الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سحر يحي القصايد

عدد الابيات : 52

طباعة

أَلَا قِفْ بِيَ، يَا شِعْرُ، امْلَأِ الْقَلْبَ تَفْتِينَا

فَفِي سَارَةَ السِّرُّ الَّذِي لَا يُعَرَّفُ فِينَا

كَأَنَّ الْجَمَالَ اسْتَوْدَعَ الْكَوْنَ جَوْهَرَهُ

وَحِينَ أَرَادَ الْكُلَّ صَاغَكِ تَكْوِينَا

تَمَنَّعْتِ، لَا خَوْفًا، وَلَا ضَعْفَ عَاشِقَةٍ

وَلَكِنَّكِ الْكِبْرِيَاءُ فِينَا يَكْفِينَا

إِذَا مَدَحَ النَّاسُ النِّسَاءَ تَحَيُّرًا

فَنَحْنُ نُسَائِلُ: هَلْ تَجَلَّى سَرِينَا؟

سُلِي بَدْرَ تَمُّوزٍ، سُلِي نَجْمَ غَاسِقٍ

أَمَا خَافَ نُورَكِ حِينَ لَاحَ وَغَارَ فِينَا؟

أَيَا بِنْتَ عِزٍّ فِي الْحَيَاءِ مَهِيبَةٌ

وَمَا خُلِقَتْ إِلَّا لِتُبْهِرَ نَاظِرِينَا

رَأَيْنَاكِ، فَارْتَدَّتْ قَوَافِينَا خَجِلًا

وَشَاعِرُنَا أَلْقَى الْقَوَافِي مُعَلِّينَا

إِذَا سَارَ طَيْفُكِ فِي الدُّرُوبِ، تَتَابَعَتْ

خُطَى الشِّعْرِ نَحْوَكِ سُجُودًا يُنَاجِينَا

عَجِبْتُ لِأَوْصَافِ الْجَمِيلَاتِ قَبْلَهَا

كَأَنَّ اللِّسَانَ بِهَا يَضِلُّ وَيُعْمِينَا

وَمَا كُنْتُ بِالْهَائِمِ إِنْ لَمْ أَرَ السَّنَا

وَلَا كُنْتُ بِالصَّبِّ إِذَا لَمْ تُحْيِينَا

كَأَنَّكِ وَهْمٌ فَاضَ مِنْ نَفْسِ شَاعِرٍ

وَأَدْرَكَ أَنَّ الْحَرْفَ أَضْنَاهُ تَبْيِينَا

تَرَكْتِ الْهَوَى نُسْكًا، وَتَحْتَ عَبَاءَةٍ

مِنَ النُّورِ، زَادَ الْبُعْدُ فِيكِ تَدَيُّنَا

إِذَا ذَكَرَتْكِ الْأَرْضُ، تَاهَتْ بِزَهْوِهَا

وَإِنْ خَطَرَتْ، خَرَّ الْغَمَامُ يُبَكِّينَا

لَكِ اللَّهُ، مَا أَبْقَى لِعَيْنَيْكِ مَوْضِعًا

سِوَى الدُّهْرِ يَخْضَعُ لِلْحَنِينِ مُقِيمِينَا

تَدَلَّيْتِ مِنْ فَلَكِ الْجَمَالِ بِأَنْجُمٍ

كَأَنَّكِ بَيْنَ الْخَلْقِ كُنْتِ تَدَانِينَا

وَمَا زَلْزَلَتْ قَلْبَ الْفَصِيحِ قَصَائِدٌ

كَمِثْلِكِ، يَا سَارَةَ، تَسْلُبُ هَامِينَا

إِذَا ابْتَسَمَتْ، غَارَ الرَّبِيعُ وَرَاقَهُ

نَدَاهَا، فَأَغْرَى فِي الْحُقُولِ شَيَاطِينَا

وَإِنْ غَضِبَتْ، فَالْبَرْقُ أَطْفَأَ نَارَهُ

تَوَاضَعَ مِنْ نُورٍ رَآهُ مُحَيِّينَا

كَتَبْتُكِ فِي خَافِي الْقَصِيدَةِ هَيْبَةً

فَهَلْ تَجْنُو الْعُيُونُ إِذَا مَا جَنَانِينَا؟

رَأَتْهَا الدُّنَا فَارْتَدَّ مِنْهَا زَمَانُهَا

وَشَابَتْ لَيَالِيهَا وَقَدْ كَانَتْ تُدْنِينَا

تَخَطَّتْ، فَكَادَتْ أَرْضُنَا تَرْجُفُ خَطْوَهَا

وَأَشْجَارُهَا انْحَنَتْ تُحَيِّي مُحَيِّينَا

إِذَا مَشَتِ الْأُنُوثَةُ، كَانَ خُطَاهَا

نَشِيدَ الْمُلُوكِ، وَخَلْفَهَا الْكَوْنُ يُصْفِينَا

تَمَنْطَقَتِ الْهَيْبَةَ حُسْنًا وَتَاجَهَا

وَسَارَتْ عَلَى الْأَيَّامِ تَصْغُرُ وَادِينَا

كَأَنَّكِ حُلْمُ الْأَنْبِيَاءِ إِذَا أَتَوْا

لِيُخْضِعُوا الدَّهْرَ الْمَرِيضَ وَيَشْفِينَا

وَمَا نَظْرَةٌ مِنْكِ، وَإِنْ لَمْ تُصِبْ فَتًى

سِوَى سَهْمِ عِشْقٍ قَدْ تَهَاوَى يُدَمِّينَا

أَيَا سَارَةُ، مَا هُزَّ عَرْشٌ بِأُنْثَى

كَمَا هَزَّ فِي عَيْنَيْكِ قَلْبًا يُوَازِينَا

لَكِ الْحُكْمُ، إِنْ قَالَتْ عُيُونُكِ جُمْلَةً

تَكَادُ تَمِيدُ الْأَرْضُ، تَخْضَعُ قَاضِينَا

وَإِنْ لَمْ تَقُولِي، فَالسُّكُوتُ رِسَالَةٌ

تُقِيمُ عَلَى بَوْحِ الْجَمَالِ مَعَانِينَا

أَلَا كَمْ تَجَلَّتْ فِيكِ أَسْرَارُ قُدْرَةٍ

إِذَا مَرَّ طَيْفُكِ، طَأْطَأَ الْحُسْنُ نَاصِينَا

وَمَا الشَّمْسُ إِلَّا ظِلُّ سَارَةَ حِينَمَا

تُطِلُّ، فَيَنْشَقُّ الصَّبَاحُ يُحَيِّينَا

كَأَنَّكِ فِي عَرْشِ الْجَمَالِ خَلِيفَةٌ

تُنَزِّلُ آيَاتِ الدَّلَالِ تَلَاوِينَا

خُذِي مَجْدَ كُلِّ الْحُسْنِ، إِنِّي شَاعِرٌ

يُبَاهِي بِأَنَّكِ كُنْتِ مَنْ صَاغَ لَحْنِينَا

غَدَوْنَا نُصَلِّي فِيكِ صَمْتَكِ خَاشِعِينَ

كَأَنَّكِ دِينٌ لَا يَزَالُ يُقِيمُنَا

يُسَلِّمُ وَجْهَ اللَّيْلِ إِنْ لَاحَ طَيْفُكِ

فَيُكْبِرُ نَجْمَاهُ، يُكَرِّمُ مَرَاسِينَا

وَإِنْ لَاحَ نُورُكِ، صَاحَتِ الْكَائِنَاتُ:

"سُبْحَانَ مَنْ سَارَةَ كَانَتْ تُبَدِّينَا"

فَيَا سَارَةَ الْمَهِيبَةَ الْحَسْنَاءِ، لَوْ

رَضِيتِ، لَصَارَ الدَّهْرُ عَبْدًا يُنَادِينَا

إِذَا مَا مَشَتْ، تَمْشِي السَّمَاحَةُ مِثْلَهَا

وَيُنْزِلُ سِرُّ الطُّهْرِ فِيهَا سُكُونِينَا

مَلِيكَةُ صَمْتٍ لَا يُقَالُ بِجَفْنِهَا

وَلَكِنْ يَقُولُ النُّورُ فِيهَا خُفُوتَينَا

أَتَتْنَا، كَأَنَّ الْوَقْتَ فِيهَا مُعَلَّقٌ

وَفِيهَا الزَّمَانُ ارْتَدَّ مِنْ فَرْطِ تَحْنِينَا

تَفَتَّحَ فِيهَا الْمَعْنَى، وَسَالَتْ بَلَاغَةٌ

عَلَى وَجْنَتَيْهَا تُخْرِسُ الْمُتَكَلِّمِينَا

وَلَا الْفَجْرُ، إِنْ لَاحَتْ، يُقَارِنُ نُورَهَا

وَلَا الْبَدْرُ إِنْ دَارَتْ يُسَاوِي مَعَادِينَا

كَأَنَّ الْأَثِيرَ اخْتَارَ فِيهَا مَقَامَهُ

وَقَالَ لِصَمْتِ الْخَلْقِ: أَنْصِتْ تُحَيِّينَا

فَمَا هَزَّنِي شِعْرٌ، وَلَا أَغْوَتِ الرُّؤَى

كَمِثْلِ الَّتِي أَهْدَتْ إِلَى الْقَلْبِ تَدْيِينَا

هِيَ الْفِتْنَةُ الْبَيْضَاءُ، لَا نَارَ حَوْلَهَا

وَلَكِنَّهَا تُشْعِلُ الْقُلُوبَ تُغَيِّينَا

إِذَا ضَحِكَتْ، هَبَّتْ عَلَى الْأَرْضِ نَسْمَةٌ

مِنَ الْقُدْسِ، تُحْيِينَا إِذَا مَا تَنَاسَيْنَا

وَإِنْ سَكَنَتْ، سَكَنَتْ بِهَا الْكَائِنَاتُ

كَأَنَّ بِهَا الْأَكْوَانُ تَسْتَتِرُ حِينَا

فَيَا شِعْرُ، قِفْ، خِفْتُ لِقُدْسِ سَارَةٍ

فَإِنِّي أَرَاكَ الْآنَ تَخْشَى تُحَيِّينَا

أَقِفُ أَمَامَكِ، وَالْكَلَامُ لِيَ خَصِمٌ

كَأَنَّ الصَّمْتَ فِي عَيْنَيْكِ يُسْلِمُنَا

لُغَتِي تَنْحَنِي عَلَى أَعْتَابِ حُسْنِكِ

وَالْقَوَافِي تَخَافُ أَنْ تَمُوتَ فِي رِحَابِينَا

كَلِمَاتِي تَذُوبُ عَلَى لَهِيبِ عَيْنَيْكِ

كَأَنَّهَا شَمْعٌ فِي بَسَاتِينِ سِينَا

فَكَيْفَ يَقْدِرُ الْقَلَمُ عَلَى مَلَامِحِكِ؟

وَأَنْتِ لِلْعَقْلِ سِحْرٌ لَا يُحْتَمِلِينَا

أُعْلِنُ اسْتِسْلَامِي أَمَامَ سَطْوَتِكِ

وَأَرْفَعُ رَايَةَ عَجْزِيَ الْمُتَوَاضِعِينَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1393

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة