الديوان » العصر المملوكي » لسان الدين بن الخطيب » أسائلكم هل من خبير بسلوان

عدد الابيات : 79

طباعة

أُسَائِلُكُمْ هَلْ مِنْ خَبِيرٍ بِسَلْوَانِ

فَفِي لَيْلِ هَمِّي ضَاعَ أو سُبْلِ أجْفَانِي

وَهَلْ عِنْدَكُمْ عِلْمٌ بِصَبْريَ أَنَّنِي

فَقَدتُ جَمِيلَ الصَّبْرِ أَوْجَعَ فُقْدَانِ

يَقُولُونَ خَفّضْ بَعْضَ مَا بِكَ مِنْ جَوىً

وَهَانَ عَلَى الْمُرْتَاح مَا لَقِيَ الْعَانِي

تَضِيقُ عَلَىَّ الأَرْضُ وَهيَ فَسِيحَةٌ

كَمَا ضَاقَ فَوْقَ الْخِصْرِ مَعْقِدُ هِمْيَانِ

وَمَا يَفْتَأ الشَّوْقُ الْمُقِيمُ بِأضْلُعِي

إِذَا حِدْتُ عَنْ طَوْقِ الصَّبَابَةَ أَفْتَانِي

وَلَيْسَ مَشِيباً مَا تَروْنَ بمَفْرِقِي

وَلَكِن خُطُوبٌ جَمَّةٌ ذَاتُ أَلْوَانِ

وَأرَّقَ عَيْنِي والأسَى يَبْعَثُ الأَسَى

مُطَوّقَةٌ نَاحَتْ عَلَى غُصُنِ الْبَانِ

لِمَنْ دِمَنٌ يَشْكُو الْعَفَاءَ رُسُومُهَا

كَخَطِّ زَبُورٍ فِي مَصَاحِف رُهْبان

وَقَفْتُ بِهَا أَذْرِي النَّجِيعَ كَأَنَّمَا

تَقَرَّبَ وَشْكُ الْبَيْنِ مِنِّي بِقُرْبَانِ

دِيَارُ الأُلَى كَانُوا إِذَا أُفُقٌ دَجَا

كَوَاكِبَ يَجْلُو نُورُهَا لَيْلَ أَشْجَانِي

هَوَتْ مِنْ سَمَاءٍ بَعْدَمَا كُنَّ زِينَةً

فلَهْفِي عَلَيْهَا مِنْ ثَلاَثَةِ شُهْبَانِ

رَمَانِي بِيَعْقُوبَ الزَّمَانُ وَبَعْدَهُ

رَمَانِي بابراهيمَ فَذَانِكَ سَهْمَانِ

وَإِن كَانَ مَا بَيْنَ الخُطُوبِ تَفَاضُلٌ

فَلاَ مِثْلَ فَقْدِي أَحْمَدَ بْنَ سُلَيْمَانِ

فَإِنِّي إِنْ أَدْرَجْتُ مَحْضَ مَسَرَّتِي

وَجُمْلَةَ أُنْسي بَيْنَ لَحْدٍ وَأَكْفَانِ

فَوَاللهِ مَا أَنْسَانِي الدَّهْرُ أَوَّلاً

بِثَانٍ وَلاَ أُنْسِيْتُ بِالثَّالِثِ الثَّانِي

تَخَوَّنَهُمْ صَرْفُ الرَّدَى فَتَخَرَّمُوا

كَمَا انْتَثَرَتْ يَوْماً قِلاَدَةُ عِقْيَانِ

فَمِنْ سَابِقٍ وَلَّى عَلَى إِثْرِ سَابِقٍ

كَمَا اسْتَبَقَتْ غُرَّ الْجِيَادِ بِمَيْدَانِ

بِنَفْسِي مَنْ حَيَّيتُهُ فَسْتَخَفَّ بِي

وَلَوْ أَنَّهُ رَدَّ التَّحِيَّةَ أَحْيَانِي

وَعَهْدِي بِهِ مَهْمَا دَعَوْتُ وَبَيْنَهُ

وَبَيْنِي الْفَلاَ والسيل وَالْخَيْلُ لَبَّانِي

دَنَا مَنْزِلاً مِنِّي وَشَطَّ مَزَارُهُ

فَأيْنَ لِقَلْبِي مِنْهُ بِالشَّاحِطِ الدَّانِي

أَلاَ لَيْتَ عُمْرِي لَمْ يُفِدْنِي زَمَانُهُ

مَوَدَّةَ خِلٍّ سَارَ عَنِّي وَخَلاَّنِي

فَلَوْ شَعَرَتْ نَفْسِي وَإِنِي لَشَاعِرٌ

بِهِ يَوْمَ أَرْدَانِي لَشَمَّرْتُ أَرْدَانِي

هُوَ الْمَوْتُ يَخْتَارُ الْخِيَارَ وَيَنْتَقِي

جَنىً لِبَنِي الدُّنْيَا كَمَا يَفْعَلُ الْجَانِي

فَلاَ تَقْنَ مَا يَفْنَى تَعِشْ وَادِعَ الْحَشَا

أبى الدَّهْرُ أَنْ يُبْقِي عَلَى الدَّثِرِ الفَانِي

صَدِيقُ الْفَتَى إِنْ حُقِّقَ الْحَقُّ رَوحُهُ

وَكَمْ نِسْبَةٍ مَا بَيْنَ رُوحٍ وَجُثْمَانِ

وَمَا حَالُ زَنْدٍ لَمْ يُؤيَدْ بِسَاعِدٍ

وَمَا حَالُ طَرْفٍ قَدْ أُصِيبَ بِإِنْسَانِ

وَهَبْنِي أَمِنْتُ الْحَادِثَات ولَمْ تَرُعْ

جَنَانِي وَخَلاَّنِي الزّمَانُ وَحَلاَّنِي

ألَيْسَ إِلَى التَّحْلِيلِ كَلَّ مُرَكَّب

مُقَدِمَةٌ لَمْ يَخْتَلِفْ عِنْدَهَا اثْنَانِ

يَدُسُّ لِي الدَّهْرُ المَكِيدَةَ فِي الْمُنَى

فَإِنْ قُلْتُ قَضَّانِي الْحُقُوقَ تَقَاضَانِي

وَآمُلُ بُقْيَا فِي مَحِلَّة قُلْعَةٍ

لَقَدْ زِدْتُ فِي فَرْضِ الأَمَانِي عَلَى بَانِي

أيَعْقُوبُ مَا حُزْنِي عَلَيْكَ بِمُنْقَضٍ

وَلاَ أُنْسُ إِنْسَانٍ مُصَابَكَ أَنْسَانِي

وَلاَ حَلِيَ الْحَالِي عَلَى الْبُعْدِ غَرّنِي

وَلاَ عَيْشِيَ الْهَانِي عَلَى النَّأي الْهَانِي

فَمَنْ لِي بِدَمْع فِي الْمَحَاجِرِ مُنْهَمٍ

عَلَيْكَ وَقَلبٍ فِي الْحَنَاجِرِ حَيْرَانِ

نَسَبْتُ إِلَى مَاءِ السَّمَاءِ مَدَامِعِي

فَأَوْرَثَ لِي فِيهَا شَقَائِقَ نُعْمَانِ

إِذَا مَا حَدَتْ رِيحُ الزَّفِيرِ سَحَابَهَا

ثِقَالاً سَقَى مِنْهَا المَعَاهِدَ عِهْدَانِ

وَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْيَوْم دَمْعِيَ خَالِصاً

وَلَكِنَّ إِدْمَانِي عَلَى الدَّمْعِ أَدْمَانِي

لَقَدْ كُنْتَ لِي رُكْناً شَدِيداً وَسَاعِداً

مَدِيداَ وَمَذْ خُوراً لِسِرِّي وَإِعْلاَنِي

كَسَا لَحْدَكَ الرَّيْحَانُ وَالرَّوْحُ وَالرِّضَى

فَقَدْ كُنْتَ رَوْحِي فِي الْحَيَاةِ وَرَيْحَانِي

وَجَادَتْ عَلَى مَثْواكَ مُزْنَةُ رَحْمَةٍ

يُحَيِّيكَ مِنْهَا كُلُّ أَوْطَفَ هَتَّانِ

وَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ حَدِيقَةً

مِنَ الْفَضْلِ تُوتِي أَكْلَهَا كُلَّ إِبَّانِ

أَمِينٌ عَلَى السِّرِّ المَصُونِ مُحَافِظٌ

عَلَى كَتْمِهِ إِنْ ضَاقَ صَدْرٌ بِكتْمَانِ

لِئَنْ بَلِيَتْ تِلْكَ المَحَاسنُ في الثَّرَى

فَحُزْنِي جَدِيدٌ ما اسْتَمَرَّ الْجَدِيدَانِ

وَآهٍ عَلَيْهَا مِنْ نعيمٍ ونَضْرَةٍ

وَلَهْفاً عَلَيْهِ من شَبَابٍ وَرَيْعَانِ

ذَكَرْتُكَ وَالأَيَّامُ سَلْمٌ وَشَمْلُنَا

جَمِيعٌ وَطَرْفُ الدَّهْرِ لَيْسَ بِيَقْظَانِ

وَللنَّرْجِسِ المَطْلُولُ تَحْدِيقُ أَعْيُنٍ

وَللآسَةِ الغَنَّاءِ تَحْدِيدُ آذَانِ

وَلِلشَّمْسِ مَيْلٌ لِلْغُرُوبِ مُرَنَّحٌ

كَما رجَحَ الدِّينَارُ فِي كَفِّ مِيزَانِ

بِسَاطٌ طَوَاهُ الدَّهْرُ إِلاَّ تَذَكّراً

فَمَا تَنْقَعُ الرَّمْضَاءُ غُلَّةَ ظَمْآنِ

وَإِنْ ذُكِرَ الإِخْوَانُ مَنْ مثِلُ أحمَدٍ

ألاَ كُلّ مَرْعىً بَعْدَهُ غَيْرُ سَعْدَانِ

ذَخِيرَة أيَّامِي وَوُسْطَى قِلاَدتي

وَنُكْتَةُ إِخْلاَصِي وَحِكْمَةُ دِيوَانِي

وَمَنْ إِنْ ضَلِلْتُ القَصْدَ يَوْمَ اسْتِفَادَةٍ

هَدَانِي إِلَى نَهْجِ السَّبِيلِ وَهَادَانِي

شَهِيدٌ مَرَتْ عَيْنِي عَلَيْهِ نَجِيعَهَا

كَأَنَّهُمْ وارَوْهُ مَا بيْنَ أَجْفَانِي

أَخِلاَّءً كَانُوا فِي الشَّدَائِدِ عُدَّةً

إِذَا أَثْمَرَتْ هُوجُ الخُطُوبِ بِخُطْبَانِ

تَمَّناهُمُ مَثْوَى الرَّدَى فَتَحَمَّلُوا

وَحَلَّوا جوَارَ اللهِ أَكْرَمَ ضِيفَانِ

يَحِقُّ لَهَمْ أنْ يُغْبَطُوا إِذْ تنَقَلُوا

إِلَى العَالمِ البَاقِي منَ العَالمِ الفَانِي

وَمَا أَكْفَتِ اللَّقُيا وَإِنْ بعُدَ المَدَى

ويَا قُرْبَ مَا بَيْنَ المُعَجِّلِ والوَانِي

سَكَنْتُمْ فَحَرَّكْتُمْ جحِيمَ جَوَانِحِي

وَغِبْتُمْ فَأَحْضَرْتُمْ لَوَاعِجَ أَحْزَانِي

وَيمَّمتُم خُلْدَ النَّعِيمِ فَإِنَّنِي

لأشْقَى فَيَا بُؤْسِي بِسُكَّانِ نَعْمَانِ

وَلو أنَّنِي أَعْطَيْتُ نَفْسِيَ حَقَّهَا

فَمَا أنَا لِلْعَهْدِ الكَرِيمِ بِخَوَّانِ

بَكَيتُ عَلَى أَجْدَائِكُمْ غَيْرَ مُقْلِعٍ

إِلَى أنْ يَقُولَ النَّاسُ عَابدَ أَوْثَانِ

وصِحْتُ بِرَكْبِ العَدْلِ لا تَنْوِ خَطْرَةً

عَلَى حُسْنِ عَهْدِي فَهْوَ توأَمُ إِيمَانِي

ولاَ عَارَ في وِرْدِ الحَمَامِ فَإِنَّهُ

سَبيلُ الوَرَى مَا بَيْنَ شِيبٍ وشُبَّانِ

لَعَمْرُكَ مَا يَصْفُو الزَّمَانُ لِوَراِدٍ

وَإِنْ طَالَ مَا أحْمَى لَظَى الْحَرْبِ صَفَّانِ

وَقِس آتِياً مِنْ أَمْرِهِ بالَّذِي مَضَى

فَرُبَّ قِيَاسٍ كَانَ أَصْلاً لِبُرْهَانِ

أَمَا تَرَكَتْ كسْرَى كَسيراً صُرُوفُهُ

وَلانَ عَلَى صَوْلاَتِهِ مَلِكُ الَّلانّ

وَمَدَّ إِلَى سَيْفٍ أَكُفَّ اعْتِدَائِهِ

فَأَخْرَجَهُ بالرَّغْم مِنْ غَمْدِ غُمْدَانِ

وهَلْ داَفَعَتْ خَطْباً تَوَابعُ تُبَّعٍ

وَهَلْ دَرَأَت كَرْباً ِسَياسَةُ سَاسَانِ

وَكانَ قِيَادُ الصَّعْبِ صَعْبَاً مُمَنَّعَاً

فَأَلقَى إِلَى الدُّنْيَا مَقَادَةَ إِذْعَانِ

جَلَتْ لِبَنِي العَبَّاسِ وَجْهَ عُبُوسِهَا

وَقَبْلُ أَمَرَّتْ شِرْبَ أَبْنَاءِ مَرْوَانِ

وَكَمْ أَخْلَفَتْ شَتَّى المُنَى مِنْ خَلِيفَةٍ

وَأَذوَتْ رِيَاحُ الدَّهْرِ أَدْوَاءَ تِيجَانِ

وَغَادَرَتِ القَصر الْمَشِيدَ بِنَاؤُهُ

بِسَنْدَاد قُفْرا بَلْقَعاً بَعْدَ عُمْرَان

وَلو تُبْق يَوْماً لِلْخَوَرْنق رَونَقاً

وَلاَ شَعَبَتْ مَا اخْتَلَّ مِنْ شِعْبِ بَوَّانِ

وَكَمْ مِنْ أَبِيٍّ سَامَهُ القَسْرَ دَهْرُهُ

فَأَبْدَى لهُ بَعْدَ الرَّضَا وَجْهَ غَضْبَانِ

وَمُحْتَقِبٍ مَاضِي الذُّبَابَيْنِ فِي الوَغَى

سَطَا مِنْهُ بِالأَنْفِ الحَمِّي ذُبَابَانِ

وَأَيَّ سُرُورٍ لَمْ يَعُدْ بِمَسَاءَةٍ

وأي كمال لم يعاقب بنقصان

وَمَنْ بَاعَ مَا يَبْقَى بِفَانٍ فَإِنَّمَا

تَعَجَّلَ فِي دُنْيَاهُ صَفْقَةَ خُسْرَانِ

خُذُوهَا عَلَى بُعْدِ النَوَى مِن مُسَهَّدٍ

حَلِيفِ أسىً هَا فِي الجَوَانحِ لَهْفَانِ

وَوَاللهِ مَا وَفَّيِتُ حَقَّ مَوَدَّةٍ

وَلكَنَّهُ ُوسْعِي وَمَبْلَغُ إِمْكَانِي

وَمَهْمَا تسَاَوى مُطْنِبٌ وَمُقَصِّرٌ

بِحَالٍ فَحُكْمُ النُطْقِ وَالَّصْمِت سِيَّانِ

وَلا لَوْمَ لِي فِي العَجْزِ عَنْ نَيْل فَائِتٍ

فَإِنَّ الذِي أعْيَ البَرِيَّةَ أَعْيَانِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن لسان الدين بن الخطيب

avatar

لسان الدين بن الخطيب حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alkhatib@

746

قصيدة

3

الاقتباسات

480

متابعين

محمد بن عبد الله بن سعد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب. وزير مؤرخ أديب نبيل. كان أسلافه يعرفون ببني الوزير. ولد ونشأ ...

المزيد عن لسان الدين بن الخطيب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة