الديوان » العصر الأندلسي » ابن حزم الأندلسي » لم أشك صدا ولم أذعر بهجران

عدد الابيات : 32

طباعة

لَم أشكُ صَدَّا وَلَم أذعَر بِهُجرَان

وَلاَ شَعُرتُ مَدَى دَهري بِسُلوَانِ

أسمَاءُ لَم أدر مَعنَاهَا وَلا خَطَرَت

يَوماً عَلَيَّ وَلاَ جَالَت بِمَيدانِي

لَكِنَّمَا دَائِيَ الأدوَى الذي غَضبَت

عَلَىَّ أروَاحُهُ قِدماً فَأعيَانِي

تَفَرَّقَ لَم تَزَل تَسري طَوَارقُهُ

إلَيَّ بِجَامِع أحبَابِي وَخِلاَّنِي

كَأنَّمَا البَينُ بِي يَأتَمُّ حَيثُ رَأى

لِي مَذهَباً فَهوَ يَبلُونِي وَيَغشَانِي

قَد كُنتُ أحسِبُ عِندَيَ النَّوَى جَلِداً

إذَا عَنَى فِي بَوَادي شَجوهَا العَانِي

فَقَابَلَتنِي بِألوَانٍ غَدَوتُ بِهَا

مُقَابَلاً مِن صَبَابَاتِي بِألوَانِ

بِالله أنسَى أخاً لِي قَد لَهِجتُ بِه

نَفسِي تُحَدّثُنِي أن لَيسَ يَنسَانِي

فَإن يَكُن فِيه ظَنِّي صَادقاً فَلَقَد

عَهِدتُّ ظَنِّي قَديماً غَيرَ خَوَّانِ

هَذَا عَلَى قِسمَة الأيَّام لَيسَ عَلَى

أنِّي أخَافُ عَلَيه طَبعَ نِسيَانِ

قَد كُنتُ ألقَى زَمَانِي مِنهُ مُدَرّعاً

عَلَى تَغَوُّل أيَّامِي وَأزمَانِي

درعاً يَقُولُ الرَّدَى مِن أجلِهَا حَذَراً

ما شأنُكَ اليَومَ يا هَذَا وَمَا شَانِي

فَالآنَ أظلَمَت الدُّنيَا لِغَيبَتِه

فَأللَّيلُ عِندي وَغَيرُ اللَّيل سِيَانِ

وَحُقَّ لِي ذَاكَ إذ فِي كُلّ شَارقَةٍ

كَانَت تَلُوحُ لِعَينِي مِنهُ شَمسَانِ

فَالآنَ أعدَمَنِي أضوَاهُمَا قَدَرٌ

تَجرِي بِأحكَامِهِ فِينَا الجَدِيدَانِ

لَكِنَّني قَائِلٌ قَولاً يُحَقِّقُهُ

كُلُّ البَرِيَّةِ عَن نُورٍ وَبُرهَانِ

عَجِبتُ مِنِّي إذَا أشكُو تَوَحُّشَهُ

وَأَسفَحَ الدَّمعُ سَحَّا غَيرَ ضِنَانِ

وَوَجَهُهُ نُصبَ عَينِي مَا يُفَارِقُنِي

وَطَيفُهُ مُؤنِسِي فِي نِصفِهِ الثَّانِي

وَمُهجَتِي عِندَهُ وَالقَلبُ مَسكَنُهُ

هَذَا وَجَدّكَ عَينُ الحَاضِر الدَّانِي

وَشَخصُهُ مَاثِلٌ فِي نَاظِرِي أبَداً

وَفِي ضَمِيرِي إذَا مَا نِمنَ أجفَانِي

أدعُوهُ دَعوَةَ مُرتَاحٍ لِرُؤيَتِهِ

حَسبَ ارتِيَاحِي لَهُ إذ كَانَ يَلقَانِي

يَا عُذرَ دَهرِيَ مِن مَاضِي إسَاءَتِهِ

وَمِن تَسَاوِي وَلِيِّي فِيهِ وَالشَّانِي

كِلاَهُمَا حَاسِدٌ لِي مِن أخُوَّتِهِ

عَلَى غَلاَ الدَّهرِ مَوصُولاً بِرُضوَانِ

قَد كَانَ مِنكَ فُؤَادِي حَاسِداً بَصَرِي

وَالآنَ يَحسُدُ فِيكَ القَلبَ عَينَانِ

حَتَّى لَقَد صَارَ دَهرِي فِيكَ يَحسُدُنِي

فَبَانَ عَنِّيَ مَغلُوباً وَأنآنِيِ

عَذِرتُ فِيكَ لَعَمرِي كُلَّ ذِي حَسَدٍ

مَن لَيسَ يُحسَدُ فِي دُنيَا سُلَيمانِ

وَحُقَّ لي عُذرُهُم إذ صِرتُ أعرِفُ مِق

دَارَ الذِي مِنكَ كَانَ اللهُ أولاَنِي

لَقَد حَبَانِيَ حَظَّا مِن إخَائِكَ لاَ

يُجزَى بِسِترٍ وَلاَ يُلقَى بِكُفرَانِ

لَو كانت الأرضُ لِي حاشَاهُ مَا غَنِيَت

رُوحِي وَإنِّي بِهِ عَن غَيرِهِ غانِي

شَخصٌ نَفِيسٌ خَطِيرٌ لَو بَدَلتُ بِهِ

نَفسِي أخَذتُ الذِي يَبقَى علَى الفَانِي

ذَاكَ الذِي لَستُ أدرِي مَا أقَابِلُهُ

بِهِ مِنَ الشَكّ فِي سِرّي وَإعلاَنِي

وَاسلَم وَدُم لِيَ فِي عِزّ وَفِي دَعَةٍ

مَالاَحَ فِي اللُّجَّةِ الخَضرَاءِ نَجمَانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حزم الأندلسي

avatar

ابن حزم الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Hazm@

167

قصيدة

2

الاقتباسات

689

متابعين

علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أبو محمد. عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام. كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم (الحزْمية). ولد بقرطبة. ...

المزيد عن ابن حزم الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة