عدد الابيات : 39
يَا شَامُ، يَا عِطْرَ الْأَصَالَةِ وَالتُّقَى
فِيكِ الْحَضَارَةُ تَرْتَقِي بِالْهِمَتَا
يَا شَامُ، أَرْضُ الصَّابِرِينَ وَصَوْتُهُمْ
يَبْقَى قَوِيًّا فِي اللَّيَالِي الظُّلِمَتَا
يَا شَامُ، يَا أُمَّ الْأُلَى عَانُوا الْأَسَى
لَكِنْ بِصَبْرِ الْعِزِّ زَادُوا الْقُوَّتَا
سَيْفُ الْبُطُولَةِ فِي يَدَيْكِ مُشَعْشِعٌ
وَالْحَقُّ يُشْرِقُ مِنْ كُفُوفِكِ نَصْرَتَا
دَمُ الشَّهَادَةِ فِي ثَرَاكِ مُخَلَّدٌ
يَجْرِي كَنَبْعِ الْخُلْدِ يُحْيِي تُرْبَتَا
يَا شَامُ، يَا فَجْرَ الْعُرُوبَةِ، إِنَّنَا
نَرْنُو إِلَيْكِ بِصُبْحِنَا وَالطَّلْعَتَا
كَمْ أَشْرَقَتْ أَرْضُ السَّلَامِ بِوَجْهِكِ
وَنَثَرْتِ زَهْرَ الْوَصْلِ فَوْقَ بُقْعَتَا
فِي كُلِّ شِبْرٍ مِنْ ثَرَاكِ حِكَايَةٌ
تَرْوِي الْمَجَازَ بِحِكْمَةٍ وَالْبَلَاغَتَا
يَا شَامُ، يَا أَمَلَ الشُّعُوبِ وَمَجْدَهَا
قَدْ عُدْتِ تَاجًا بِالْمَدَى وَحَضَارَتَا
لِلَّهِ دَرُّكِ، كَمْ بَنَيْتِ صُرُوحَنَا
وَكَتَبْتِ لِلتَّارِيخِ أَبْهَى الصَّفْحَتَا
مَا انْهَدَّ مَجْدُكِ رَغْمَ كَيْدِ عَدُوِّهِ
فَالظُّلْمُ يُفْنَى إِنْ عَلَتْ عَزِيمَتَا
يَا شَامُ، قُومِي كَالنُّسُورِ إِلَى الذُّرَى
وَاحْمِي الْمَدَى بِنُجُومِكِ وَبَهْجَتَا
أَبْنَاؤُكِ الْأَحْرَارُ مَلَؤُوا دَرْبَكِ
عِلْمًا وَفِكْرًا يَرْتَقِي عِزًّا بِالْقُوَّتَا
يَا شَامُ، قُومِي فَالصَّبَاحُ يَلُوحُ مِنْ
شَمْسِ الْكَرَامَةِ فِي رُبُوعِكِ رَحْبَتَا
أَنْتِ الْبِدَايَةُ لِلْخُلُودِ وَحُبُّنَا
يَبْقَى رَبِيعًا يَمْلَأُ الْأَرْضَ طِيبَتَا
يَا شَامُ، يَا دَرْبَ الْأَمَانِي وَالنُّهَى
يَا جُرْحَ تَارِيخٍ تَنَزَّى وَاسْتَبَتَا
يَا عَاصِمَةَ السِّحْرِ الَّذِي قَدْ أَبْهَرَتْ
عَيْنَ الزَّمَانِ وَأَسَرَهَا فِي مُقْلَتَا
يَا طَائِرَ الْفِينِيقِ ضَاعَ جَنَاحُهُ
فِي سَوْطِ نَارٍ أَشْعَلَتْهُ كُرْبَتَا
كَيْفَ انْتَهَى مِنْكِ الرَّبِيعُ وَقَدْ غَدَا
رَمْلًا، وَسَادَكِ حُزْنُهُ وَالصَّمْتَا
سَالَتْ دُمُوعُ الْمَجْدِ فَوْقَ جَبِينِهِ
وَتَهَاوَتِ الْأَحْلَامُ شُهُبًا مُحْرِقَتَا
لَكِنْ لِعَهْدِ الْيَأْسِ فِيكِ نِهَايَةٌ
مَا دَامَ فِي الْأَرْوَاحِ نَبْعُ أُمْنِيَتَا
يَا شَامُ، قُومِي مِنْ رُكَامِكِ وَاحْتَمِي
بِالنُّورِ، وَاجْعَلِي الْغُرُوبَ جَنَّاتَا
قَدْ جَاءَ صُبْحُ النَّصْرِ يَحْمِلُ وَعْدَهُ
وَيَمْسَحُ الْأَحْزَانَ عَنْكِ وَرَحْمَتَا
طَائِرُ الْفِينِيقِ عَادَ، مُحَلِّقًا
يُرَفْرِفُ النُّورُ الْبَدِيعُ بِجُنْحَتَا
فِي كُلِّ قَلْبٍ، أَنْتِ نَجْمَةُ مَوْطِنٍ
وَبِكُلِّ نَفْسٍ، أَنْتِ شَوْقُ الْجَدَّتَا
يَا شَامُ، يَا أُمَّ الْجِرَاحِ وَوَحْدَةٍ
جَمَعَتْ قُلُوبَ الْعَالَمِينَ بِمَحَبَّتَا
مِنْ كُلِّ أَرْضٍ جَاءَ نَحْوَكِ عَاشِقٌ
يَسْقِيكِ مِنْ نَبْضِ الْفُؤَادِ جُذُورَتَا
سِيرُوا بِأَحْلَامِ الْعُرُوبَةِ فِي يَدَيْـ
كُمُ وَاصْنَعُوا فَجْرَ الْحَضَارَةِ بِلِمَتَا
يَا شَامُ، قُومِي وَالْبُيُوتُ مُزَخْرَفَةٌ
بِالنُّورِ وَالْأَمَلِ الْجَمِيلِ بِنَشْوَتَا
رَفَعَتْ يَدُ الْأَحْرَارِ صَرْحَ عُلُومِهِـ
ـمْ، وَغَدَا الْعَدْلُ الْقَوِيُّ بِنَايَتَا
فَتَحَتْ مَدَارِسُهَا ذِرَاعَيْهَا مُشْرِقَـ
ـةً، وَاسْتَعَادَ الْفِكْرُ فِيهَا هِمَّتَا
مَنَارَاتُكِ الْعُلْيَا تُضِيءُ بِنُورِهِـ
ـا، وَأَقْوَاسُ عِلْمٍ بَاتَتِ الْأَبْهَتَا
مَا غَابَ عَنْكِ الْمَجْدُ يَوْمًا، إِنَّمَا
هُزِمَ الظَّلَامُ، فَأَشْرَقَتْ أَصَالَتَا
سُوقُ الْحَمِيدِيَّةِ يُعِيدُ حِكَايَةً
عَنْ عِطْرِ أَجْدَادٍ تُحْيِي الْعِبْرَتَا
وَالْجَامِعُ الْأُمَوِيُّ يَشْدُو سِحْرَهُ
وَكَأَنَّهُ التَّارِيخُ يُنْشِدُ أُغْنِيَتَا
يَا شَامُ، يَا وَعْدَ الْكَرَامَةِ وَالنَّدَى
قَدْ آنَ فَجْرُكِ أَنْ يُضِيءَ بِفَرْحَتَا
أَبْشِرِي، فَالْعَدْلُ فِيكِ شِرَاعُهُ
وَمَدَى الْحُرِّيَةِ صَانَكِ، حُرَّتَا
يَا شَامُ، قُومِي، وَارْفَعِي تَاجَ الْعُلَى
فَأَنْتِ لِلْعَالَمِينَ نُورُ الْحَضَرَتَا
هَذَا الْقِيَامَةُ قَدْ أَتَتْكَِ مُعْلِنَةً
فَجْرَ النَّهْضَةِ الْكُبْرَى، وَعَرْشَ قِيَادَتَا
1317
قصيدة