عدد الابيات : 25
أُمُّ سَلْقِينَ تَاجُ النُّورِ فِي الظُّلَمِ الْهَـاهِ
وَسِرَاجُ الدُّنَا فِي الدَّهْرِ إِنْ عَزَّ رُوَاهْ
تَمْشِي الْهُوَيْنَى وَقَلْبُ الْحُسْنِ يُرْقَبُ
خَطْوَهَا كَأَنَّ بِهَا طِيبَ الْجِنَانِ إِذَا تَنَاهْ
إِذَا نَطَقَتْ، فَالْفَجْرُ يُنْصِتُ مِنْ شَذَى
حَدِيثٍ كَمَاءِ الرُّوحِ يَسْقِي مَنْ تَلَاهْ
بِصَبْرٍ كَجِبَالِ الشَّامِ إِنْ هَاجَ الْعَنَى
تُجَالِدُ خَطْبَ الدَّهْرِ، لَا تُلْقِي سِلْحَاهْ
تَحِنُّ كَأَرْضِ النَّبْعِ، إِنْ عَزَّ السِّقَا
تَفِيضُ حَنَانًا لَا يُجَارَى فِي سَنَاهْ
كَأَنَّ بِهَا لِلْكَوْنِ سِرًّا خَفِيَّهْ
إِذَا مَا دَنَا مِنْهَا الْبَلَاءُ اسْتَحَى وَلَاهْ
لَهَا فِي دَمِ الْأَيَّامِ شَوْقٌ مُذَهَّبٌ
وَفِي وَجْدِهَا مَا يَهْتَدِي الْمَجْدُ مِنْ مِيَاهْ
تَضُمُّ الْجِرَاحَ بِضَحْكَةٍ مَا أَفْصَحَتْ
عَنِ الْحُزْنِ، إِلَّا وَارْتَقَى الصَّبْرُ مُبْتَغَاهْ
إِذَا مَا دَعَاهَا الْمُرْهَقُ الْجَوْفِ وَالْجَوَى
أَتَتْهُ وَفِيهَا الطِّيبُ يُزْهِرُ فِي دِمَاهْ
كَأَنَّ بِهَا مِنْ نَسْلِ "هَاجَرَ" دَمًا
وَفِي عَيْنِهَا "مَرْيَمُ" طُهْرًا فِي ضِيَاهْ
تُرَبِّي عَلَى التَّقْوَى، وَتَرْوِي بِالْهُدَى
وَتَسْقِي بِكَفِّ الطُّهْرِ أَبْنَاءَ النَّجَاهْ
فَتَنْشَأُ فِي حِجْرِ الْمَحَامِدِ سَادَةٌ
إِذَا ذَكَرُوا الْعِلْيَاءَ كَانُوا فِي عُلَاهْ
لَهَا نَسَبٌ مِنْ طُهْرِ سَلْقِينَ يُرْتَجَى
إِذَا الْفَخْرُ نَادَى، كَانَ مَجْدُهُ مَنَاهْ
إِذَا جِئْتَهَا، أَكْرَمْتَ ضَيْفَكَ بَهْجَةً
كَأَنَّكَ فِي ظِلِّ الْمَكَارِمِ وَالرُّقَاهْ
تَرَى الْخَيْرَ فِيهَا لَيْسَ يُحْصَى مَعَدُّهُ
وَتَجْرِي الْمَآثِرُ مِنْ ضَمِيرٍ لَا تَنَاهْ
تَضُمُّ الْيَتِيمَ، وَتَشْتَرِي جُوعَ الْجِيَاعِ
بِدَمْعِ الْمَحَبَّةِ لَا تَمَلُّ وَلَا تَرَاهْ
إِذَا مَا رَمَقْنَا فِي الْبِلَادِ عَطَاءَهَا
وَجَدْنَا بِهَا رُوحَ السَّحَابِ عَلَى صَفَاهْ
كَأَنَّكَ إِنْ أَمْسَكْتَ كَفَّ عَطَائِهَا
مَلَكْتَ الْوُجُودَ بِزَيْنِ فَضْلٍ فِي يَدَاهْ
لَهْفُهَا، صَدَى الْأَرْوَاحِ إِنْ نَادَى الْأَسَى
كَأَنَّ بِهَا لِلْمُرْهَفِينَ صَدَى النَّجَاهْ
تَرَى وَجْهَهَا فِي كُلِّ زَاوِيَةِ الرَّجَا
كَأَنَّ بِهَا نُورَ الْبَشَائِرِ فِي سَنَاهْ
كَرِيمَةُ أَصْلٍ، لَا تُقَاسُ بِنُدْبَةٍ
وَلَا يُدْرِكُ الْمَعْنَى بِهَا إِلَّا الْجَنَاهْ
فَمِنْ نَسْلِهَا الصِّدْقُ انْبَثَقَ، وَمِنْ صَفَا
حَنَانُ اللَّيَالِي، فِي سُكُونٍ قَدْ حَوَاهْ
لَهَا فِي رُبَا الْمَجْدِ مَقَامٌ مُتْرَفٌ
تُنَاجِيهِ أَرْوَاحُ الْوَرَى فِي مَا تَرَاهْ
إِذَا ذُكِرَتْ فِي الْمَجَالِسِ رَفْرَفَتْ
بَيَارِقُ فَخْرٍ لَا تُطَاوَلُ فِي شُذَاهْ
فَتًى تَرَبَّى فِي حِضْنِهَا، شَمَخَ الْعُلَا
وَفِي نَبْضِهِ سِرُّ الْمُرُوءَةِ إِنْ خَطَاهْ
1402
قصيدة