُ
عَهِدْتُكِ حُبًّا صَادِقًا غَيْرَ زَائِلٍ
وَعَهْدُ الْهَوَى مَا بَيْنَنَا غَيْرُ خَائِبُ
لَئِنْ غَابَ عَنْ عَيْنَيَّ جَمَالُكِ لَحْظَةً
فَفِي الْقَلْبِ وَعْدٌ لَا تُخَانُ عَوَاقِبُ
أَظَلُّ عَلَى عَهْدِي، وَإِنْ طَالَ بَيْنَنَا
زَمَانٌ بِهِ قَدْ تُمْحَى وُجُوهٌ وَمَنَاصِبُ
وَإِنْ بَاعَ أَهْلُ الْحُبِّ عَهْدًا بِخَاسِرٍ
فَعَهْدِي إِلَى رُوحِكِ دَوْمًا يُقَارِبُ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَا تَرَاهُ الْحَوَاسُّ بَلْ
يَرَاهُ الْفُؤَادُ، وَالْعَقْلُ عَنْكِ يُحَارِبُ
أَيَا بُعْدَ سَارَةَ، كَيْفَ يَسْلُو مُحِبُّهَا؟
وَكَيْفَ يَعِيشُ الْقَلْبُ وَالنَّبْضُ وَاثِبُ؟
كَأَنِّي وَحِيدٌ فِي دِيَارٍ غَرِيبَةٍ
غَرِيبُ الْهَوَى عَنْ كُلِّ حُبٍّ وَحاسُبُ
أُسَائِلُ عَنْ وَجْهِكِ الْغَيْمَ وَالسَّنَا
وَأَشْكُو إِلَى النَّجْمِ الَّذِي كَانَ رَاقِبُ
أَيَا لَيْتَ قُرْبَ الدَّارِ حُلْمٌ يُحَقِّقُ
فَتُصْبِحُ هَذِي الْأُمْنِيَاتُ تُصَاحِبُ
وَلَكِنَّهَا أَقْدَارُ حُبٍّ مُعَذَّبٍ
كَطَيْرٍ جَنَاحَاهُ إِلَى الْأَرْضِ جَاذِبُ
إِلَهِي، أَجِبْ دَعْوَايَ، وَاجْمَعْ مُحِبَّتِي
بِمَنْ هِيَ رُوحِي، وَالْقَرِيبُ الْمُقَارِبُ
دَعَوْتُكَ رَبِّي، فَاجْعَلِ الْحُبَّ قُرْبَهَا
فَمَا لِي سِوَاكَ حِينَ يُغْلَقُ بَابُ
وَإِنَّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِحُبٍّ نَقِيِّهَا
يَعِيشُ وَفِي قَلْبِهِ دُعَاءٌ يُوَاكِبُ
فَيَا رَبَّ هَذَا الْكَوْنِ زِدْنِي لِقَاءَهَا
وَأَنْعِمْ عَلَى عُمْرِي بِمَا هُوَ وَاجِبُ
فَلَا شَيْءَ فِي الدُّنْيَا كَحُبٍّ صَرِيحِهَا
تَظَلُّ بِهِ الْأَرْوَاحُ دَوْمًا تُعَاقِبُ
هُنَا يَا سَارَةُ قَدْ كَتَبْتُ مُعَلَّقِي
بِأَنَّكِ حُبٌّ فِي الْحَيَاةِ يُغَالِبُ
لَئِنْ كَانَ لِلشُّعَرَاءِ سِحْرٌ وَعِبْرَةٌ
فَأَنْتِ الْبَيَانُ الْمُسْتَفِيضُ الْعَجَائِبُ
فَيَا قَارِئِي، إِنَّ الْهَوَى لَيْسَ كَاذِبًا
إِذَا مَا غَدَا لِلصِّدْقِ وَالْحُبِّ كَاتِبُ
فَهَذَا الْهَوَى لِلْعَالَمِينَ قَصِيدَةٌ
تَفُوقُ بِعَذْبِ الْقَوْلِ كُلَّ الْمَنَاقِبُ
وَدَاعًا لِقَلْبٍ مَا رَآهَا مُشَرَّفًا
وَلَكِنَّهُ فِي حُبِّهَا غَيْرُ تَائِبُ
1280
قصيدة