الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » لهيب الغيرة ونارها

عدد الابيات : 70

طباعة

يَا سَائِلِي عَنْ سِرِّ رُوحِي وَالْعُرُبُ

فِيهَا الْغَرَامُ يَفِيضُ مِثْلَ السُّحُبُ

وَالْغَيْرَةُ الْحَسْنَاءُ تَاجُ قُلُوبِنَا

تُزْرِي بِوَجْهِ الْبَدْرِ حِينَ يَؤُبُ

هِيَ لَحْنُ عِشْقٍ فِي الضُّلُوعِ مُحَرَّقٌ

يَسْرِي فَتَخْضَعُ لِلرَّنِينِ قُضُبُ

رُوحُ الْفُؤَادِ إِذَا تَهَيَّجَ نَارُهَا

تَصْحُو الْعَوَاطِفُ وَالْحَنِينُ يُثُبُ

فَتَغَارُ عَيْنُ الشَّمْسِ مِنْ إِشْرَاقِهَا

وَتَذُوبُ أَنْسَامُ الْهَوَى وَالطُّيُبُ

تَهْفُو الرِّيَاضُ لِصَوْتِ شِعْرٍ يَنْتَسِبُ

وَيُضِيءُ مِنْهُ الْعِطْرُ حِينَ يَسْتَكْتِبُ

وَالْغَيْرَةُ الْحَسْنَاءُ تَسْكُنُ فِي دَمِي

تَنْسَابُ كَالْأَمْوَاجِ إِنْ شَدَتِ الطُّرُبُ

هِيَ نَارُ قَلْبٍ لَوْ تَجَلَّتْ أَحْرَقَتْ

لَكِنَّهَا إِنْ رَقَتْ تُزْهِرُ فِي الْعُذُبِ

تُحْيِي الْمَشَاعِرَ كَالسَّنَاءِ مُتَوَّجًا

تَسْقِي الرُّؤَى وَبِسِرِّهَا يَحْيَا الْحُبُّ

فَالْعِشْقُ دُونَ الْغَيْرَةِ يَبْقَى هَبَاءً

وَالْغَيْرَةُ الْوَجْهُ الْبَهِيُّ لِمَنْ أَحَبُّ

نَارُ الْغِيَرَةِ فِي الْحَشَا تَتَلَهَّبُ

وَالْقَلْبُ يَصْطَلِي وَالْمُقْلَتَانِ تُعَذَّبُ

أَغَارُ إِنْ لَامَسْتْ نَسِيمَكَ غَيْرَتِي

وَكَيْفَ يَسْلَمُ مِنْ هَوَاكَ الْمُحْتَجِبُ

أَغَارُ إِنْ هَامَتْ عُيُونُ النَّاسِ فِيكَ

فَأَرَى جَمَالَكَ سِحْرَهُ لَا يُحْتَجَبُ

أَغَارُ مِنْ صَوْتِ الْوَرَى إِنْ هَامَ فِيكَ

فَإِلَى صَدَاكَ الْحُبُّ يَبْقَى يَنْسَكِبُ

أَغَارُ مِنْ نَبْضِ الزُّهُورِ لِمَا سَقَتْ

مَثَلًا جَمَالَكَ وَالْهَوَى فِيهَا يَطِبُ

أَغَارُ حَتَّى مِنْ دُعَاءِ الْعَابِرِينَ

إِنْ قَالَ: رَبِّي أَسْعِدَنْ مَنْ يَحْتَجِبُ

أَغَارُ مِنْ وَرْدِ الرُّبَى إِنْ فَاحَ شَذَاهُ

وَرَأَى مَعَ الطَّيْفِ الْمُحِبِّ يَقْتَرِبُ

أَغَارُ مِنْ قَمَرِ اللَّيَالِي حِينَ يَسْتَحْلِي

وَجْهَكَ فَالسِّرَاجُ بِطَيْفِهِ قَدْ يَسْلُبُ

أَغَارُ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى إِنْ جَاءَ يَسْكُبُ

نُورًا عَلَيْكَ وَفِي جَمَالِكَ يَضْطَرِبُ

أَغَارُ حَتَّى مِنْ خَيَالِي إِنْ سَرَى

لَكَ فِي فُؤَادِي، فَالْغَرَامُ لَهُ سَبَبُ

الغَيْرَةَ نَارٌ فِي الْفُؤَادِ تُحَرِّكُ الشَّغَبُ

تَذْكُو وَتَشْعَلُ فِي الْحَنَايَا صَخْرَةَ الْغَضَبُ

إِنْ جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْ هَوَايَ فَكُلُّهُ

قَلْبِي وَرُوحِي، وَالْمَسَافَاتُ الَّتِي تَثُبُ

غَيْرَاكَ تُلْهِبُ فِي دِمَائِي زَفْرَةً

تَهْوِي عَلَى سَاحِ الْغَرَامِ فَتَسْتَعِبُ

أَرْجُوكَ رِفْقًا لَا تُذِبْنِي غَيْرَةً

فَالْعُمْرُ يَخْشَى فَوْقَ جَفْنِكَ أَنْ يَذُبُ

أَنَا مَا غَضِبْتُ وَلَمْ أَكُنْ إِلَّا الَّذِي

خَافَ الْوُصُولَ إِلَى غَرَامٍ فِيهِ يَصْطَلِبُ

الغَيْرَةَ تَصْنَعُ فِي الْمَحَاجِرِ دَمْعَةً

تَسْقِي الْحَنَايَا كَيْ يَرُفَّ عَلَيْهَا السَّحَبُ

لَوْ أَنَّ قَلْبِي فِي هَوَاكَ مُقَسَّمٌ

مَا كَانَ يُعْطِي غَيْرَ غَيْرَتِهِ وَيَجْتَنِبُ

أَرْقُبْ عُيُونَكَ فِي الْمَجَالِسِ حَائِرًا

فَأَرَى النُّجُومَ عَلَى جَبِينِكَ تَلْتَهِبُ

إِنِّي غَيُورٌ، غَيْرَتِي أَشْوَاقُهَا

نَارٌ تُقَطِّعُ فِي الْمَسَافَةِ مَا يَحُبُ

فَإِذَا ظَهَرْتَ لِيَ الْحَيَاةُ بِكُلِّهَا

وَإِذَا غَبَوْتَ أَضَاعَنِي لَيْلٌ وَشُهُبُ

الغَيْرَةَ تَصْحُو كَاللَّهِيبِ بِمُقْلَتِي

فَتُذِيبُ صَخْرَ الْقَلْبِ وَهْيَ تَلَهُّبُ

تَسْرِي بِدَاخِلِيَ الْخَفِيِّ كَنَازِفٍ

وَتُرَجِّفُ الْأَعْمَاقَ حِينَ تَقَلْقُبُ

هِيَ نَارُ عِزٍّ أَوْ هُمُومُ مُحَارِبٍ

تَسْقِيهِ أَسْرَارُ الْحَنَانِ وَتُشْرِبُ

إِنْ جِئْتُ أُخْفِيهَا تَبَسَّمَ وَجْهُهَا

وَإِذَا كَتَمْتُ الْحُبَّ أَطْلَعَ كَوْكَبُ

غَيْرَتَيَ تَجْعَلُنِي طَهُورًا فِي الْهَوَى

مَا عَادَ يَقْرُبُنِي خُدَاعٌ أَوْ كَذِبُ

تَأْبَى الْمَذِلَّةَ فِي فُؤَادِي عِزَّةً

وَتُرَافِقُ الْأَحْلَامَ إِنْ حُلُمٌ يَجِبُ

لَوْلَا غِيَارَتُهَا عَلَيَّ لَمَا رَأَيْتُ

حُسْنَ الْهَوَى يَزْهُو وَيَسْطَعُ مُعْجَبُ

فَإِذَا اسْتَبَحْتُ دُمُوعَهَا كَأَنِّي

أَرْوِي وُرُودًا بِالْمَحَبَّةِ تَشْرَبُ

تَسْقِينِيَ الْأَيَّامَ حُلْمًا نَاعِمًا

وَإِذَا غَضِبْنَ تَجَلْجَلَ الْأُفُقُ الْعَجَبُ

يَا غَيْرَةَ الْعَيْنَيْنِ سِرِّي كُلُّهُ

فِي حُضْنِكِ الْمَخْفِيِّ يَحْيَا وَيَثْرُبُ

غَيْرَتيَ تُوقِظُنِي كَصَوْتِ رَعَادِهَا

فَأُجَابُهَا شَوْقًا وَقَلْبِيَ يَطْرِبُ

إِذَا ضَحِكَتْ تَبْكِي جُفُونِي هَيْبَةً

وَإِذَا بَكَتْ فَالْعُمْرُ كُلُّهُ يَنْتَحِبُ

أَرَآهَا بَيْنَ يَدَيَّ نُورًا سَاطِعًا

وَأَخَافُ مِنْ ظِلٍّ يَمُرُّ فَيَسْلُبُ

كَأَنِيَ الْمَجْنُونُ فِي أَطْيَافِهَا أَسْعَى

وَفِي طَرَفِ الْخَيَالِ أُعَذَّبُ

تَأْخُذْنِيَ الظَّنَّ الْمُعَذِّبَ كُلَّهُ

وَتَرُدُّنِي صَوْبَ الْأَمَانِ فَتُعْجِبُ

فَأَقُولُ: يَا غَيْرَاتُ حِلِّي رِفْقَةً

إِنَّ الْغَرَامَ بِدُونِكُنَّ مُغَيَّبُ

مَا أَطْهَرَ الْأَحْلَامَ فِيكِ وَمَا أَجَلْ

نُبْلَ الْقُلُوبِ إِذَا غَدَوْنَا نَشْتَبُ

تَرْفَعْنَنِي لِلْعُزِّ ثُمَّ تُهَبْطْنَنِي

وَتَشُدُّنِي حَتَّى أُذَلَّ وَأُعْذَبُ

لَكِنَّهَا نَفْسِي الَّتِي تَغْدُو بِهَا

رَغْمَ الْعَذَابِ إِلَى الْحَيَاةِ وَتَرْغُبُ

غَيْرَايَ أَنْتِ الْمُلْهَمَاتُ لِقَلْبِنَا

بِكُنَّ يَحْيَا الشِّعْرُ يَزْدَانُ الْأَدَبُ

الغَيْرَةَ فِي قَلْبِي حُرُوفٌ نَابِضَةٌ

تَجْرِي كَأَنْهَارٍ وَتَفْضَحُ سِرَّهَا الْكُتُبُ

إِنْ مَرَّ خَيَالُكَ فِي خَوَاطِرِ مُقْلَتِي

أَسْكَنْتُهُ رُوحِي وَزَالَتْ عِنْدَهُ الْكُرُبُ

أَرْقُبْتُ غَيْرَتَكَ اللَّطِيفَةَ حِينَمَا

يَغْشَاكَ مَا يَغْشَى الْفُؤَادَ فَيَسْتَعِبُ

أَرْفَضْتُ عَيْنَ الْغَيْرَةِ السَّوْدَاءِ إِنْ

جَارَتْ، وَأَحْبَبْتُ الْغَيْرَةَ الْبَيْضَاءَ تَصْطَحِبُ

فَالْغَيْرَةُ الْعَذْرَاءُ تُزْهِرُ فِي دَمِي

وَتُجَدِّدُ الْأَحْلَامَ، تَصْدُقُ ثُمَّ تَثْبُتُ

أَمَّا الَّتِي تَحْمِلُ الشُّكُوكَ فَإِنَّهَا

نَارٌ تَشُبُّ، وَكَيْفَ يُطْفَأُ نَارُهَا الْحَطَبُ؟

غَيْرَاكَ فِي أَحْشَائِي مَسَافَاتُ الْهَوَى

تُعْطِينِي الْأَمَانَ وَفِي صَدَاكَ يَكْتَسِبُ

وَأَرَى الْغِيَارَةَ فِي الْعُيُونِ نُجُومَهَا

فَتَنَاثَرَتْ نَحْوِي وَحَارَتْ عِنْدَهَا الْأَسُبُ

مَا أَحْلَى الْغَيْرَةَ إِنْ تَجَلَّتْ رَاحَةً

وَتَنَامَلَتْ كَالنُّورِ فِي الْأُفْقِ يَغْتَرِبُ

فَهِيَ الْوَفَاءُ إِذَا تَنَفَّسَ عِطْرُهَا

وَهِيَ الْحَيَاةُ بِهَا الْقُلُوبُ تَرْتَحِبُ

يَا غَيْرَةً حَفِظَتْ جَمَالَ مَحَبَّتِي

وَمِنَ الْكُرُوبِ حَمَتْ فُؤَادًا يَحْتَسِبُ

إِنْ كُنْتِ نَارًا فَالْمَحَبَّةُ مَاؤُنَا

يَغْدُو بِكِ الْإِحْسَاسُ أَشْهَى مَا يُشَبُ

وَيَدُومُ عِشْقُ الْعَاشِقَيْنِ مُتَوَّجًا

مَا دَامَ فِي أَعْمَاقِهِمْ وَجْهُ النَّسُبُ

فَلْتَبْقَيْ تَاجًا لِلْغَرَامِ مُضِيئَةً

زَهْرًا يُعَطِّرُ دَرْبَنَا حَتَّى الْغُرُبُ

فَالْحُبُّ يَكْتَمِلُ الْجَمَالُ بِظِلِّهِ

وَالْغَيْرَةُ الْحُسْنَى تُزَيِّنُهُ طُيُبُ

تَبْقَى الْغَيُورَةُ فِي الْقُلُوبِ رِسَالَةً

كَالنُّورِ يَسْكُنُ فِي الْفُؤَادِ وَيَثْبُ

يَا زَهْرَةَ الْأَرْوَاحِ يَا سِرَّ الْهَوَى

مِنْكِ السَّعَادَةُ فِي الْحَيَاةِ تُحَبُّ

تَبْقَى الْحِكَايَةُ عَنْ جَمَالِكِ آيَةً

يَحْلُو بِهَا وَصْفُ الْغَرَامِ وَيُكْتَبُ

فَالْغَيْرَةُ الْبَيْضَاءُ دَرْبُ كَرَامَةٍ

تَزْهُو بِهَا الْأَرْوَاحُ حِينَ تَؤُبُ

وَتَظَلُّ نَجْمًا فِي سَمَاءِ عَوَاطِفٍ

يَبْقَى الضِّيَاءُ بَهِيًّا لَا يَغْرُبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1391

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة