الديوان » لبنان » شكيب أرسلان » هوى لفقدك ركن الشرق واحربا

عدد الابيات : 38

طباعة

هَوى لِفَقدِكَ رُكنَ الشَرقِ وَاِحرَبا

يا كامِلَ مَن يَسلي بَعدَكَ العَرَبا

كُلُّ المَصائِبِ يَفنى الدَهرُ شِرَّتَها

إِلّا رَداكَ فيفنيِ الدَهرِ وَالحِقَبا

كُنّا نُرجيكَ لِلجَلِيَّ تَذَلُّلَها

فَاليَومُ مَن يَنبَري لِلخُطَبِ إِن وَثَبا

تَلَقّى النَوازِلَ بِالأَفعالِ صادِقَةً

وَالناسُ في الخُطَبِ تُسدي القَولَ وَالخُطَبا

رَدَّت مُصيبَتَكَ الأَرزاءُ هينَةً

مِن بَعدِها وَغَدَت أَكبادُنا صُلبا

هَيهاتَ تَدَّخِرِ الآماقَ سائِلَةً

مِنَ المَدامِعِ تَبغي بَعدَكَ الصَبَبا

لَو كُنتَ مَعَ حاتِمِ الطائِيِّ في زَمَنٍ

ما نالَ في الكَرَمِ الإِسمِ الَّذي كَسَبا

نَداكَ بِالعَينِ مَشهودٌ وَنائِلُهُ

هَيهاتَ نَعلَمُ مِنهُ الصِدقَ وَالكَذِبا

قَد كُنتَ تَهوي مِنَ الأَخلاقِ أَسمَحَها

لِقاصِدٍ وَمِنَ العَلياءِ ما صَعُبا

لِلَهِ دَركُ سَبّاقاً لِمَكرُمَةٍ

كَالسَيفِ مُنصَلِتاً وَالسَيلُ قَد زَعَبا

يا أُمَّةَ سَكَنَت أَكنافُ عامِلَةٍ

وَأَوطَنَت شِعفاتُ العِزِّ وَالهَضَبا

هَل عِندَكُم قَومَنا عَن كامِلِ خَبَرٍ

فَقَد أَتانا نَبا أَن قَد نَأى وَنَبا

اللامِعِ الرَأيِ إِن يَدجُ الزَمانُ بِكُم

وَالخالِفُ الغَيثِ إِن تَستَبطِئوا السُحُبا

كانَت عِيالاً عَلَيهِ مِنكُم زُمَرٌ

مَن كانَ مِنهُم يَتيماً راءَ فيهِ أَبا

كانَت بِكامِلِكُم أَرجاءَ عامِلِكُم

تَتيهُ عَجَباً عَلى الدُنيا وَلا عَجَبا

قالوا عَميدَ بَني النُصارِ قُلتُ لَهُم

بَل رُكنِ كُلِّ اِمرِئٍ في يَعرُبٍ اِنتَسَبا

لَو أَنصَفتَ حَقَّهُ أَفناءُ عامِلَةٍ

مِنَ البُكا رَقَّ فيها الصَخرُ وَاِنتَحَبا

لَهفي عَلى كامِلِ الأَوصافِ كَيفَ ثَوى

ذاكَ المُحَيّا ظَلامَ الرَمسِ وَاِحتَجَبا

لَهفي عَلى البَدرِ قَد غابَت مَطالِعُهُ

لَهفي عَلى البَحرِ ذي الأَمواجِ قَد نَضَبا

لَهفي عَلى السَيدِّ الغَطريفُ تُحرِمَهُ

طَوائِفٌ طالَما اِستَكفَت بِهِ النُوَبا

لَهفي عَلى الكامِلِ الفَذِّ الَّذي فَقَدَت

بِهِ الوَرى المَثَلُ الأَعلى لِمَن وَهَبا

عَلى الَّذي لَو قَضَيتَ الدَهرَ تَصحَبُهُ

لَم تَلقَ إِلّا الوَفا وَالصِدقُ وَالأَدَبا

تَقرا عَلى وَجهِهِ آياتُ شيمَتِهِ

وَتَنثَني قائِلاً سُبحانَ مَن كَتَبا

أَخٌ أَشُدُّ بِهِ أَزري لِنائِبَةٍ

وَلا أَعِزُّ عَلَيهِ إِخوَتي نَسَبا

في كُلِّ يَومٍ أَرى مِنهُ أَخاً ثِقَةً

إِذ مَن سِواهُ أَرى الحُسّادَ وَالرَقَبا

كَم كُنتُ آمُلُ أَن أَحظى بِطَلعَتِهِ

يَوماً وَأَطفى مِن أَشواقي اللَهَبا

كَم كُنتُ أَذكُرُهُ في غَربَتي كَلِفاً

أَحدةوا إِلى وَجهِهِ الوَضّاحِ ريحٌ صَبا

حَتّى أَتاني نَعِيٌّ غَيرَ مُنتَظِرٍ

أَلفَيتُ ناضِرَ آمالي بِهِ حَطَبا

وَيُلِمَّها جُملَةٌ لَما بَصَرتَ بِها

خِلتَ المَنايا أَماني وَالحَياةُ هَبا

مَن لي بِأَن أَمسَكَ الدَمعَ الهَتونَ عَلى

خَدّي وَإِن أَدرَكَ النَومُ الَّذي هَرَبا

مَهلاً بَني الأَسعَدِ الأَمجادِ خَطبَكُم

خَطبٌ بِهِ الوَطَنُ المَحبوبِ قَد نَكَبا

تَبكي لَهُ العَرَبُ العُرباءَ أَجمَعُها

مِن ساكِنٍ مَدَراً أَو ضارِبٍ طَنَبا

وَلَو عَقَدنا عَلَيهِ كُلِّ شارِقَةٍ

مَناحَةً ما قَضَينا بَعضَ ما وَجَبا

لَكِنَّما المَوتُ حَتمٌ لا يُحيكَ بِهِ

حَزَنٌ وَلا عارِضُ للدَمعِ مُنسَكِبا

زَعَمتُ أَنّي أُعزيكُم بِمَوعِظَتي

فَيا تَرى مَن يُعَزّيني بِمَن ذَهَبا

وَإِنَّما نَحنُ طَرّاً رَكبَ قافِلَةٍ

وَكُلُّنا شارِبُ الكَأسِ الَّذي شَرِبا

يا رُبَّ أَمطَرَ ثَراهُ كُلَّ غادِيَةٍ

تَخضَلُّ مِنها بِقاعٌ حَولَهُ وَرُبى

آتَيتُهُ كَرَمَ الأَخلاقِ مُنقِبَةً

فَكُن كَرماُ عَلَيهِ رَبَّنا حَدِبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شكيب أرسلان

avatar

شكيب أرسلان حساب موثق

لبنان

poet-Shakib-Arslan@

88

قصيدة

1

الاقتباسات

154

متابعين

شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان. من سلالة التنوخيين ملوك الحيرة، عالم بالأدب والسياسة،مؤرخ من أكابر الكتاب، ينعت بأمير البيان. من أعضاء المجمع العلمي العربي، ولد في الشويفات ...

المزيد عن شكيب أرسلان

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة