الديوان » المخضرمون » سويد اليشكري » بسطت رابعة الحبل لنا

عدد الابيات : 108

طباعة

بَسَطَت رابِعَةُ الحَبلَ لَنا

فَوَصَلنا الحَبلَ مِنها ما اِتَّسَع

حُرَّةٌ تَجلو شَتيتاً واضِحاً

كَشُعاعِ الشَمسِ في الغَيمِ سَطَع

صَقَلَتهُ بِقَضيبٍ ناضِرٍ

مِن أَراكٍ طَيِّبٍ حَتّى نَصَع

أَبيَضَ اللَونِ لَذيذاً طَعمُهُ

طَيِّبَ الرِيقِ إِذا الرِيقُ خَدَع

تَمنَحُ المَرآةَ وَجهاً واضِحاً

مِثلَ قَرنِ الشَمسِ في الصَحوِ اِرتَفَع

صافي اللَونِ وَطَرفاً ساجِياً

أَكحَلَ العَينينِ ما فيهِ قَمَع

وَقروناً سابِغاً أَطرافُها

غَلَّلتها ريحُ مِسكٍ ذي فَنَع

هَيَّجَ الشَوقَ خَيالٌ زائِرٌ

مِن حَبيبٍ خَفرٍ فيهِ قَدَع

شاحِطٍ جازَ إِلى أَرحُلِنا

عُصَبَ الغابِ طُروقاً لَم يُرَع

آنِسٍ كانَ إِذا ما اِعتادَني

حالَ دونَ النَومِ مِنّي فَامتَنَع

وَكَذاكَ الحُبُّ ما أَشجَعَه

يَركَبُ الهَولَ وَيَعصي مَن وَزَع

فَأَبيتُ اللَيلَ ما أَرقُدُهُ

وَبِعَينَيَّ إِذا نَجمٌ طَلَع

وَإِذا ما قُلتُ لَيلٌ قَد مَضى

عَطَفَ الأَوَّلُ مِنهُ فَرَجَع

يَسحَبُ اللَيلُ نُجوماً ظُلَّعا

فَتَواليها بَطيئاتُ التَبَع

وَيُزَجِّيها عَلى إِبطائِها

مُغرَبُ اللَونِ إِذا اللَونُ اِنقَشَع

فَدَعاني حُبُّ سَلمى بَعدَما

ذَهَبَ الجِدَّةُ مِنّي وَالرّيع

خَبَّلَتني ثُمَّ لَمّا تُشفَني

فَفُؤادي كُلَّ أَوبٍ ما اِجتَمَع

وَدَعَتني بِرُقاها إِنَّها

تُنزِلُ الأَعَصَمِ مِن رَأسِ اليَفَع

تُسمِعُ الحُدّاثَ قَولاً حَسَناً

لَو أَرادوا غَيرَهُ لَم يُستَمَع

كَم قَطَعنا دونَ سَلمى مَهمَهاً

نازِحَ الغَورِ إِذا الآلُ لَمَع

في حَرورُ يُنضَجُ اللَحمُ بِها

يَأخُذُ السَائِرَ فيها كالصَقَع

وَتَخَطَّيتُ إِليها مِن عُدىً

بِزِماعِ الأَمرِ والَهَمِّ الكَنِع

وَفَلاةَ واضِحٍ أَقرابُها

بَالياتِ مِثلَ مُرفَتِّ القَزَع

يَسبَحُ الآلُ عَلى أَعلامِها

وَعَلى البيدِ إَذا اليَومُ مَتَع

فَرَكِبناها عَلى مَجهولِها

بِصِلابِ الأَرضِ فيهِنَّ شَجَع

كَالمَغالي عارِفاتِ للسُرى

مُسنَفاتِ لَم توشَم بِالنَسَع

فَتَراها عُصُفاً مُنعَلَةً

بِنَعالِ القَينِ يَكفيها الوَقَع

يَدَّرِعنَ اللَيلَ يَهوينَ بِنا

كَهَوى الكُدرِ صَبَّحنَ الشَرَع

فَتناوَلنَ غِشاشاً مَنهَلاً

ثُمَّ وَجَّهنَ لأرضِ تُنتَجَع

مِن بَني بَكرٍ بِها مَملَكَةٌ

مَنظَرٌ فيهِم وَفيهِم مُستَمَع

بُسُطُ الأَيدي إِذا ما سُئِلوا

نُفُعُ النَائِلِ إِن شَيءٌ نَفَع

مِن أُناسِ لَيسَ مِن أَخلاقِهِم

عاجِلُ الفُحشِ وَلا سوءُ الجَزَع

عُرُفٌ لِلحَقِّ ما نَعَيا بِهِ

عِندَ مُرِّ الأَمرِ ما فينا خَرَع

وَإِذا هَبَّت شِمالاً أَطعَموا

في قُدورٍ مُشبَعاتٍ لَم تُجَع

وَجِفانٍ كالجَوابي مُلِئَت

مِن سَميناتِ الذُّرى فيها تَرَع

لا يخافُ الغَدرَ مَن جاوَرَهُم

أَبَداً مِنهُم وَلا يَخشى الطَبَع

وَمَساميحُ بِما ضُنَّ بِهِ

حاسِروا الأَنفُسَ عَن سوءِ الطَمَع

حَسَنو الأَوجُهِ بيضٌ سادةٌ

وَمَراجيحُ إِذا جَدَّ الفَزَع

وُزُنُ الأَحلامِ إِن هُم وازَنُوا

صادِقوا البَأسِ إِذا البَأسُ نَصَع

وَلُيوثٌ تُتَّقى عُرَّتُها

ساكَنو الريحَ إِذا طارَ القَزَع

فَبِهُم يُنكى عَدُوٌّ وَبِهِم

يُرأَبُ الشَعبُ إِذا الشَعبُ اِنصَدَع

عادَةٌ كانَت لَهُم مَعلومَةٌ

في قديمِ الدَهرِ ليسَت بِالبِدَع

وإذا ما حُمِّلوا لم يظلَعوا

وَ إِذا حَمَّلَتَ ذا الشَقِ ظَلَع

صالِحو أَكفائُهُم خُلاّنُهُم

وَسَراةُ الأَصلِ وَالنَاسُ شِيَع

أَرَّقَ العَينَ خَيالٌ لَم يَدَع

مِن سُلَيمى فَفُؤادي مُنتَزَع

حَلَّ أَهلي حَيثُ لا أَطلُبُها

جانِبَ الحِصنِ وَحَلَّت بِالفَزَع

لا أُلاقيها وَقَلبي عِندَها

غَيرَ إِلمامٍ إِذا الطَرفُ هَجَع

كالتَؤاميَّة إِن باشَرتَها

قَرَّت العَينُ وَطابَ المُضطَجَع

بَكَرَت مُزمِعَةً نِيَّتُها

وَحَدا الحادي بِها ثُمَّ اِندَفَع

وَكَريمٌ عِندَها مُكتَبَلٌ

غَلقٌ إِثرَ القَطينِ المُتَّبَع

فَكَأَنّي إِذ الآلُ ضُحىً

فَوقَ ذَيّالٍ بِخَدّيهِ سَفَع

كَفَّ خَدّاهُ عَلى ديباجَةٍ

وَعَلى المَتنينِ لَونٌ قَد سَطَع

يَبسُطُ المَشيَ إِذا هَيَّجتَهُ

مِثلَ ما يَبسُطُ في الخَطوِ الذَرَع

راعَهُ مِن طَيءِ ذو أَسهُمٍ

وَضِراءٌ كُنَّ يُبلينَ الشِرَع

فَرَأَهُنَّ وَلَمّا يَستَبِن

وَكِلابُ الصَيدِ فيهُنَّ جَشَع

ثُمَّ وَلّى وَجنابانِ لَهُ

مِن غُضارٍ أَكدَريٍّ وَاَتَّدَع

فَتَراهُنَّ عَلى مُهلَتِهِ

يَختَلينَ الأَرضَ وَالشَاةُ يَلَع

دانِياتٍ ما تَلَبَّسنَ بِهِ

واثِقاتٍ بِدِماءٍ إِن رَجَع

يُرهِبُ الشَدَّ إِذا أَرهَقنَهُ

وَإِذا بَرَّزَ مِنهُنَّ رَبَع

ساكِنُ الفَقر أَخو دَوِّيَّةٌ

فَإِذا ما آنَسَ الصَوتَ اِمَّصَع

كَتَبَ الرَحمنُ وَالحَمدُ لَهُ

سَعَةَ الأَخلاقِ فينا وَالضَلَع

وَإِباءً للدَنيّاتِ إِذا

أَعطَيَ المَكثورُ ضَيماً فَكَنَع

وَبِناءً للمَعالي إِنَّما

يَرفَعُ اللَهُ وَمَن شاءَ وَضَع

نِعَمٌ للَهِ فينا رَبَّها

وَصَنيعُ اللَهِ وَاللَهُ صَنَع

كَيفَ بِاستِقرارِ حُرٍّ شاحِطٍ

بِبِلادٍ لَيسَ فيها مُتَّسَع

لا يُريدُ الدَهرَ عَنها حِوَلاً

جُرَعَ المَوتِ وَللمَوتِ جُرَع

رُبَّ مَن أَنضَجتُ غَيظاً قَلبَهُ

قَد تَمَنّى لِيَ مَوتاً لَم يُطَع

وَيَراني كالشَجا في حَلقِهِ

عَسِراً مَخرَجُهُ ما يُنتَزَع

مُزبِدٌ يَخطِرُ ما لَم يَرَني

فَإِذا أَسمَعتُهُ صَوتي اِنقَمَع

قَد كَفاني اللَهُ ما في نَفَسَهِ

وَمَتى ما يَكفِ شَيئاً لا يُضِع

بِئسَ ما يَجمَعُ أَن يَغتابَني

مَطعَمٌ وَخمٌ وَداءٌ يُدَّرَع

لَم يَضِرني غَيرَ أَن يَحسُدَني

فَهوَ يَزقو مِثلَ ما يَزقو الضُوَع

وَيُحَيِّني إِذا لاقَيتُهُ

وَإِذا يَخلو لَهُ لَحمي رَتَع

مُستَسِرُّ الشَنءِ لَو يَفقِدُني

لَبَدا مِنهُ ذُبابٌ فَنَبَع

ساءَ ما ظَنّوا وَقَد أَبلَيتُهُم

عِندَ غاياتِ المَدى كَيفَ أَقَع

صاحِبُ المِئرَةِ لا يَسأَمُها

يوقِدُ النَارَ إِذا الشَرُّ سَطَع

أَصقَعُ النَاسَ بِرَجمٍ صائِبٍ

لَيسَ بالطَيشِ وَلا بِالمُرتَجَع

فارِغُ السَوطِ فما يَجهَدُني

ثَلِبٌ عَودٌ وَلا شَختٌ ضَرَع

كَيفَ يَرجونَ سِقاطي بَعدَما

لاحَ في الرَأسِ بَياضٌ وَصَلَع

وَرِثَ البِغضَةَ عَن آبائِهِ

حافِظُ العَقلِ لَما كانَ اِستَمَع

فَسَعى مَسعاتَهُم في قَومِهِ

ثُمَّ لَم يَظفَر وَلا عَجزاً وَدَع

زَرَعَ الدَاءَ وَلَم يُدرِك بِهِ

تَرَةً فاتَت وَلا وَهياً رَقَع

مُقعِياً يَردي صَفاةً لَم تُرَم

في ذُرى أَعيَطَ وَعرِ المُطَّلَع

مَعقِلٌ يَأمَنُ مَن كانَ بِهِ

غَلَبَت مَن قَبلَهُ أَن تُقتَلَع

غَلَبَت عاداً وَمَن بَعدَهُم

فَأَبَت بَعدُ فَلَيسَت تُتَّضَع

لا يَراها الناسُ إلِا فَوقَهُم

فَهِيَ تَأتي كَيفَ شاءَت وَتَدَع

وَهوَ يَرميها وَلَن يَبلُغَها

رَعَةَ الجاهِلِ يَرضى ما صَنَع

كَمِهَت عَيناهُ حَتّى اِبيَضَّتا

فَهوَ يَلحى نَفسَهُ لَمّا نَزَع

إِذ رَأى أَن لَم يَضِرها جَهدُهُ

وَرَأى خَلقاءَ ما فيها طَمَع

تَعضِبُ القَرنَ إِذا ناطَحَها

وَإِذا صابَ بِها المَردى اِنجَزَع

وَإَذا مارامَها أَعيا بِهِ

قِلَّةُ العُدَّةِ قِدماً وَالجَدَع

وَعَدُوٍّ جاهِدٍ ناضَلتُهُ

في تَراخي الدَهرِ عَنكُم وَالجُمَع

فَتَساقَينا بِمُرٍّ ناقِعٍ

في مَقامٍ لَيسَ يَثنيهِ الوَرَع

وَاَرتَمَينا وَالأَعادي شُهَّدٌ

بِنِبالٍ ذاتِ سُمٍّ قَد نَقع

بِنِبالٍ كُلُّها مَذروبَةٌ

لَم يُطِق صَنعَتَها إِلاّ صَنَع

خَرَجَت عَن بِغضَةٍ بَيِّنَةٍ

في شَبابِ الدَّهرِ وَ الدَّهرُ جَذَع

وَتَحارَضنا وَقالوا إِنَّما

يَنصُرُ الأَقوامُ مَن كانَ ضَرَع

ثُمَّ وَلّى وَهوَ لا يَحمي اِستَهُ

طائِرُ الإِترافِ عَنهُ قَد وَقَع

ساجِدَ المَنخرِ لا يَرفَعُهُ

خاشِعَ الطَرفِ أَصَمَّ المُستَمَع

فَرَّ مِنّي هارِباً شيطانُهُ

حَيثُ لا يُعطي وَلا شَيئاً مَنَع

فَرَّ مِنّي حينَ لا يَنفَعُهُ

مُوقَرَ الظَهرِ ذَليلَ المُتَّضَع

وَرَأى مِنّي مَقاماً صادِقاً

ثابِتَ المَوطِنِ كَتّامَ الوَجَع

وَلِساناً صَيرَفيّاً صارِماً

كَحُسامِ السَيفِ ما مَسَّ قَطَع

وَأَتاني صاحِبٌ ذو غَيثٍ

زَفيانٌ عِندَ إِنفادِ القُرَع

قالَ لَبَّيكَ وَما اِستَصرَختُهُ

حاقِراً لِلنّاسِ قَوّالَ القَذَع

ذو عُبابٍ زَبَدٌ آذَيُّهُ

خَمِطُ التَيّارِ يَرمي بِالقَلَع

زَغرَبيٌّ مُستَعزٌّ بَحرُهُ

لَيسَ لِلماهِرِ فيهِ مُطَّلَع

هَل سُوَيدٌ غَيرُ لَيثٍ خادِرٍ

ثَئِدَت أَرضٌ عَليهِ فَانتَجَع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سويد اليشكري

avatar

سويد اليشكري حساب موثق

المخضرمون

poet-Sweed-Al-Yashkuri@

34

قصيدة

1

الاقتباسات

38

متابعين

سويد بن أبي كاهل (غطيف أو شبيب) بن حارثة بن حسل الذبياني الكناني اليشكري. شاعر من مخضرمي الجاهلية والإسلام عدّه ابن سلام في طبقة عنترة. كان يسكن بادية العراق. وسجن ...

المزيد عن سويد اليشكري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة