الديوان » مصر » حفني ناصف » في خبرة الدهر ما يغني عن الخبر

عدد الابيات : 47

طباعة

في خِبرةِ الدهرُ ما يغني عن الخبَرِ

وفي الحوادثُ تذكارَ لمدَّكرِ

وفي تفرقِ آراءِ الورى شعباً

معْ وحدةَ الشكلِ ما يكفي لمعتبرِ

والناسُ كالنبت منه مالهُ ثمرٌ

بغير شوكٍ وذو شوكٍ بلا ثمرِ

لِنيّة المرءِ في أعمالهِ سِمَةٌ

جليّة ستْرُها من أعسرِ العسرِ

والفعلُ يُبرز مكنوناتِ مصدرهُ

يوماً فما مصدرُ السوأى بمستترِ

لايثنيّنك عن كسب الثناء فتىً

يراك مِن حسدٍ بالمنظرِ الشزرِ

لن يستطيع اكتتامَ الفضلِ ذو حسدٍ

إذ ليس يخفي عبير العنبرِ العطرِ

ما شئتُ فاعمل فمهما كنت مستتراً

تُعلمْ سجاياكَ بين البدو والحضرِ

والمرء مهما سمتْ في المجدِ رتبتهُ

فليس إلاّ بما يبديه من أثرِ

أما ترى أحمداً سارت فضائلهُ

في الخافقين مسير الشمسِ والقمرِ

وفضلهُ ملأ الدنيا وسيرتُه

أرْبَى شذاها على روضِ الربى النضرِ

هل ذو فم لعلاهُ غير ممتدحٍ

أو منتدى من ثناه غير معتطرِ

ذاك الذي نالت العلياءُ مطلبها

به فلم يبقَ للعلياءِ من وطرِ

هذي المدارسُ لما جاءها طربت

من بعد ما اضطربت في سالفِ العصُرِ

أمست بحالٍ لها بين الورى خطرٌ

بعزمهِ بعد ما كانت على خطرِ

أعاد للعلم في ذا القطر مهجتهُ

حتى غدا ينجلي في أحسن الصور

شاد الدروس التي آثارُها درست

لولاهُ لم يبقَ من عين ولا أثرِ

إن جال بالفكر قلتَ الشهبُ ثاقبةٌ

أو قال قلتَ خضمّ جاء بالدررِ

بِعدْ لهِ كلّ شخصٍ نال رتبتهُ

من العلا لم يُجرْ عمروٌ على عمرِ

إن أستحِق بعرفاني عنايتَهُ

أنالنيها فلا يحتجُ بالصغرِ

فأي حسنٍ كحسنِ العلمِ في صغر

وأي قبحٍ يضاي الجهل في الكبرِ

لن أخرق الأرض أو أرقى الجبال عُلىً

فإنما قيمة الإنسانَ بالفِكَرِ

لا تفتخر بالغنى يا حاسدي سفهاً

ففي الفضائلَ ما يكفي لمفتخرِ

وما فخاركَ بالأنسابِ تذكرها

أبا خراشةَ أما أنت ذا نفرِ

مولاي دعوة ثاوٍ بين ذي بصرِ

بغير سمع وسمع غير ذي بصرِ

نداء مستلفتٍ أنظاركم أملاً

أن تُلحقوهُ بأقوامٍ ذوي نظرِ

أشكو إلى عدلكم نفياً أُصبت به

وما أتيتَ بذنْبٍ غيرِ مغتفرِ

لم تستشر سفراءُ العلم فيّ ولم

تدعَ الفنونُ إلى أعمالِ مؤتمرِ

وبرلمان العلا أعضاؤهُ رفضت

نفيي ولم ترضَ أحزابَ الهوى ضرري

لم يرقبوا لاتفاقَ بينها قدماً

عهداً ولم يطلبوا الإغضاءَ من سِيَري

وقد رأت غِيرُ الدنيا شقاي ولم

ترَ المعالي وكان الحكمُ للغَيرِ

وغايةٌ كنت أسعى نحوها زمناً

مضت ولم أقضِ من إدراكها وطري

وارحتما لفنونٍ كنت أسعى نحوها زمناً

نفعاً وقد ضاع فيها أطيبُ العمُرِ

أقضى بياض نهاري في الدروسِ وسل

يا أيها الشمسُ نجم الليل عن سهري

ويا رعى اللهُ أياماً مضت عبثاً

بين الزوايا وبين القوسٍ والوترِ

لم يجْدِني الكدُّ في المنثور فائدةً

ولا التعلم بالأهرام والأكَرِ

ولا قضى لي اختصار الكسر من أربٍ

ولا مناقشةَ الأرباحِ والجذُرِ

وأي فائدةٍ في النحوِ أقصد إن

لم يرتفع بين أربابِ العُلَى خبَري

وما النتيجة من وزن العروضِ إذا

لم يحوِ معناي بيتٌ غير منكسرِ

هذي الفنون التي لم تُجنْنِي ثمراً

مالي أذود الدى عن عودها الخضرِ

لا أنثني عن هواها فهي خائنةً

وأستعيضُ عن الإيراد بالصدَرِ

أصدها حيث صدتني وأرغب عن

سعيي إليها ولا أحبو لها عُمري

وآخذ الجهل لي خدناً أرافقهُ

فطالما سعد الجهالُ بالظفرِ

ولا أوافي رفيقاً لا وفاء له

ولا أصافي الذي يسعى إلى كدرِ

ولا أعرّف دهري وقع فَعلتهُ

وأوهمُ الناسَ أني لست في ضجرِ

ولا أُرِي نُظرائي كنهَ منقلبي

ولا الحوادثَ أني غيرَ مصطبرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حفني ناصف

avatar

حفني ناصف حساب موثق

مصر

poet-hifni-nasif@

352

قصيدة

3

الاقتباسات

426

متابعين

فني (أو محمد حفني) بن إسماعيل بن خليل بن ناصف. قاض أديب، له شعر جيد. ولد ببركة الحج (من أعمال القليوبية - بمصر) وتعلم في الأزهر، وتقلب في مناصب التعليم، ...

المزيد عن حفني ناصف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة