الديوان » العصر العباسي » ابن الهبارية » قال أَبو أَيوب ما هذا المثل

عدد الابيات : 50

طباعة

قال أَبو أَيوب ما هَذا المثل

قال حِمار كانَ في بعض الحلل

فَقَصَد المَرعى فَخاضَ طينا

فَظَل فيهِ موثقاً رَهينا

وَكُلما رامَ الخُروج غاصا

مثل خَنيق يَطلب الخَلاصا

إِذا تلكا في الخِناق وَاضطرب

زادَ خِناقاً بِالمراس وَعطب

كَذاكَ مَن يَحتال للرخاء

قَبل اِنقِضاء مُدة البَلاء

تَزيده حيلته بَلاء

لأنَّهُ يُراغم القَضاء

فَلَم يَزَل في الوَحل شَهراً كامِلاً

يَرعى بِذاكَ المَرج رَوضاً باقِلا

حَتّى غَدا مثل الفنيق المصعب

وَعادَ في الشحم بزي معجب

فَصارَ مِما نالَهُ مِن أَكل

يَنهق وَهوَ غائص في الوَحل

فَجازَ للحين هناكَ أَسَد

للصيد منذ مُدة يَجتَهد

فَسمع الصوت فَقال فرج

لِكُل ضيق سعة وَمَخرَج

وَأتبع الصوت فَألفى الطينا

دونَ الحِمار لثقا ثَخينا

فَقالَ إِن خضت نَشبت فيه

وَلَيسَ فيَّ قوة تَكفيه

أَموت في يَوم وَلا أَعيش

إِذ لست مِمن أَكله الحَشيش

فَلَيس إِلا الكَيد وَالتَدبير

وَالحَزم لا الأَقدام وَالتغرير

قالَ سَلام يا أَبا زِياد

وَبِالوِداد تخدَع الأَعادي

إِني أَراك مُنذُ حين ماكِثاً

بِذا المَكان مُطمَئِناً لابِثا

قالَ أَبا الحَرث عم صَباحا

فَقَد غَدَوت ملكاً جحجاحا

وَاللَّه ما اِختَرت المَقام هَهنا

مَقال غُر لَم يَكُن مداهنا

لَكِنني مُقَيد بِالوَحل

في محنة شَديدة وَذُل

وَإِنَّني أَرجوك أَن تُنقذني

مِن وَرطَتي هَذي وَإِن تسعدني

فَإن يَكُن في طَبعك القَساوة

وَبَينَنا البَغضاء وَالعَداوة

فامنن فَأَنتَ ملك كَبير

وَها أَنا مُضطَهد أَسير

وَإِن مِن خَصائل الكِرام

رَحمة ذي البَلاء وَالسقام

وَإِن مِن شَرائط العلو

العَطف في البُؤس عَلى العَدو

كَفاكَ مِنها أَيُّها الكَبير

أني مِنها بِكَ مُستَجير

قالَ لَهُ الليث دَعَوت راحِما

إِن العَظيم يَدفَع العَظائِما

أَبشر فَإِني كاشف عَنكَ الكرب

وَنازع دونك أَنياب النوب

فَإِن مثلي يَدفَع الأَهوالا

عَن العِدى وَيحمل الأَثقالا

لا سيما عَن مُستَجير بائس

وَقانط مِن الحَياة آئس

قَد قَضَت العُقول إِن الشفقه

عَن الصديق وَالعَدو صَدقه

وَالمَرء لا يَدري مَتى يمتحن

فَإِنُّه في دَهرِهِ مُرتَهن

وَمَن نَجا اليَوم فَلا يَنجو غَدا

لا يأمن الآفات إِلا بِالردى

وَمَن أَغاث البائس الملهوفا

أَعانهُ اللَّه إِذا أخيفا

وَمَر للمكر وَلِلدهاء

فَسد مِن فَوق مَسيل الماء

فَانقطع الماء وَجَف الطين

في مدة وَفَرح المسكين

وَكان في المُدة كُل يَوم

يَأتيهِ في الصبح وَعِندَ النوم

بحزمة عَظيمة مِن العَلف

يأكلها وَقالَ ثق وَلا تَخف

وَنشف الماء وَخَلى قَدر ما

يَروي بِهِ غلته مِن الظمأ

وَلَم يَزَل يَدعو لَهُ الحِمار

وَلَيسَ يَدري أَنَّهُ مَكار

حَتّى إِذا جَفَ عَلَيهِ الطين

وَجسمه في جَوفِهِ دَفين

وَهوَ أَسير لا يطبق الحَرَكة

رَجا الخَلاص فَغداً في الشبكة

واحتبس الضرغام عَنهُ عَمداً

وَقَطع العُشب فَلاقى جهدا

وَجاءهُ الليث وَقالَ أَجبذك

بِقوتي مِنهُ لَعَلي أنقذك

قالَ نَعم فَافعل فَأَنتَ عالم

وَناصح كما تَقول راحم

فَعلقت مِن وَقتِهِ مَخالبه

فيهِ وَعادَ الليث وَهوَ راكبه

فدقه مِن وَقتِهِ وَافترسه

وَيح أَبيه صائِداً ما أَكيسه

وَإِنَّما ساعده في الشده

وَساسَهُ بالبر تلكَ المُده

لِنفسه وَهَكَذا الغَزاله

ألطفها ببره ذؤاله

قالَ لَهُ وَكَيفَ كانَ حالها

وَكَيف نَحنُ في العَمى أَمثالها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الهبارية

avatar

ابن الهبارية حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Al-Habariya@

216

قصيدة

79

متابعين

محمد بن محمد بن صالح العباسي. نظام الدين، أبو يعلى، المعروف بابن الهبارية. شاعر هجاء. ولد في بغداد وأقام مدة بأصبهان، وفيها ملكشاه ووزير نظام الملك. وله مع الوزير أخبار. ...

المزيد عن ابن الهبارية

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة