الديوان » القس جوزيف إيليا » تفرح أمّكَ ونحن نحزن

تفرح أمّكَ ونحن نحزن 

 
صديقي المصريَّ الدّكتور عبد الله الشّوربجي ...!
كم كنتُ أحبّك 
إنسانًا طيّبًا نقيًّا وشاعرًا مجدِّدًا عذبًا 
ولكم تحدّثنا معًا طويلًا 
وكأنّي بك قد تنبّأت بموتك في الرّابع عشر من حزيران ٢٠٢٣ فكتبت قبل أيّامٍ قليلةٍ منه قائلًا : 
 
وحين أموتُ ستفرحُ أمّي كثيرًا 
 
وأنا أقول لك وقد طعنْتني بحربة غيابك : 

 
 
نعم 
سوف تفرحُ أمُّكَ 
إذ تلتقي بكَ بعد سنينَ من النّأيِ عنها 
وتفرشُ أرضَكَ وردًا حصيرا 
 
وتسكبُ شايًا بنعناعِ بسمتِها 
وتقولُ : 
أما اشتقتَ للنِّيلِ 
يجري هنا هادئًا وغزيرا
 
تصوغُ على ضفّتيهِ قصيدةَ عشقِكَ للأغنياتِ بحرفٍ نقيٍّ جديدٍ 
يعيدُكَ للشِّعرِ حُرًّا أميرا؟
 
وتخلعُ ثوبَ اغترابِكَ عنكَ 
وتلبسُ ريشَ النّسورِ 
وتنسى يدًا صفعتْكَ 
وكرْمًا عقيمًا أبى أنْ يقدِّمَ خمرًا شهيًّا إليكَ 
وحقلًا كئيبًا غزاهُ جرادٌ عنيفٌ فجفَّ 
فما نلتَ منهُ عبيرا 
 
وتنسى معابدَ لمْ تُحتضَنْ صلواتُكَ فيها 
وحفْلاتِ فوضى بقصرِ الطّغاةِ بها قد سمعتَ لحونَ الدّفوفِ زئيرا 
 
وتنسى ليالي مقاهٍ 
بها لمْ تجدْ سامعًا للّذي كنتَ تحكي 
ووحدَكَ كنتَ هناكَ تصفِّقُ 
ترقصُ 
ثمّ تعودُ لسجنِكَ 
تخفي دموعَكَ 
ملتهِمًا عند جوعِكَ خبزًا عتيقًا مريرا 
 
وتنسى معاركَ 
كم كنتَ فيها جريحًا على الرّملِ ملقًى 
فهيّا بنيَّ تعالَ إليَّ 
لتلقى بقربي سريرا 
 
وحتّى أراكَ 
وقد حاكَ ثوبَكَ ليلُ المواجعِ نجمًا منيرا 
 
ستفرحُ أمُّكَ جدًّا بموتِكَ 
لكنْ سنحزنُ نحنُ كثيرًا كثيرا 

القس جوزيف إيليا
١٥ / ٦ / ٢٠٢٣

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن القس جوزيف إيليا

القس جوزيف إيليا

353

قصيدة

شاعر سوري يكتب الشعر العمودي والتفعيلة

المزيد عن القس جوزيف إيليا

أضف شرح او معلومة