الديوان » البحرين » قاسم حداد » قيل له : يا محمد

... وكان في الحلم
نصف في الماء
ونصف يجدل الحبل،
وبينهما مشيمة الهواء .
يكتبان في الخشب ما يمحوه الملح والحسك ،
يتأبط الريح ويهدهد القلوع
لئلا تغفل عن الأفق.
قيل له ،
وكان في راحة التعب
بين السفر و الإقامة ،
يسمع القواقع وتصغي له طبيعة الغياب
وقلبه في البيت
يا محمد ..هذا طفلك الشقي ..
إغفر له ما تقدم من ذنبٍ وما تأخر .
طفلك الذي ينام حين يذهب الناس إلى العمل،
مشحوذ القلب بحزنٍ كثيفٍ ، وينتحب .
طفلك الذي لك والذي عليك ،
يدس غوايته بين الوردة وجنة الناس ،
بين الكلمة و المعنى ،
يفتح الأفق لهاوية التفاسير ،
و يجتهد و يهتم..
قيل له ،
و كان في الحديد .
قميص قديم يتفلت من القلوع ،
يكشف أكثر مما يستر .
تصيبه ندامة الغائب وبكاء العائد
بينه وبين الماء رفقة المنطفئ ،
بينه وبين النار لهفة المشتعل ،
يأتزر بنصف الأرض وصدره في الريح والشظايا
حديدته قيد الكاحل
و قلادة الكاهل.
خديجته في مغزل الوقت ،
لا تفقده ولا تناله .
يا محمد .. إنه طفلك ،
تراه مثلما تلمس الحديد ممتثلاً لشهوة اللهب
يا محمد ،
فارأف به
و لا تقل لـه أف و لا تنهر خطاه .
طفلك الذي بذل لك جناح الذل
وحمل كيس عظامك
وأعلنك في القبائل مثل بيرقٍ .
طاف بجسدك يغسلـه من نفط الحقول ،
ويشحذه بالتمر واللبن .
قيل له ،
وكان في طفولته الأخيرة ، مهداً تهدهده يد الله ،
تحنو عليه النوارس وتتلو عليه رسالة البحر .
طفل يكتهل ويشيخ وتفيض به فضة النوم
أحلامه كفيلة به
و بين يديه ينشأ النخل مثل جنة الليل،
مشمولاً ، وليس لولده سلطة عليه.

يا محمد ..
تصاب بالهذيان وينتابك الحديد
وتأخذك رجفة الأقاصي،
فاشطح كما تشاء،
وتيمـم بالوحي كما تشاء،
ولك أن تغتر بولدك
وهو يـعـق و يجحد و يتيه
و يقود العصيان عليك .
قيل له : يا محمد
طفلـك مثلـك
يرث الحبسة والعزلة والكهف ،
و يتمجد بك و يسأم .
قيل له يا محمد
وكان في حديدة الحلم .

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن قاسم حداد

avatar

قاسم حداد حساب موثق

البحرين

poet-qassim-haddad@

705

قصيدة

100

متابعين

قاسم حداد ولد في البحرين عام 1948. تلقى تعليمه بمدارس البحرين حتى السنة الثانية ثانوي. التحق بالعمل في المكتبة العامة منذ عام 1968 حتى عام 1975 ثم عمل في إدارة ...

المزيد عن قاسم حداد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة