الديوان » العصر العثماني » نيقولاوس الصائغ » ما للهدى كالأربع الأدراس

عدد الابيات : 82

طباعة

ما للُهدَى كالأَربُع الأَدراسِ

أو كالرُقودِ بهَبوةِ الأَرماسِ

ما للحقائقِ والحُقُوقِ كأَنَّها

شَبَحٌ الرُسومِ بصَفحةِ القِرطاسِ

أَنّي أُشِيدَت للطُغاةِ مَدارسٌ

وغدا الهُداةُ فماً بلا أَضراسِ

وقَدِ استَسَر ضِياؤُهُ من عُصبةٍ

هم آل فوتي مع أُولي برداسِ

لمّا طَوى اللَهُ انتشارَ ظلامِهِم

أرمى بهم في ظُلمةِ الأَغلاسِ

كم حطَّ مرتفعَ الذُرى من بعدِ أَن

قد كانَ فوقَ أَسِرَّةٍ وكراسي

قُطِعوا كعِضوٍ فاسدٍ من جِسمِهِ

فرُمُوا وكانت ضربةً في الراسِ

سِربٌ غداً مُتَوسوِساً مُتَدلساً

مع كل غُمرٍ ماذق دلاسر

فكأَنَّما رأيُ التَناسخِ صادقٌ

أُسُدٌ تُرى في صورة النَسناسِ

قومٌ لذُلِّهِمِ أُقِيمَ دليلُهم

ناراً يُطافُ بها على الجُلاسِ

أَضحت كأَورَشَليمَ في أَيدي الوَرى

مَثوى الرضى ومَحَلَّةَ الأَقداسِ

هل إِنَّ أُورَشَلِيم عرشَ إِلهِنا

موضوعُ كلِّ خديعةٍ وتَناسِ

ما كلُّ ساطعةِ المعادنِ عَسجَدٌ

كم بينَ إِبريزٍ وبينَ نُحاسِ

فهُناكَ نورٌ غيرُ محسوسٍ وذي

نارٌ تُرى من ناظرٍ حَسَّاسِ

نُورٌ بصُنعِ اللَهِ لا بتَصَنُّعِ ال

مَطرانِ والقِسِيسِ والشمَّاسِ

مستقبسوهُ من الأُولى سَلَفُوا بأَن

تُستَقبَسَ النِيرانُ من مِقباسِ

فكأَنهم ضربوا لنورِ سنائهِ

مَثَلاً من المِشكاةِ والنِبراسِ

ماذاكُمُ نُوراً تراهُ وَهوَ إذ

يبدو فترمُقُهُ عُيُونُ الناسِ

أَبدُوا الذي دبَّرتموهُ فما لَهُ

متستِّراً في الكِنِّ والديماسِ

لو كان ذا حقاً جلياً واضحاً

ما احتاجَ للإِخفاءِ والإِلباسِ

ذي رتبةٌ مثبوتةٌ لا حِيلةٌ

مبثوثةٌ بقبائل الأَجناسِ

ولقد أتى فيها فُخولوجينُنا

وبهِ لها في الرُوسِ أقدمُ راسِ

تَتَقدَّسُ النِيرانُ جَمراً مثلَما

تتقدَّسُ الأَمواهُ يومَ غطاسِ

فكِلاهما حَلَّ الإِلهُ بهِ فَلِن

طبعاً وأَيقِن أَيُّهذا الجاسي

واقدِم فما عُلَّيقةٌ بل جُذوةٌ

أَورى الزِنادَ بها فما من ياسِ

وأَنس بها ناراً تُضيءُ بفندها

واخلَع نِعال المكرِ والادلاسِ

نارٌ ذكت وخُمودُها ودخَانُها

أنواعُها دلَّت على الأجناسِ

هَضَمَت لكلِّ مَوَاددٍ غذيت بها

فقضيَّةٌ لم تفتقر لقياسِ

ذا حدُّها وقِياسُها إحراقُها

بشُموعها ووهيجِ كل مقاسِ

فترى بهاتيكَ القيامةِ قائماً

أقوامَها بالإِثمِ والأَرجاسِ

يَجُرونَ كالفَرَس الصَهُول بضَجَّةٍ

في حينما الترتيلِ والقُدَّاسِ

أَنى الجرائحُ تُلتَقى في مُلتَقى

بحرِ الخَنا المحذورِ والأَدناسِ

ومن العجائبِ ان تُؤَمَّ عجائبٌ

قُدسيَّةٌ في مَجمَعِ الأَنجاسِ

فتَفرَّسَنَّ بذي الضَلالةِ والدَها

تلقى الهُدى يا فارسَ ابنَ فِراسِ

أَرمَى بنو الرومِ المَرامَ فاخطأُوا

ثُلِمَت أَرُومتُهم بأَثلَمِ فاسِ

وضعوا رجاءهمُ على أَحسابِهِم

فلِذاكَ قد حُمِلوا على الآياسِ

فَهُمُ المَجوسُ المُلحِدونَ وشأنُهم

ان يَسجُدوا للنارِ والأَقباسِ

راموا السَناءَ برفعِ ذيَّاكَ السَنى

فمُنُوا بخفضِ سَنائِهم في الناسِ

قومٌ سَواسِيَةٌ فكُلٌّ منهمُ

صعبٌ مُمارسةً وصعبُ مِراسِ

عَطِبُوا ببحرِ ضَلالِهم فكأَنَّهم

سُفُنٌ خَلَت من ريّسٍ ومَراسي

ما أوجبوا باللُبسِ سالبَ أمرهم

إلّا لسلبِ مآكل ولِباسِ

لَزِموا الخُضوعَ لِذي المعاثرِ مثلما

لَزِمَ الرقيقُ أوامرَ النَخَّاسِ

سُحقاً لهم ماذا يكون جَزاؤُهم

يوم الجَزاءِ ومَقسِطِ القِسطاسِ

لا تَعجَبَنَّ إذا بَغَوا فيما ابتَغَوا

وإذا جَسَوا وَقَسَوا بغيرِ قياسِ

فمَحَبَّةُ الوَرَقِ الدنيَّةُ اسلمت

رَبَّ العُلى للصَلبِ من يوداسِ

ماذا النفاقُ يقولُ قومٌ إِنَّها

سُنَنٌ من الإِملاقِ والإِفلاسِ

مَن أَحسَنَ استنقاذَ آل جهنَّمٍ

بالغِشِّ عمداً فَهوَ شَرُّ مُؤاسِ

أَنى السُجودُ يَلِيقُ بالنارِ التي

هي خُدعةُ الآراءِ والأحواسِ

أَنَّي يجوزُ المَكرُ ممَّن صَيَّروا

مَن لم يُصِخ لضَلالِهِم كمُداسِ

هَدماً لأُسِّ بِناءِ بِيعةِ بِطرُسٍ

مَن أَسَّها الرحمنُ خيرَ أَساسِ

ذي خَيرُ واحدةٍ وجامعةٍ معاً

قُدسيَّةٍ بمُثلَّثِ الأَقداسِ

والرُسلُ أَضحَوا لابتناءِ حُقوقِها

بعدَ الثلثةِ رابعَ الأَدماسِ

مَن في المَحَبَّةِ جَريُهم أَربى على

جَريِ الخُيُولِ الضُمر والأَفراسِ

ساعينَ لا سيفاً ولا كيساً فَدَع

قوماً سطوا بالسيفِ والأَكياسِ

ثُنِّي وثُلِّثَ غَيُّ آلِ أرابعٍ

جحدوا بهنَّ الخمسَ في الأَسداسِ

شَتَّانَ فيما بينَ أَن صدَقَ النُهى

ليثُ العرينِ وبينَ ظبيِ كِناسِ

ويَرُوقُكَ الحُبُّ الذي يُبدُونَهُ

متوشِّحاً بملابسِ الإِيناسِ

كم أفلقوا بالوعظِ قلباً جامداً

بهِمِ استلانَ وكانَ اعظمَ قاسِ

فعلوا بأَفئِدةِ الورى أَضعافَ ما

فعلت دِما بعضِ الدُمى بالماسِ

وبكل قُطرٍ نمَّ قَطرُ علومِهِم

ونما فأَنمى جِيّدَ الأَغراسِ

يا خيرَ من سِيسوا بطاعةِ حِبرِهِم

فاكرِم بِهِم من سائسٍ ومُساسِ

خَلَفَ الصَفا رأَسَ الكنيسةِ نائبَ اللَهِ

المحكَّمَ في النَدَى والباسِ

هذا هُوَ الحِبرُ العظيمُ مُقدَّمُ ال

أَحبارِ حتى آخِرِ الأَنفاسِ

مَن رَسمهُ قد جاءَ في نُوحٍ

ويعقوبٍ بكلِّ تشابُهٍ وجِناسِ

سُلطانُهُ في العالَمينَ وحُكمُهُ

في الخافِقَينِ مسيِّرٌ أوراسِ

يا مُثخِناً جُرحَ المعاصي لُذَّ بطا

عتهِ فيُوسِي جُرحَك المتماسي

ان القَضاءَ العامَ خُصَّ بهِ فكلٌّ

من ولاهُ مجردٌ أوكاسِ

يا صاح فاطرح عنكَ جِلبابَ الردى

واخلَع رِداءَ الهمِّ والوَسواسِ

وابشِر بما قد نِلتَ من نَيلِ الهُدى

بِشرَ الوَرى بالنِيل ذي المِقياسِ

لا تُلغِ إِحسانَ الإِلهِ تَناسِياً

بل كُن لسُوءِ الناسِ أكبَرَ ناسِ

واحذَر تَناسي الحقِّ عمداً انهُ

شَرٌّ من الناسي هو المُتَناسي

واحسُ التُقى من كأسِ بِيعتِهِ التي

ما لَذَّ غيرُ سُلافِها للحاسي

وإذا دُعِيتَ إلى السلوّ فكن اخا ال

خَنساءِ عن شَيطانِها الخنَّاسِ

ها إِنَّني لا أَرتَوِي من كأسِها

هاتِ اسقِني بالزِقِّ لا بالكاسِ

كم اسكرَت عقلاً حسا من حانِها

خمرَ الحِجى من أَشرفِ الاكواسِ

كم قَوَّمَت متعوّجاً عن رُشدِهِ

كَلِفاً بقَدٍّ اهيفٍ ميّاسِ

مستهّدَ الأَجفانِ ممنوعَ الكَرى

من كل لحظٍ ذابلٍ نَعّاسِ

كم ذا قَدِ اضطُهِدَت وما غُلِبَت وقد

ظَفِرَت بغيرِ أَسنَّةٍ وتِراس

كم أَغرَضَت قلباً مواعظُ رُسلِها

فصُمي بلا سهمٍ ولا أَقواس

كم حكَّمت عقلاً تَحكَّمَهُ الرَدى

بالجهلِ فَهيَ لكلِّ سُقمٍ آس

عَرَّستُ في أَرجاءِ حَلبةِ مجدِها

فَغِنيتُ عن عِرسٍ وعن أعراسِ

فيها ذُرى الإِيمانِ شِيدت بعدَما

خِلتُ الهُدى كالأَربعِ الأَدارسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نيقولاوس الصائغ

avatar

نيقولاوس الصائغ حساب موثق

العصر العثماني

poet-nicolaos al-sayegh@

342

قصيدة

28

متابعين

نيقولا (أو نيقولاوس) الصائغ الحلبي. شاعر. كان الرئيس العام للرهبان الفاسيليين القانونيين المنتسبين إلى دير مار يوحنا الشوير. وكان من تلاميذ جرمانوس فرحات بحلب. له (ديوان شعر - ط) وفي ...

المزيد عن نيقولاوس الصائغ

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة