عدد الابيات : 16
لَمَّا تَجَلَّى الْبَدْرُ فِي لَيْلِ الْهَوَى
حَارَتْ بِهِ الْأَفْلَاكُ لِلسِّحْرِ الْبَهِي
وَأَنَا أُسَامِرُهُ، وَفِي عَيْنَيَّ وَلْهٌ مِنْ
حُسْنِ الضِّيَاءِ عَلَى الْجُفُونِ تَجَلِّي
يَا بَدْرُ، هَلْ أَبْهَى مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي
يَسْمُو عَلَى ضَوْءِ النُّجُومِ وَيَنْبُلِي
هِيَ لَا تُضِيءُ بِوَجْهِهَا بَلْ إِنَّمَا
أَنْوَارُهَا مِنْ رُوحِهَا السَّمَاوِي
تُهْدِي السَّمَاءُ تَأَلُّقًا فِي حُسْنِهَا
وَتُذِيعُ فِي الْأَرْضِ الْبَهَاءَ الْمُجَلَّلِي
وَاللَّيْلُ يَعْشَقُ ظِلَّهَا فَإِذَا مَشَتْ
هَامَتْ بِهِ الْأَشْجَارُ شَوْقًا وَيَكْتَسِي
لَوْ أَنَّهَا غَابَتْ، فَمَنْ لِي بِالضِّيَاءِ
وَكَيْفَ يُشْرِقُ فِي دُجَايَ الْمُظْلِمِي
هِيَ كَالْقَمَرْ، إِنْ لَاحَ أَشْرَقَ مُهْجَتِي
وَسَرَى بِنَبْضِي كَالسَّحَابِ الْمُنْهَمِي
يَا حُسْنَهَا، إِنْ أَقْبَلَتْ فِي خِدْرِهَا
يَسْعَى إِلَيْهَا الْحُسْنُ مُلْتَمِسَ مَقْبَلِي
وَإِذَا ابْتَسَمَتْ، أَضَاءَ وَجْهُ الْكَوْنِ لِي
وَتَرَاقَصَتْ أَنْجُمُهُ شَوْقًا بِهَا أَجْلَلِي
كَمْ لَيْلَةٍ سَهِرْتُ وَالْقَمَرُ الَّذِي
قَدْ كُنْتُ أَشْكُو عِنْدَهُ وَجْدِي النَّدِي
أَبْكِي وَأَحْمِلُ لِلنَّسِيمِ رِسَالَةً
وَأُسِرُّهَا لِلْقَلْبِ أَنْ هَلَّا بِهَا الْهُدَي
يَا بَدْرُ، إِنِّي فِي هَوَاهَا تَائِهٌ
أُقْسِمْتُ إِنَّ الرُّوحَ مِنْهَا لَمْ تَفِقْي
هِيَ كُلُّ أَيَّامِي، وَكُلُّ حِكَايَةٍ
يُنْسَى الزَّمَانُ إِذَا هَمَسْتُ بِهَا وَنَقِي
مَهْمَا بُعِدْتِ، فَإِنَّ رُوحِي فِي الْمَدَى
ظِلٌّ يُعَانِقُ هَمْسَ طَيْفِكِ فِي الْفَضِي
وَيُنَاجِي الْقَمَرَ الَّذِي قَدْ زُيِّنَتْ
أَضْوَاؤُهُ مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكِ الرُّؤَي
1393
قصيدة