عدد الابيات : 21
جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي كَاللَّيْلِ وَالْقَمَرَا
تَسْرِي بِأَنْفَاسِ الرُّوحِ وَالسَّحَرَا
كَأَنَّهَا مِنْ مَحَارِبِ السَّمَاءِ هَوَتْ
بِمَوْكِبٍ يُسْكِرُ الْأَلْبَابَ وَالنَّظَرَا
يَا نَجْمَ أَوْقِدِ الرُّوحِ لَوْعَتَهَا
كَأَنَّ الصُّبْحَ مِنْ أَنْفَاسِهَا عَبَرَا
يَا فِتْنَةً عَلَّقَتِ النَّفْسَ أَعْيُنَهَا
حَتَّى تَرَكْتِ الْهَوَى بِصَدْرٍ بِالشَّرَرَا
مَاذَا أَقُولُ لِوَجْهٍ لَا أُضَاهِيهِ
إِلَّا اسْتَوْقَدَ الْقَمَرَيْنِ وَقَدَرَا
هَلِ الْبَيَانُ لِسَانٌ غَيْرُ مَا نَطَقَتْ
بِهِ الْمُعَلَّقَاتُ وَأَوْدَعْنَهُ سِفَرَا
مَا جَالَ فِي خَاطِرِ الْفَرَزْدَقِ مِنْ
حُسْنٍ أَتَى خَاشِعًا فِي سِحْرِكِ كَسَرَا
وَلَا تَغَنَّى الْمُتَنَبِّي مَدِيحَ سِوَاهُ
لَوْ شَاهَدَ الْوَجْهَ قَدْ أَعْيَا الْبَشَرَا
يَا زَهْرَةً ضَحِكَتْ أَفْلَاكُهَا خَجَلًا
وَالشَّمْسُ قَدْ أَسْدَلَتْ ضَوْءَهَا خَمَرَا
إِنْ قُلْتُ حُبُّكِ أَفْلَاكٌ تُجَاوِرُنِي
فَكُلُّ كَوْنٍ يَضِيقُ الْقَلْبَ إِنْ عَبَرَا
يَا عَالِمَ الْحُسْنِ، مَا أَبْقَيْتِ مِنْ غَزَلٍ
إِلَّا وَجَدَّدْتِهِ سِحْرًا وَمُؤْتَزَرَا
إِنِّي لَفِيكِ أَرَى شِعْرًا يُغَالِبُنِي
حَتَّى غَدَوْتُ بِهِ مَأْسُورَ مَا اقْتَدَرَا
كَيْفَ السَّبِيلُ وَغَاصَ الْهَوَى بِدَمٍ
كَأَنَّهُ السَّيْفُ بِأَعْمَاقِهِ اعْتَبَرَا
مَا زِلْتُ بِشِعْرِكِ الْمَفْتُونِ لَحْنًا
حَتَّى أَضَعْتُ دَرْبَ الْفِكْرِ إِذَا كَفَرَا
يَا طَائِرَ عَنَاقِيدِ الْجَمَالِ سَرَى
يَزْهُو جَنَاحًا، وَيُهْدِي الْحُسْنَ فِكَرَا
دَعْنِي أُخَاطِبُ نَجْمًا فِي جَبِينِكِ
أَضْحَى الْبَيَانُ كَالطِّيبِ قَدْ عُمِرَا
فَإِنْ تَحَدَّاكِ الْمُتَنَبِّي مُغْتَرِبًا
فِي لَحْنِ غَسَقِهِ، وَلَمْ يَبْلُغِ الْقَدَرَا
هَذَا يَرَاعٌ تَهَادَى مِثْلَ مُقْتَبَسٍ
مِنْ نُورِ عَيْنَيْكِ حَتَّى صَمْتَ الْوَتَرَا
إِنِّي لَأُعْلِي قَوَافِيَّ الَّتِي سَطَعَتْ
فَوْقَ النُّجُومِ، لِأُبْقِيَ الصَّمْتَ فِكَرَا
فَامْنَحِي مِنَ النَّبَضَاتِ مَا تَرَكَتْ
مِنْ ضِيَاءِ رُوحِكِ، كَيْ أُكْمِلَ السِّفَرَا
وَإِنْ تُنَازِعْنِي الْأَكْوَانُ مُرْتَقِبًا
فِيكِ الْكَمَالُ، وَفِي عَيْنَيْكِ مُقْتَدِرَا
1280
قصيدة