عدد الابيات : 35

طباعة

أَلَا إِنَّ لِلدَّهْرِ يَدًا لَا تُنَازِعُ

تُسَيِّرُ مَا شَاءَتْ، وَمَا شَاءَ وَاقِعُ

تُطَاوِلُ أَعْمَارَ الْأَنَامِ عُرُوشُهُمْ

وَإِنْ طَالَ رُكْنٌ فَالسُّدُودُ مَصَانِعُ

جِبَاهٌ تُنِيرُ الْمَجْدَ ضَوْءًا، وَلَكِنْ

كَضَوْءِ الشِّهَابِ، مَا يُضِيءُ يُضَايِعُ

وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا مِثْلُ رَسْمٍ قَدِيمٍ

يَذُوبُ مَعَ الْأَيَّامِ، وَالْخَطُّ لَامِعُ

فَإِنْ كُنْتَ ذَا مَالٍ، أَوِ الْعِزُّ جَاهُكَ

فَمَا الْمَالُ إِلَّا كَالْغَمَامِ يُقَارِعُ

تُسَابِقُنَا الْأَيَّامُ نَحْوَ مَآلِنَا

كَمَا تَجْرِي الْأَنْهَارُ، وَالْبَحْرُ وَاسِعُ

تَعُودُ لَنَا الْأَعْوَامُ فِي كُلِّ دَوْرَةٍ

وَمَا عَادَ مَنْ قَدْ كَانَ بِالْأَمْسِ رَاجِعُ

رَأَيْتُ جِبَالًا لَا تَنِي عَنْ ثَبَاتِهَا

وَلَكِنَّهَا يَوْمًا كَأَنْ لَمْ تُصَانِعُ

وَكَيْفَ أَرَى الدُّنْيَا تُبَدِّلُ حَالَهَا

وَحُسْنُ الزَّمَانِ بَيْنَ لَاهٍ وَقَانِعُ

فَمَا النَّاسُ إِلَّا كَالرِّيَاحِ إِذَا سَرَتْ

يُطَاوِحُهَا وَقْتٌ، وَوَقْتٌ يُسَارِعُ

وَمَا نَحْنُ إِلَّا كَالشُّمُوعِ وَقُودُهَا

حَيَاةٌ، وَفِي إِشْرَاقِهَا مَا يُشَايِعُ

وَإِنْ صَالَ فِينَا الْمَجْدُ أَوْ طَالَ

عُمْرُنَا فَكُلُّ أَمَانٍ لِلزَّوَالِ تُبَاعُ

وَكَمْ قَصَرَتْ آمَالُنَا دُونَ غَايَةٍ

وَكَمْ نَلْتَقِي بِالْمَوْتِ وَهُوَ مُنَازِعُ

أَلَا فَاعْبُرُوا نَحْوَ الْخُلُودِ بِذِكْرِكُمْ

فَإِنَّ الذِّكْرَ يَبْقَى وَالزَّمَانُ يُطَايِعُ

لَقَدْ مَرَّ أَقْوَامٌ تُشَادُ دِيَارُهُمْ

كَأَنَّ لَهُمْ فَوْقَ السَّحَابِ مَوَاقِعُ

أَقَامُوا صُرُوحَ الْعِزِّ، ثُمَّ تَهَدَّمَتْ

كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ عِزٌّ يُشَايِعُ

تَأَمَّلْتُ عَادًا، كَيْفَ دَارَتْ رِحَابُهَا

وَفِي صَوْلَتِهَا كَانَ لِلْقَفْرِ طَامِعُ

وَكَيْفَ جُيُوشُ الْفُرْسِ خَابَتْ وَعِنْدَهَا

سُيُوفٌ لَهَا دُونَ الْحِمَامِ مَطَارِعُ

وَكَمْ نُكِّسَتْ رَايَاتُ كِسْرَى بَعْدَمَا

تَبَارَى بِهَا التِّيجَانُ، وَالْمُلْكُ خَاضِعُ

وَأَبْصَرْتُ إِسْمَاعِيلَ يَبْنِي أَمَانَهُ

بِوَادٍ، لَهُ بِالْبَيْتِ نُورٌ وَشَاسِعُ

وَكَمْ طَارَ فَوْقَ الْأَرْضِ وَهْمُ عُرُوشِهَا

وَكَمْ صَرَعَ الْحُلْمَ الطَّمُوحَ مَصَارِعُ

فَهَلْ تَسْأَلُ الدُّنْيَا: مَتَى عَادَ عَرْشُهَا؟

وَهَلْ مَنْ قَضَى فَوْقَ الرِّمَالِ يُنَافِعُ؟

وَمَا هِيَ إِلَّا دَارُ قَوْمٍ تَقَادَمُوا

تُغَيِّرُهُمْ رِيحٌ، وَمِنْهُمْ نَوَافِعُ

يُخَلِّفُهُمْ دَهْرٌ، كَمَا الطَّلُّ هَاطِلٌ

عَلَى أَرْضِهِ، مَرَّ السَّحَابُ وَفَازِعُ

كَأَنَّ الْحَيَاةَ غُصْنُ وَرْدٍ مُورِقٍ

يُظِلُّ جَمَالًا، ثُمَّ تُطْفِئُهُ الْبَلَاقِعُ

تُسَيِّرُنَا الْأَقْدَارُ مِنْ حَيْثُ لَا نَرَى

فَنَهْوِي كَمَا الْأَوْرَاقُ إِذْ هِيَ تُقْلِعُ

رَأَيْتُ رَبِيعَ الْعُمْرِ يُشْرِقُ ضَاحِكًا

وَلَكِنَّ صَيْفَ الْعُمْرِ حَارٌّ وَسَاجِعُ

وَكَمْ قَدْ زَرَعْنَا فِي الطُّفُولَةِ حُلْمًا

فَجَاءَ خَرِيفُ الْحُلْمِ حَاسِرَ مَاضِعُ

فَلَا الْفَلَكُ يَرْحَمُ حِينَ يَجْرِي كُسُوفُهُ

وَلَا الْعُمْرُ يُرْجَى حِينَ يَفْنَى الطَّوَالِعُ

فَمَا هِيَ إِلَّا دَوْرَةٌ فِي مَسَارِنَا

كَمَا الْبَحْرُ مَوْجٌ بَيْنَ رَاكٍ وَقَاشِعُ

فَيَا ابْنَ الثَّرَى، لَا تَغْتَرِرْ بِزُخَارِفٍ

وَلَا تَثِقِ الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ رَاجِعُ

إِذَا مَا خَطِفْتَ الْعَيْشَ، فَاجْعَلْ فُؤَادَكَ

لِخَيْرِ الْوَرَى وَلِلْحَقِّ طَائِعُ

وَإِنْ كُنْتَ تُسْعَى خَلْفَ جَاهٍ وَجَمْعِهِ

فَإِنَّ الْغِنَى رُوحٌ، وَحُسْنُ صَنَائِعُ

وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا ذِكْرُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ

إِذَا مَا طَوَاهُ الْمَوْتُ، وَالنَّاسُ شَافِعُ

فَاصْنَعْ جَمِيلًا، وَاتْرُكِ الدَّهْرَ يَذْكُرُهُ

فَمَا مَاتَ مَنْ عَاشَتْ بِهِ تِلْكَ الطَّلَائِعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1376

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة