الديوان » العصر العباسي » صالح بن عبد القدوس » صرمت حبالك بعد وصلك زينب

عدد الابيات : 65

طباعة

صَرَمَت حِبَالَكَ بعد وَصْلِك زينبُ

والدَّهْرُ فِيهِ تَصَرُّمٌ  وَتَقَلُّبُ

نَشَرتْ ذَوَائِبَهَا التي تَزْهُو بها

سُوداً  وَرَأْسُكَ كالنَّعَامَةِ أَشْيَبُ    

واسْتَنْفَرَتْ لمَّا رأتْكَ وَطَالَمَا

كَانَتْ تَحِنُّ إِلى لِقَاكَ وَتَرْهَبُ    

وَكَذَاكَ وَصْلُ الغَانِيَاتِ فإنَّهُ

آلٌ ببلقعةٍ وبرقٌ خلَّبُ    

فَدَعِ الصِّبا فَلَقَدْ عَدَاكَ زَمَانُهُ

وَازْهَدْ فَعُمْركَ مِنْهُ ولَّى الأطْيَبُ    

ذَهَبَ الشَّبَابُ فَمَا لَهُ مِنْ عَوْدَةٍ

وَأَتَى المَشِيبُ فَأَيْنَ مِنْهُ المَهْرَبُ؟    

ضَيْفٌ ألَمَّ إلَيْكَ لَمْ  تَحْفِلْ بِهِ

فَتَرَى لَهُ أَسَفاً وَدَمْعاً يُسْكَبُ    

دَعْ عَنْكَ مَا قَدْ فَاتَ فِي زَمَنِ الصِّبا

واذكُرْ ذُنُوبَك وَابْكِهَا يَا مُذْنِبُ    

واخْشَ مُنَاقَشَةَ الحِسَابِ فَإنَّهُ

لابُدَّ يُحْصَى مَا جَنَيْتَ وَيُكْتَبُ    

لَمْ يَنْسَهُ المَلَكَانِ حِينَ نَسِيتَهُ

بَلْ أثْبَتَاهُ وَأَنْتَ لاهٍ تَلعَبُ    

والرُّوحُ فِيكَ وَدِيعَةٌ أُودِعْتَهَا

سَتَرُدُّهَا بِالرَّغْمِ مِنْكَ وَتُسْلَبُ    

وَغُرُورُ دُنْيَاكَ التِي تَسْعَى لَهَا

دَارٌ حَقِيقَتُهَا مَتَاعٌ يَذْهَبُ    

وَالليلُ فَاعْلَمْ وَالنَّهَارُ كِلاهُمَا

أنْفَاسُنَا فِيهَا تُعَدُّ وتُحْسَبُ    

وَجَمِيعُ مَا حَصَّلْتَهُ وَجَمَعْتَهُ

حَقاً يَقِيناً بَعْدَ مَوْتِكَ يُنْهَبُ    

تَبَّاً لِدَارٍ لا يَدُومُ  نَعِيمُهَا

وَمَشِيدُهَا عَمَّا قَلِيلٍ يُخْرَبُ    

فَاسْمَعْ هُدِيتَ نَصَائِحاً أوْلاَكَها

بَرٌّ لبيبٌ عَاقِلٌ مُتَأدِّبُ    

صَحِبَ الزَّمَانَ وَأهْلَهُ مُسْتَبْصِراً

وَرَأَى الأُمورَ بمَا تَؤُوبُ وَتَعْقُبُ    

هْدَى النَّصِيحَةَ فَاتَّعِظْ بمَقَالِهِ

فَهُوَ التقِيُّ اللَّوْذَعِيُّ الأدْرَبُ    

لا تَأْمَنِ الدَّهْرَ الصُّرُوفَ فإنَّهُ

لا زَالَ قِدْماً للرِّجَالِ يُهَذِّبُ    

وَكَذَلِكَ الأيَّامُ فِي غَدَوَاتِهَا

مَرَّتْ يُذَلُّ لَهَا الأعَزُّ الأنْجَبُ    

فَعَلَيْكَ تَقْوَى اللهِ فَالْزَمْهَا تَفُزْ

إنَّ التَّقِيَّ هُوَ البَهِيُّ الأهْيَبُ    

وَاعْمَلْ لِطَاعَتِهِ تَنَلْ مِنْهُ الرِّضَا

إنَّ المُطِيعَ لِرَبِّه لمُقرَّبُ    

وَاقْنَعْ فَفي بَعْضِ القَنَاعَةِ رَاحَةٌ

وَاليَأْسُ مِمَّا فَاتَ فَهُوَ المَطْلَبُ    

وَإذَا طُعِمتَ كُسِيتَ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ

فَلَقَدْ  كُسِي ثَوْبَ المَذلَّةِ أشْعَبُ    

وَتَوَقَّ مِنْ غَدْرِ النِّسَاءِ خِيَانَةً

فَجَمِيعُهُنَّ مَكَائِدٌ لَكَ تُنصَبُ    

لا تَأْمَنِ الأنْثَى حَيَاتَكَ إنَّها

كالأُفعُوَانِ يُراعُ مِنْهُ الأنيُبُ    

لا تَأْمَنِ الأنْثَى زَمَانَكَ كُلَّهُ

يَوْماً وَلَوْ حَلَفَتْ يَمِيناً  تَكْذبُ    

تُغْرِي بطِيبِ حَدِيثِها وَكَلامِهَا

وَإذَا سَطَتْ فَهي الثَّقِيلُ الأشْطَبُ  

وَالْقَ عَدُوَّكَ بالتَّحِيَّةِ لا تَكُنْ

مِنْهُ زَمَانَكَ خَائِفاً تَتَرَقَّبُ    

إنَّ الحَقُودَ وَإنْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ

فَالْحِقْدُ بَاقٍ فِي الصُّدُورِ مُغَيَّبُ    

وَإذَا الصَّدِيقُ رَأَيْتَهُ مُتَمَلِّقاً

فَهُوَ العَدُوُّ وَحَقُّهُ يُتَجَنَّبُ    

لا خَيْرَ فِي وُدِّ امرِئٍ مُتَمَلِّقٍ

حُلْوِ اللسَانِ وَقَلْبُهُ يَتَلَهَّبُ    

يَلْقَاكَ يَحْلِفُ أنَّهُ بكَ وَاثِقٌ

وإذَا تَوَارَى عَنْكَ فَهْوَ العَقْرَبُ    

يُعْطِيكَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ حَلاوَةً

وَيَرُوغُ عَنْكَ كَمَا يَرُوغُ الثَّعْلَبُ    

وَاخْتَرْ قَرِينَكَ وَاصْطَفِيهِ تَفَاخُراً

إنَّ القَرِينَ إلى المُقَارَنِ يُنْسَبُ    

إنَّ الغَنِيَّ مِنَ الرِّجَالِ مُكَرَّمٌ

وَتَرَاهُ يُرْجَى مَا لَدَيْهِ وَيُرْهَبُ    

ويُبَشُّ بالتَّرْحِيبِ عِنْدَ قُدُومِهِ

وَيُقَامُ عِنْدَ سَلامِهِ وَيُقَرَّبُ    

وَالفَقْرُ شَيْنٌ للرِّجَالِ فَإنَّهُ

يُزْرَى بِهِ الشَّهْمُ  الأرِيبُ الأنْسَبُ    

وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ للأقَارِبِ كُلِّهِمْ

بتَذَلُّلٍ وَاسْمَحْ لَهُمْ إنْ أذْنَبُوا    

وَدَعِ الكَذُوبَ فَلا يَكُنْ لَكَ صَاحِباً

إنَّ الكَذُوبَ لبئْسَ خِلاً يُصْحَبُ    

وَذَرِ الحَسُودَ وَلَوْ صَفَا لَكَ مَرَّةً

أبْعِدْهُ عَنْ رُؤْيَاكَ لا  يُسْتَجْلَبُ    

وَزِنِ الكَلامَ إذا نَطَقْتَ وَلا تَكُنْ

ثَرْثَارَةً  فِي كُلِّ نَادٍ تَخْطُبُ    

وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَرِزْ مِنْ لَفْظِهِ

فَالْمَرْءُ يَسْلَمُ باللِّسَانِ وَيَعْطَبُ    

والسِّرَ فَاكْتُمْهُ  وَلا تَنْطِقْ بِهِ

فَهُوَ الأسِيرُ لَدَيْكَ إذْ لا يُنْشَبُ    

وَاحْرَصْ عَلَى حِفْظِ القُلُوبِ مِنَ الأذَى

فَرُجُوعُهَا بَعْدَ التَّنَافُرِ يَصْعُبُ    

إنَّ القُلُوبَ إذا تَنَافَرَ وُدُّهَا

شِبْهُ الزُّجَاجَةِ كَسْرُهَا لا يُشْعَبُ    

وَكَذَاكَ سِرُّ المَرْءِ إنْ لَمْ يَطْوِهِ

نَشَرَتْهُ ألْسِنَةٌ تَزِيدُ وَتَكْذِبُ  

لا تحْرَصَنْ فَالْحِرْصُ لَيْسَ بزَائِدٍ

فِي الرِّزْقِ بَلْ يُشْقِي الحَرِيصَ وَيُتْعِبُ    

وَيَظَلُّ مَلْهُوفاً يَرُومُ تَحَيُّلاً

وَالرِّزْقُ لَيْسَ بِحِيلَةٍ يُسْتَجْلَبُ    

كَمْ عَاجِزٍ فِي النَّاسِ يُؤْتَى رِزْقَهُ

رغْداً ويُحْرَمُ كيِّسٌ ويُخيَّبُ    

أدِّ الأمَانَةَ وَالخِيَانَةَ فَاجْتَنِبْ

وَاعْدِلْ وَلا تَظْلِمْ يَكُنْ لَكَ مَكْسبُ    

وَإذَا بُلِيتَ بنَكْبَةٍ فَاصْبِرْ لَهَا

مَنْ ذَا رَأَيْتَ مُسََلَّماً لا يُنْكَبُ    

وَإذَا أَصَابَكَ فِي زَمَانِكَ شِدَّةٌ

وَأَصَابَكَ الخَطْبُ الكَرِيهُ الأصْعَبُ    

فادعُ لِرَبِّكَ إنَّهُ أدْنَى لِمَنْ

يَدْعُوهُ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ وَأقْرَبُ    

كُنْ مَا اسْتَطَعْتَ عَنِ الأنَامِ بِمَعْزِلٍ

إنَّ الكَثِيرَ مِنَ الوَرَى لا  يُصْحَبُ    

وَاجْعَلْ جَلِيسَكَ سَيِّداً تَحْظَ بِهِ

حَبْراً لَبِيباً عَاقِلاً يَتَأَدَّبُ    

وَاحْذَرْ مِنَ المَظْلُومِ سَهْماً صَائِباً

وَاعْلَمْ بأنَّ دُعَاءَهُ لا يُحْجَبُ    

وَإذَا رَأَيْتَ الرِّزْقَ ضَاقَ ببَلْدَةٍ

وَخَشِيتَ فِيها أنْ يَضِيقَ المَكْسَبُ    

فَارْحَلْ فَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةُ الفَضَا

طُولاً وَعَرْضاً شَرْقُها وَالمَغْرِبُ    

فَلَقَدْ نَصَحْتُكَ إنْ قَبِلْتَ نَصِيحَتِي

فَالنُّصْحُ أغْلَى مَا يُبَاعُ وَيُوهَبُ    

خُذْهَا إِلَيْكَ قَصِيدَةً مَنْظُومَةً

جَاءَتْ كَنَظْمِ الدُّرِّ بَلْ هِيَ أَعْجَبُ    

حِكَمٌ وَآدَابٌ  وَجُلُّ مَوَاعِظٍ

أمْثَالُهَا لِذَوِي البَصَائِرِ تُكْتَبُ    

فَاصْغِ لِوَعْظِ قَصِيدَةٍ أَوْلاَكَها

طَوْدُ العُلومِ الشَّامِخَاتِ الأهْيَبُ    

أعْنِي عَليّاً وَابْنَ عَمَّ مُحَمَّدٍ

مَنْ نَالَهُ الشَّرفُ الرَّفِيعُ الأنْسَبُ    

يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى النَّبيِّ وَآلِهِ

عَدَدَ الخَلائِقِ حَصْرُها لا يُحْسَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الأَشطَبُ

السيف المصقول حاد الشفرة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالله كامل فؤاد


الأَشطَبُ

السيف المصقول حاد الشفرة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالله كامل فؤاد


معلومات عن صالح بن عبد القدوس

avatar

صالح بن عبد القدوس حساب موثق

العصر العباسي

poet-Saleh-bin-Abdul-Quddus@

85

قصيدة

3

الاقتباسات

122

متابعين

صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس الأزدي الجذامي، مولاهم، أبو الفضل. شاعر حكيم، كان متكلماً يعظ الناس في البصرة. له مع أبي الهذيل العلاف مناظرات، وشعره ...

المزيد عن صالح بن عبد القدوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة