عدد الابيات : 21
أَيَا طَيْفَهَا، هَبَّ النَّسِيمُ يُدَاعِبُ
الْخَيَالَ فَأَبْكَيْتُ الْجُفُونَ تَسَهُّدَا
وَقَفْتُ عَلَى الْأَعْتَابِ أَرْنُو بِحُرْقَةٍ
كَأَنِّي أُنَاجِي ظِلَّ عِشْقٍ تُبَدِّدَا
تَهَدَّجَ صَوْتُ الْقَلْبِ بِصَمْتِ مُهْجَتِي
يُنَادِي حَبِيبًا قَدْ مَضَى وَتَبَعَّدَا
وَقَفْتُ بِأَطْلَالِ سَلْقِينَ مُشَهَّدًا
وَوَادِيهَا خَلْفِي يَئِنُّ السًّهَّادَا
تَطُلُّ نُجُومُ اللَّيْلِ حُزْنًا مُبَكِّرًا
كَأَنَّ الدُّجَى أَرْخَى الدُّمُوعَ بِدَادَا
بَكَيْتُ عَلَى أَطْلَالِ سَارَةَ وَالْأَسَى
يُذِيقُ فُؤَادِي لَوْعَةً وَوِهَادَا
أَطُوفُ بِأَحْجَارِ الدِّيَارِ وَأَسْتَبِي
حَدِيثَ الزَّمَانِ الْغَابِرِ الْمُتَوَدِّدَا
فَيَا دَارَهَا، هَلْ تَنْطِقِينَ بِحُبِّهَا؟
وَهَلْ تَذْكُرِينَ الْعَهْدَ إِذْ كَانَ مَوْعِدَا؟
هُنَا لَامَسَتْ كَفُّ الْغَرَامِ جَبِينَهَا
وَهَبَّتْ نَسَائِمُ وَجْدِهَا مُتَوَقِّدَا
أَلَا يَا سَقْيَ اللَّهُ الرُّبَى وَسُهُولَهَا
وَزَادَتْ بِهَا الْأَطْيَارُ شَدْوًا مُغَرِّدَا
فَكَمْ لَيْلَةٍ قَدْ نَامَ فِيهَا الْهَوَى عَلَى
سَرِيرِ النَّدَى، وَالْعِشْقُ يَسْرِي مُوَحَّدَا
سَرَى الْحُبُّ فِي رُوحِي كَسَرَيَانِ مُزْنَةٍ
تُبَارِكُ أَرْضِي كَيْ تُنِيرَ وَتُرْفِدَا
فَيَا وَيْحَ قَلْبِي، كَيْفَ أُطْفِئُ جَمْرَةً
تَشَبُّ كَأَنِّي فِي اللَّظَى مُتَوَقِّدَا؟
أَلَا لَيْتَ أَيَّامِي تَعُودُ بِنُورِهَا
فَأُبْصِرَ فِي عَيْنَيْكِ فَجْرًا مُوَلَّدَا
وَلَكِنَّهُ الدَّهْرُ الْمُعَنَّى بِحُكْمِهِ
يُرَوِّعُ قَلْبَ الْعَاشِقِينَ وَيَنْشُدَا
فَيَا سَارَةَ الْغِيدَاءِ يَا رَوْعَةَ الْمُنَى
وَيَا مُهْجَتِي، هَلْ يَلْتَقِي الْحُبُّ أَحْمَدَا؟
إِذَا مَا غَدَا طَيْفُ اللِّقَاءِ تَرَاقَصَتْ
زُهُورُ الْمُنَى وَالْوَجْدُ عَادَ مُجَدَّدَا
فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْوَصْلِ بُعْدٌ وَحُرْقَةٌ
فَإِنَّ غَدًا لِلْوَصْلِ يَأْتِي مُسَعَّدَا
فَوَدَاعًا سُهَادَ اللَّيْلِ، آنَ وَدَاعُنَا
كَأَنَّ الضِّيَاءَ انْحَازَ دَمْعًا مُبَدَّدَا
أَعُودُ وَفِي قَلْبِي رَمَادُ مُحَبَّةٍ
تَنَاثَرَ كَالْوَرْدِ الذَّبِيحِ وَأُزْهَدَا
وَلَكِنَّنِي مَا زِلْتُ أُقْسِمُ إِنَّنِي
عَلَى عَهْدِهَا بَاقٍ، أَمِينًا مُعَاهِدَا
1393
قصيدة