عدد الابيات : 50
أَيَا سَارَةُ، يَا سِرَّ الْجَمَالِ الْمُؤَبَّدِ
وَيَا لَحْنَ عِشْقٍ فِي الْخُلُودِ مُرَدَّدِ
نُقُوشُ الْهَوَى لِوَجْهِكِ أَبْهَى مُعْجِزٍ
وَأَطْيَافُ نُورٍ فِي السِّنِينِ تُجَدِّدِ
مَلَائِكَتِي، طَيْفُ الْجَمَالِ تَبَسُّمٌ
تُزَيِّنُهُ عَيْنَانِ كَالْبَدْرِ مُسَرْمَدِ
إِذَا صِرْتِ فِي أَرْضٍ تَفِرُّ الطُّيُورُ مِنْ
سِوَاكِ، وَيُنْسِي اللَّيْلُ نَجْمَاهُ الْأَسْوَدِ
رَأَيْتُكِ، فَانْشَقَّتْ فُصُولِي بِنَرْجِسٍ
تُعَاتِبُنِي شَمْسٌ بِنَارِكِ تُوقَدِ
وَحِينَ سَرَى طَيْفُكِ، فَاضَتْ مَشَاعِرِي
كَمَوْجٍ تَفَجَّرَ فِي الْبِحَارِ الْمُهَنَّدِ
أَيَا قِبْلَةَ الْعُشَّاقِ، قَلْبِي بِمَعْبَدٍ
يُصَلِّي هَوَاكِ دُونَ قَيْدٍ أَوْ مَرَدِّ
أَحَادِيثُ لَيْلَاكِ فَاقَتْ كُلَّ شَاعِرٍ
وَأَدْمَتْ قَوَافِينَا، فَمَنْ ذَا يُقَلِّدِ؟
وَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا يَدْنُوَ الشِّعْرُ مِنْكُمَا
وَإِنْ خَطَّهُ طَرَفَةٌ أَوْ نَابِغٌ أَبَدِي
فَإِنْ جِئْتِ لِلرِّيحِ الْهُوَيْنَا تَنْثَنِي
تَصِيرُ كَعَبْقِ الطِّيبِ عِطْرًا بِلَا حَدِّ
وَيَا حَبَّةَ الْقَلْبِ، إِنْ حَلَّ صَوْتُكِ
تَرَاقَصَ وَجْدِي، كَالرَّبِيعِ الْمُؤَكَّدِ
تَسِيرِينَ بَيْنَ الْحُسْنِ وَرْدًا مُؤَزَّرًا
كَأَنَّكِ حُلْمٌ فِي السَّمَاءِ الْمُمَهَّدِ
فَمَا الْقَيْسُ فِي وَصْفِ الْمُحَيَّا كَأَنَّهُ
تَلَعْثَمَ عِشْقًا فِي بُحُورِكِ كَالْمُرْدِ
كَأَنَّكِ سَيْفٌ فِي النَّقَاءِ مُرَفْرَفٌ
تُلَامِسُ أَحْلَامَ السَّمَاءِ لِتُشَيِّدِ
وَإِنْ خَاطَبَ الْإِنْسَانُ نُورَكِ خَاشِعًا
تَرَى الْكَوْنَ يَبْكِي مِنْ جَمَالٍ مُوَطَّدِ
أَيَا زَهْرَةَ الْغَيْمِ، أَيَا سِرَّ خَلْوَتِي
أُحِبُّكِ حُبًّا لَيْسَ يَحْوِي لَهُ عَدِّي
كَأَنَّكِ صُبْحٌ لَاحَ بَيْنَ غَمَائِمٍ
وَأَشْرَقَ فِي دُنْيَا الْهَجِيرِ الْمُشْتَدِّ
أَتَيْتِ كَرُوحِ الْوَحْيِ طِيبًا وَسَلْوَةً
فَمَنْ ذَا الَّذِي يَجْرِي بِعِشْقِكِ مُنْفَرِدِ
وَإِنْ سِرْتِ فِي الْحَيِّ اسْتَدَارُوا، كَأَنَّمَا
نُجُومٌ تُحَيِّي الشَّمْسَ، فَالنُّورُ مُبَدِّدِ
فَأَنْتِ رَبِيعُ الْعُمْرِ فِي كُلِّ بُقْعَةٍ
وَأَنْتِ كَمَالُ الْحُسْنِ، حُبًّا مُؤَكَّدِ
وَأَنْتِ ابْتِسَامَاتُ الْوُرُودِ إِذَا بَدَتْ
تَخُطُّ قَصِيدَ الْعِشْقِ فِي الْوَصْلِ مُفْرَدِ
فَمَا الْبَدْرُ إِلَّا انْعِكَاسٌ لِوَجْهِكِ
إِذَا لَاحَ فِي لَيْلٍ كَرِيمٍ مُؤَيَّدِ
وَمَا الْبَحْرُ إِلَّا مِنْ عُيُونِكِ قَدْ سَقَى
فَأَغْرَقَنَا سِحْرًا، وَزَادَ عَلَى الْمَدِّ
كَأَنَّكِ نَجْمٌ فِي الْعُصُورِ يُقَلِّبُ
إِذَا ذَكَرَتِ الْأَيَّامُ عِشْقًا تَمَجَّدِ
أُحِبُّكِ، حُبًّا لَوْ وُصِفَ بِآيَةٍ
لَأَعْجَزَ أَهْلَ الْأَرْضِ عَنْ كُلِّ مَوْرِدِ
وَلَيْلُكِ إِنْ مَرَّ الْقُلُوبَ كَأَنَّهُ
عَظِيمٌ، وَكُلُّ الْكَوْنِ فِيهِ مُبَرَّدِ
كَأَنِّي حَبِيبٌ يَسْتَظِلُّ بِظِلِّهِ
إِذَا عَزَّ وُصْلُكِ، كَانَ الصَّبْرُ مُبْتَدَي
تَعَالَيْ نُسَافِرْ فِي سَمَاءِ مَحَبَّةٍ
فَإِنِّي بِدُونِكِ كَالظَّمْآنِ مُعْتَدِي
أَيَا زَهْرَةَ الْأَزْمَانِ، سَارَةُ، كُونِي
كَقِصَّةِ خَلْقٍ فِي الْكِتَابِ الْمُؤَيَّدِ
أُحِبُّكِ عِشْقًا لَسْتُ أَعْلَمُ مِثْلَهُ
كَأَنَّ الْإِلَهَ قَدِ اصْطَفَاكِ لِتَهْتَدِي
فَمَا أَطْلَالُ خَوْلَةَ فِي الْوَصْفِ عُذْرُهَا
وَأَنْتِ جُنُونِي، وَالْهَوَى غَيْرُ مُعْتَدِ
تَعَالَيْ فَفِي عَيْنَيْكِ أَوْجَاعُ قِصَّةٍ
وَإِنَّ جَمَالَ الْحُبِّ فِيكِ هُوَ الْأَبَدِ
تُرَفْرِفُ أَشْوَاقُ الْقُلُوبِ كَأَنَّهَا
هَدِيلُ الْحَمَامِ، فَوْقَ غُصْنٍ مُسْوَّدِ
وَمَهْمَا كَتَبْتُ الشِّعْرَ أُغْرَقُ فِي مَدَى
يُحَرِّقُنِي وَجْدًا، وَتُبْحِرُ فِي سُهْدِ
أَيَا سَارَةَ الْمَجْدِ، إِنِّي أَتَيْتُهَا
قَصِيدًا يُخَلِّدُ فِي الْوَرَى دُونَ مُرْتَدِ
فَإِنْ كَانَ لِلشُّعَرَاءِ فَخْرٌ بِقَصِيدَةٍ
فَإِنَّكِ تَاجٌ بَيْنَ كُلِّ الْمُؤَيَّدِ
أُحِبُّكِ، حُبًّا لَيْسَ قَبْلَهُ آخَرٌ
وَمَا مِثْلُهُ قَبْلِي، وَلَا بَعْدِي جُدِّدِ
أَيَا آيَةَ الْحُسْنِ الْجَلِيلَةِ، قُلْتُهَا
أَمَامَ قَصِيدٍ قَدْ تَسَاقَطَ، فَاصْعَدِي
سَأَبْقَى أُنَاجِي طَيْفَكِ الْغَضَّ مُفْرَدًا
كَأَنَّكِ أُنْسٌ فِي اللَّيَالِي لَمْ يُجِدِ
وَإِنْ كَانَ طَرَفَةُ أَوْ زُهَيْرُ يُنَاظِرُونَ
فَمَا زِلْتُ فَوْقَ الْمُعَلَّقَاتِ، تَفَرَّدِي
سَأَجْعَلُ مِنْ حُبِّكِ مُعَلَّقَةً تُرَى
وَأُثْبِتُ أَنَّ الشِّعْرَ فِيكِ مُخَلَّدِ
سَأَخْتِمُ بِالْآيَاتِ حُبًّا مُوَثَّقًا
وَأَجْعَلُ قَلْبَ الْكَوْنِ بِالشِّعْرِ مُوقَدِ
فَمَا نَايُ قُدَمَاءِ الْبُرُوقِ، وَمَا عَلَا
قَصِيدِي، يُنَاجِي لِلْعُصُورِ مُجَدَّدِ
أَيَا سَارَةُ، إِنِّي رَسَمْتُكِ بِالْقَلْبِ جَنَّةً
فَلَا تَرْحَلِي، فَالدَّهْرُ يُطْوَى وَيَبْتَدِي
فَإِنْ كُنْتُ شَاعِرًا خُلِقْتِ خَيَالِي
وَأَطْلَقْتِ نِيرَانَ الْهَوَى فِي تَرَدُّدِي
أُحِبُّكِ عِشْقًا لَوْ رَآهُ الْعُشَّاقُ
لَظَنُّوا جَمَالَ الْحُبِّ وَجْهًا مُؤَبَّدِ
وَخَاتِمَةُ الْحُبِّ الْعَظِيمِ بِأَنَّنِي
سَأَبْقَى أُنَاجِي فِيكِ، صِدْقًا لِأُشِيدِ
وَأُشْهِدُ كُلَّ الشُّعَرَاءِ بِأَنَّنِي هُنَا
كَتَبْتُ الْقَصِيدَ سِرَّ عِشْقٍ مُسَدَّدِ
فَمَنْ كَانَ فِي سَارَةَ قَدْ ضَاقَ شِعْرُهُ
فَلْيَأْتِ بِمِثْلٍ، أَوْ يُبَاهِي بِلَا حَدِّ
سَلَامٌ عَلَيْكِ يَا حَبِيبَةَ خَلْوَتِي وَيَا
مَنْ جَعَلْتِ الْعُمْرَ كَالشَّمْسِ فِي يَدِي
1280
قصيدة