من قال؟
 
قال يومًا وقد طرق الموتُ البابَ عليه بقبضةٍ خشنةٍ :
انتظرْ حتّى أعِدّ حقيبتي 
لكنّ الموت لم ينتظره 
فارتحل حاملًا حقيبة خلوده  في التّاسع من آب ٢٠٠٨
إلى الشّاعر محمود درويش في ذكراه.
 
 
مَنْ قالَ : 
كما العشبِ الهشِّ
سيبلى 
ويموتُ الشّعراءُ؟
 
لا 
هذا كذبٌ 
لا أصلَ لهُ وهُراءُ 
 
إذْ مِنْ بَدءِ التّكوينِ 
وهمْ حقلُ كلامٍ 
لمْ تهزمْ رونقَ بسمتِهِ 
مهما اشتدّتْ عاصفةٌ بلهاءُ 
 
وهمُ الخِصبُ 
تزيدُ مِساحتُهُ 
وأصابعُهُ تمتدُّ لأوتارِ الخُضرةِ 
تُنطِقُها لحنًا أبديًّا 
لا تُضعِفُ قوّتَهُ 
مهما هجمتْ في بطشٍ وجنونٍ صحراءُ 
 
وهمُ الضّوءُ 
حليبَ شموسٍ زاهيةٍ يُسقى 
فيصيرُ أميرًا بطلًا منتصرًا
 يبني مملكةً بارعةًمِنْ ذهبِ الدّهشةِ 
يعشقُ سُكناها 
ومداخلَها ومخارجَها 
وشوارعَها وحدائقَها أمراءُ 
 
مَنْ قالَ :
الشّعراءُ إذا ركبوا بحرًا متّسِعًا غرقوا فيهِ 
وسطتْ أسماكٌ هيّجَها الجوعُ على ما حملوهُ 
وغدوا عند القاصي والدّاني نَسْيًا مَنْسيًّا؟
لا 
فزوارقُهم فاتنةُ الشّكلِ 
يحبُّ تناسقَ خطوتِها الماءُ 
 
والشّعراءُ 
جبالٌ راسخةٌ شاهقةٌ 
قد وُلِدتْ مِنْ صخرِ المعنى 
والّلغةِ الحُبلى بجنينِ الجِدّةِ واليقظةِ والحُسْنِ 
فكيفَ تهدِّمُهم ضرباتُ سيولٍ وهجومُ زوابعَ؟
يا ما أقبحَها الدّنيا 
إنْ عنها غابَ الشّعراءُ وصاروا مثْلَ دخانٍ يتلاشى 
فهْيَ 
بلا كلماتٍ منهم وقوافيهم
دنيا صامتةٌ خرساءُ 
القس جوزيف إيليا
٩ / ٨ / ٢٠٢٣

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن القس جوزيف إيليا

القس جوزيف إيليا

353

قصيدة

شاعر سوري يكتب الشعر العمودي والتفعيلة

المزيد عن القس جوزيف إيليا

أضف شرح او معلومة