تجيء الحروب

 
تجيءُ الحروبُ
فكيف ستنجو مِنَ الطّائراتِ
وتصحو مُعافى مع الفجرِ
تصنعُ شايَكَ
تشربُهُ في هدوءٍ على نغمِ العودِ
يأتيكَ مِنْ عزفِ ريشةِ ساقيةٍ قربَ بيتِكَ تجري
وكيف ستأكلُ خبزَكَ مستمتعًا
والجنودُ يهزّونَ بابَكَ هزًّا بقرعٍ عنيفٍ عليهِ
وفوقَ سطوحِكَ يسقطُ قيءُ القذائفْ؟
 
وكيف ستمشي الطّريقَ
وتمضي إلى كوخِ جدِّكَ مبتسمًا
والأفاعي عليهِ زواحفْ؟
 
وكيف ستطبعُ قُبلةَ عشقٍ على ثغرِ مَنْ همتَ حُبًّا بها
والعدوُّ الرّقيبُ أمام مخادعِ نومِكَ واقفْ؟
 
وكيف ستتلو مزاميرَ سُبْحٍ لربِّكَ منتشيًا شاكرًا
والفؤادُ بصدرِكَ مثْلَ عصافيرَ طاردَها الصّقرُ خائفْ؟
 
وكيف بمقهاكَ تجلسُ حُرًّا
تعيدُ حكاياتِ ماضيكَ
تنسجُها مِنْ جديدٍ
لتبدوَ أجملَ مِنْ قبْلُ
والنَّردُ تلعبُهُ معْ صديقٍ محبٍّ قديمٍ
وتضحكُ إنْ قمتَ منتصرًا
وبكَ الجرحُ نازفْ؟
 
وكيف ستقرأُ شِعرَ المعرّيِّ في ظلِّ داليةٍ عندَ نهرٍ صغيرٍ جميلٍ ببطءٍ يسيرُ
وتكتبُ شيئًا على دفترِ الذّكرياتِ ليبقى لأبنائِكَ الصّاعدينَ إلى جبلٍ شدتَهُ أنتَ
والسّيلُ أرضَكَ جارفْ؟
 
وكيف ستُصغي إلى ما يهذِّبُ سمْعَكَ
والذّئبُ جاءكَ يعوي
وريحُ الضّجيجِ تهبُّ عليكَ
وترضعُكَ الجهلَ
واللّغوُ حولَكَ عاصفْ؟
 
وكيف سترجعُ للبيتِ
تحملُ حلوى وفاكهةً وشرابًا وبعضَ اللّحومِ لأمسيةٍ حلوةٍ تشتهيها لسكّانِ بيتِكَ
والكرْمُ والنّبعُ والقمحُ موتى
وكلُّ الّذي يركلُ القحطَ ناشفْ؟
 
تجيءُ الحروبُ
فلا دامَ تنّورُها لاهبًا
ولْتمُتْ
ولْتزُلْ كالضّبابِ
وتُدفَنْ بأيدي المحبّينَ للغدِ يأتي بهيًّا نقيًّا. 
تجيءُ الحروبُ
اقتلوها
ولا توقظوها
فإنَّ الجحيمَ بها مُوقَدٌ
والوجودَ بها وجهُهُ عابسٌ كالحٌ
ومياهُ مسرّتِهِ مُرّةٌ
وهْو فيها
على أبحُرٍ مِنْ هزائمَ طائفْ

القس جوزيف إيليا
٢٥ / ١٠ / ٢٠٢٣