الديوان » العصر العثماني » نيقولاوس الصائغ » هو العمر أهناه اصطناع المكارم

عدد الابيات : 69

طباعة

هوَ العُمرُ أَهناهُ اصطِناعُ المكارمِ

هو العيشُ أَصفاهُ اصطِفاءُ الأكارمِ

تَمُرُّ حيوةُ المَرءِ وَشكاً وانهُ

لما بينَ يقظانِ الجُفُونِ ونائِمِ

وما الخيرُ والمعروفُ في كل مكنةٍ

سِوَى فُرصةٍ مَلساءَ في كفّ حالمِ

حيوةُ الفتى في سُوق ذا العُمرِ متجرٌ

فتبّاً لخَسرانٍ وطُوبى لغانمِ

حَذارِ من الدنيا الغَرُورِ باهلها

فكم بُدِّلَت افراحها بمآثمِ

توقَّ كؤُوس النُجحِ إِمَّا تشعشعت

فصَهباؤُها ممزوجةٌ بالعلاقمِ

ولا تَغتَرِر بالأَريِ فالشَريُ دُونَهُ

وفي ضَرَبِ الحُلوَى ضُروبُ السمائِمِ

من الناسِ من يُرجَى نوالاً ويَختَشَى

ومَن عُدَّ في الدُنيا كبعض البهائِمِ

طوالُ اللَجى لكن قِصارُ عزائِمٍ

صِغارُ النُهى لكن كِبارُ العمائِمِ

وكلُّ فَتىً لا يُرتَجى لِمُلِمَّةٍ

فَذَرهُ وكُن عن فَقدهِ غير سادمِ

فيا مَن غدا وجهاً وجيهاً فوجِّهَن

إلى اللَهِ وَجهاً من وُجوه المراحمِ

فانَّ زَكاةَ المال إِسعافُ بائسٍ

وان زَكاةَ القَدرِ ترميدُ ظالمِ

وليسَ زكاةُ الجاهِ الَّا حِمايةً

لَدَى العجز من بَغي الأَلدِّ المخاصمِ

وليسَ زكاةُ النُطقِ الَّا إِقامةً

لحُجَّةِ ذي حصرٍ عن القَولِ واجمِ

فأَدُّوا إلى اللَه الزَكاةَ لتغنَموا

بها البِرَّ ان البِرَّ أَسنَى الغنائِمِ

تأَمَّلتُ دهراً سُلَّ منهُ كِرامُهُ

سِوَى النَدبِ عبدِ اللَهِ نسلِ الأكارمِ

ابي يُوسُفَ القَرمِ الذي فاقَ في النُهَى

على الناس من ماضٍ وبادٍ وقادمِ

تُسدَّدُ آراءُ الوُلاةِ برأيهِ

إلى ان غدا مُعتلُّها مثلَ سالمِ

اذا ما رأى فعلاً بدت فيهِ عِلَّةٌ

اتاهُ بامرٍ ناهي الريب جازمِ

لهُ اللَهُ من شَهمٍ لقد أحرزَ التُقَى

وان التُقى للمرءِ أحرَزُ عاصمِ

أَلا إِنَّ تَقوَى اللَه حِرزٌ ممنّعٌ

يُصانُ بهِ لا بالرُقَى والتمائِمِ

لقد ذَرَّ في أُفقِ المشارقِ كوكبٌ

تَجَلَّت بهِ الجُلَّى وجُنحُ المظالمِ

تصاغَرَ حُبّاً فاضلاً غيرَ صاغرٍ

وأَبذلَ فضلاً شاكراً غيرَ نادمِ

وأَحنى لدى الحاجاتِ جِيداً وكاهلاً

وأَخنَى على الفَدمِ العنيدِ المقاومِ

وماحَ ذوي الفاقاتِ أَقصَى مُناهمُ

وأَرضَعَهُم بالأَمنِ من ضَرعِ راحمِ

لهُ الهِمَّةُ الكُبرَى بكل مُلِمَّةٍ

فما زالَ ماضي الامر ماضي العزائمِ

فانَّ ذَكاءَ العقل للمَرءِ مَعقِلٌ

غنيٌّ بهِ عن كلّ تُرسٍ وصارمِ

بَسالةُ أُسد الغاب من دون بَهمِها

بهِ فهو خِلصُ الأُنسِ بينَ العوالمِ

فكالليثِ لكن دونَ نشبِ اظافرٍ

وكالغيثِ لكن دونَ بَسر الغمائِمِ

وكالبدرِ لكن دُونَ نقصٍ وخسفةٍ

وكالبحر لكن دُونَ موجٍ ملاطمِ

فما عَظُمَت يوماً لديهِ عظيمةٌ

ولو أَنَّها كانت اجلَّ العظائمِ

فكم غادرٍ افضالَهُ ومغادرٍ

لها قام فيهم عاذراً غيرَ لائمِ

بَنَى من صياصِي الحُبّ ما كان دارساً

وكم بينَ بانٍ بالقُلوبِ وهادمِ

لقد زانَهُ خَلقٌ وخُلقٌ مهذَّبٌ

فما شانَ منهُ الشانَ لَومُ اللوائِمِ

طِباعٌ كماءِ المُزنِ صفواً وكالصبا

مَخايِلُ قد يصبو لها كلُّ حازمِ

خِلالٌ كوَشيِ الروضِ باكَرَهُ الحَيا

بها سجعُ فضلٍ دونَ سجعِ الحمائمِ

وشِنشِنةٌ ما شانَها قَطُّ وَصمةٌ

وخِيمٌ لهُ تعنُو شَمَالُ النواسمِ

ووَجهٌ اذا ما الوَفدُ أَمَّ مُورَّدٌ

تفتَّقَ غيظاً منهُ وردُ الكمائِمِ

لقد لَهِجَت في مدحِهِ أَلسُنُ الوَرَى

أَتى المدحُ من أَفذاذِها والتوائِمِ

ولا بِدعَ ان أَهدَوا نِثارَ مديحهم

لمن قامَ في أحوالهم خيرَ ناظمِ

امينُ ذوي الأَقدارِ نَدبٌ مُدرَّبٌ

تُصانُ بهِ الأَسرارُ صَونَ الكرائِمِ

حفيظٌ اذا ما استُودِعَ السِرَّ لم يَبُج

فكانَ لناهي أَمرِهم خيرَ كاتمِ

وَدُودٌ فلم يَخفُر ذِماماً بعهدهِ

وانَّ انتقاضَ العهد شرُّ الذمائِمِ

فيا مَن غدا للجار كَهفاً ومَوئِلاً

وان جارَ الَّا في ارتكابِ المحارمِ

لَعَمرُكَ سالمتَ الزَمانَ بفِطنةٍ

وان كانَ هذا الدهرُ غيرَ مُسالمِ

تمرَّستَ بالأَحوالِ عن جُلِّ حِكمةٍ

فصِرتَ بهذا الدهرِ احكمَ حاكمِ

اذا فَغَرَت فاها اللَهَى تبتغي اللُهَى

وَقَفتَ بها وَقفَ الشَجا في الغلاصمِ

نَفَحتُكَ مدحاً ان نفحَ كِبائهِ

يَلَذُّ بهِ نشقُ النُهَى لا الخياشمِ

يُعِيرُ نسيمَ الصُبحِ لُطفاً ورِقَّةً

اذا ما ازدَهى يوماً لطيفَ النسائِمِ

اذا رَمَقَت عينُ العُداةِ انسجِامَهُ

رأَتهُ ولكن بالعُيونِ السواجمِ

وان صُمِّمَت آذانُهم عن سَماعهِ

صَغَت نحوهُ آذانُ صُمّ الصلادمِ

قريضُ قريئٍ سِيقَ للحبِّ مُخلصاً

وان سِيقَ مَن دوني لنيلِ الدراهمِ

بهِ ارتحلَت اشواقُنا ظهرَ كاغدٍ

ولولاهُ أَنضَينا هِجانَ الرواسمِ

فهِمنا قلوباً اذ فَهِمنا نُعوتَكم

فما من نُهىً الَّا بمَعناك هائِمِ

وَثِقتُ باني في مديحك صادقٌ

وقد يُوجِبُ التصديقَ صِدقُ العلائِمِ

وانتَ بحمدِ اللَهِ ما زلتَ كُفؤَهُ

تَفِيهِ كما اوفيتَ عن كل غارمِ

بَقِيتَ مَدى الايامِ بَهجةً اهلها

تَذِيلُ بفَضفاضٍ من العِزِّ دائمِ

عظيمَ الوَلا مُستطرِفاً كلَّ نِعمةٍ

ومستغنماً فيها أَبَرَّ المغانم

ولا عُرِفَت لك بينَ رَهطِكَ قيمةٌ

ولا قيلَ يوماً كانَ بَرَّ المكارمِ

ولا زِلتَ في طَودٍ من العِزّ شامخٍ

منيعِ العَلا الأَسمَى وطيدِ الدعائِمِ

بجاهِ التي قد شرَّفَ اللَهُ قَدرَها

فحارَ بَمَعنى سِرّها كلُّ عالمِ

هيَ الآيةُ العُظمَى وسيطةُ جِنسنا

شفيعتُنا يومَ اجتِزاءِ المآثمِ

هيَ الهيكلُ الأَسنَى لسُكنَى إِلهنا

يسوعَ هُوَ ابنُ الآبِ ثاني الاقانمِ

هيَ الكوكبُ الوَضَّاحُ يَهدِي ضِياؤُهُ

لَمِن ضلَّ في ظِلِّ الذُنُوبِ القواتمِ

اذا مَسَّتِ الضَرَّاءُ فاقصِد جَنابَها

تَجِد عِندَها السَرَّاءَ عن ثَغر باسمِ

لَقَد حَسَمَت عنا وَثاقَ ذُنوبنا

فكانت لحَسمِ الداءِ افضلَ حاسمِ

اليكِ أَأُمَّ اللَهِ قد جِئتُ سائلاً

نَوالَ نداكِ الهاملِ المتراكمِ

فما مُنقِذٌ إِلَّاكِ للمرءِ ان بُلِي

بآزفةٍ من سُوءِ شرٍّ مُداهمِ

أُرجِّي بكِ الشُفعى لصَفحِ مآثمي

لَدَى حاكمي أَلَّا يَكُونَ مُحاكِمي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نيقولاوس الصائغ

avatar

نيقولاوس الصائغ حساب موثق

العصر العثماني

poet-nicolaos al-sayegh@

342

قصيدة

28

متابعين

نيقولا (أو نيقولاوس) الصائغ الحلبي. شاعر. كان الرئيس العام للرهبان الفاسيليين القانونيين المنتسبين إلى دير مار يوحنا الشوير. وكان من تلاميذ جرمانوس فرحات بحلب. له (ديوان شعر - ط) وفي ...

المزيد عن نيقولاوس الصائغ

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة