الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » خض الفلاة وبحر القفر فاقتحما

عدد الابيات : 71

طباعة

خُضِ الفَلاةَ وَبَحر القَفرِ فَاِقتَحما

قَد فازَ مَن خاضَ بَحرَ القَفرِ وَاِقتَحما

خاطِر بِنَفسِكَ لِلأَخطارِ وَاِرمِ بِها

إِنّ المُخاطِرَ محمودٌ وَلو عدما

فَإِنّ مَن رَكِبَ الأَخطارَ نالَ بِها

بَينَ الوَرى خَطراً فيهِ عَلا وَسَما

وَاِركَب عَلى العَزمِ شِمليلاً مهذّبةً

حرفاً مُذلّلة لا تَرهَبُ الأَجَما

عَتيقة عَيطل عُسّ غدافِرة

نَجيبة رسلة كَالرّيحِ لو نسما

غَلبا رُسوم قُلوص مِن مُهجّنة

عَيرانية عِرمس لا تَعرِفُ الأَلما

عَبل مقيّدها عَذب مقلّدها

يَزدانُ مخطمها فيما بِه خطما

رَشيقَة القَدِّ باهٍ حُسن مَنظَرِها

جَميلَة الوَجهِ إِذ بِالحسنِ قد وُسِما

تَعلو قَوائِمها تَقوى مَياسِمها

لا نَقصَ في سَيرِها سَهلاً ولا علما

تَدوسُ جَمرَ الحَصى في كلِّ هاجِرة

لَم تَخشَ في دَوسِها جَمراً ولا ضَرما

تَطيرُ كَالطّيرِ لَكِن دونَ أَجنِحَةٍ

وَتَسبِقُ النّسرَ وَالبازات وَالرّخما

تَهوي بِراكِبها كَالرّيحِ عاصِفة

تَخالها تَأكلُ البيداءَ وَالأَكَما

تَظنّها الطّود مِن بعدٍ وَتُبصِرهُ

يَسيرُ كَالبرقِ في الظّلماءِ مُبتَسِما

تُبَلِّغُ المرءَ أَرضاً عَنهُ قَد بَعُدت

وَتَجمَعُ الشّملَ بِالأَحبابِ مُنتظما

وَتَجعلُ المَرءَ في تَبليغِ مَقصدهِ

بَعدَ الحَرارةِ مَثلوجَ الحَشا شَبما

وَاِطرَح بِها في صُدورِ القفرِ عادِيَة

يا فَوزَ شَخصٍ بِها صَدرَ القِفارِ رَمى

وَاِقصُد بِها عكّةً دار الجِهادِ كَذا

دار السُعودِ وَقِف بِالبابِ مُحترما

دار بِها العزُّ وَالعَلياء مع شرفٍ

وَالمَجد وَالجود فاقَ البَحرَ والدِّيما

حِصن الشّآمِ وَأَهليهِ الّذينَ بِهِ

دامَت لَهم مُحتمى يَبقى وَمُعتصما

وَسورَة النّصرِ وَالفَتح المبينِ عَلى

أَسوارِها قَلَمُ التّأييدِ قَد رَقَما

دار هِيَ الغابُ لِلّيثِ الهصورِ بِها

تَعنو الأسودُ لَهُ في بوسِها القَدما

نور الشّجاعَةِ بادٍ فَوقَ جَبهَتِهِ

فَأَيّ لَيثٍ رآه خرَّ مُنعَدِما

تَبدو فَرائسهُ أُسد الشّرى وَبِها

يُضيف وَحش الفَلا مِن لَحمِها كَرما

يُطير في سَيفهِ ضَرباً جَماجِمَهم

تَطيرُ في الجوِّ قَد رامَت صُعودَ سَما

يَبري رِقابهمُ مَسحاً بعاضبهِ

كَأَنّهُ قَد بَرى في عَضبهِ قَلَما

كَم يَطعن العشرَ بالخطّيّ يَنظِمهم

عَقدا فريداً بِلا مِثل لَهُ نُظما

وَلَو رَمى مِنهمُ مَن كانَ مُستَنِداً

سَهماً لسمّره بِالسّهمِ حَيثُ رَمى

الفارِس البَطل الهِلقام مُفتَرِساً

يَخوضُ بَحرَ الوَغى وَالحرب مُقتَحِما

يَخوضُهُ وَرِياحُ الحَربِ هائِجَة

وَحَيثُ قَد ماجَ بِالآسادِ مُلتَطِما

تَراهُ كَالبَدرِ مِن تَحتِ العَجاجِ بَدا

وَسَيفهُ البرقُ في جَوفِ الدّجى اِبتَسَما

فَلَو عَلا المعرب اليَعبوب ثمَّ عَدا

لَفَرَّ جيشَ الأَعادي مِنهُ وَاِنهَزَما

رَبّ المُروءَةِ وَاللّيث الغيورِ وَمَن

قَد ذَبَّ عَن بَيضةِ الإِسلامِ حَيث حَمى

تَهابُهُ الأسدُ لَو شَمَّت لَهُ نَفَساً

مَرغومَة الأَنفِ لَو جازَت بِهِ شَمَما

هُوَ الوَزيرُ الّذي أَضحَت وِزارَتُهُ

بَدر الوِزارَةِ مِن جَوزائِها نجَما

الحاكم الشّهم من تَقوى دِيانَته

قَد أَلبسَ الحكمُ مِنهُ الحِلم وَالحكَما

السيّد الفَخمُ مَنْ عَلياؤُهُ اِتَّشَحت

بِسُؤدد المَجدِ وَاِزدادَت بِهِ عظما

تاج المَعالي وَفيهِ الدّهر قَد شَرفت

وَشَرّفت حيثُما صارَت له خدَما

وَاِستَخدَمت لِعلاهُ كلّ ذي شَرف

وَقادَت السّعد حتّى أَنّه خدما

الأَزهَر الوَجهِ مَنْ أَنوارُ غُرَّتِهِ

تَجلو البُدورَ بِها الدّيجور والغَسَما

الطّاهر الأَصلِ وَهوَ المُعتَلي حَسباً

وَالظاهِرُ الفَضلِ وَهوَ المُمتلي كَرما

الجَوهر الفَرد مَنْ لِلعقدِ واسِطَة

وَجَوهَرُ المَجدِ فيهِ لَيسَ مُنقَسِما

الكَامِل الحَسن الأَخلاقِ في أَدَبٍ

وَهوَ الحَميد عَلى أَخلاقِهِ شيما

الطيّب الذّكرِ مَيمون النّقيبة مَنْ

في صيتِهِ لِظُهُورِ الأُسْد قد قَصما

اللّافظ الدّرّ مَنثوراً وَمُنتَظِماً

وَمودِع الحِكم الأَقوالَ والكَلِما

القَابِل الفَصل مَن تَكسو بَلاغَتهُ

سَحبانَ لَو قَد رَآها العيَّ وَالبَكما

مَن حِلمُهُ البحر لَكِن في مَواضِعِهِ

وَالحلم في غَيرِها مِن جَهلِ مَن حلما

فَالعَدلُ بُغيَتُه وَالعَفوُ عادَتهُ

وَالصّفحُ شيمَتُهُ ذا شَأن مَن كَرُما

الخائِفُ اللّه وَالمَملوءُ مِن وَرَعٍ

الدَّيِّن المُتّقي مَنْ للتّقى لَزِما

المُنجز الوَعد موفي العَهد مُبرمهُ

مِن غَيرِ نَقضٍ وَمن أَوفى الورى ذِمَما

بَحرٌ تفيضُ النّدى وَالجود راحتُهُ

فَتَجعَلُ الفَقرَ في إِعطائِهِ عَدما

الأَريحيّ النّديّ الكفّ هاطِلة

ما كَلَّ يَوماً عَنِ الإِعطا وَلا سَئِما

السيّد النَّدْب عَبد اللَّهِ مَنْ فَخرت

فيهِ الوِزارَةُ وَاِزدادَت بِهِ عِظَما

ما كانَ في أَهلِها الغرِّ الكِرامِ لَهُ

مِثلٌ يُضاهيهِ لا عُرْباً ولا عَجَما

وَاللَّهِ واللَّهِ هَذا لا نَظير لَهُ

وَإِنّني في يَميني صادِق قسَما

يا ذا الوَزيرِ الّذي جَلَّت مَراحمهُ

وَقلّدت مِن نَداها جيدَنا نِعما

وَاِستَوجَبت أَنّنا نَتلو مَدائِحَهُ

بِسورَةِ الحَمدِ لَم نَعرِف بِها سَأَما

لا زالَ جَيشك مِن مَولاكَ مُنتَصِرا

يُذيق جَيشَ الأَعادي الأسْر والنِّقما

كَجَيشِ جِلّقَ مَأسوراً بِلا ريب

لَهُ جُيوشكَ ساقَت يشبهُ الغَنَما

وَفيهِ جيءَ إِلى عكّاءَ مُرتَدِياً

ثَوب المَذلّةِ يَخشى المَوتَ وَالعَدَما

أَنعِم عَلَيهِم أَخا الإِحسانِ مَرحَمةً

وَاِمنُن عَلَيهِم بِإِطلاقٍ لَهُم كرما

فَالمَنّ شُكر لما أُولِيتَهُ بِهم

وَأَنتَ للَّه مِمّن يَشكر النِّعما

وَهاكَ بِنتَ القَوافي وَالعروض أَتَت

فيها الجَمال عَلى زُهرِ السّماء سَما

هَذّبتها ذا العُلى تَهذيبَ ذا أَدبٍ

وَصغتها مِن نضارِ الحسنِ مُغتَنِما

وَمِن بَلاغَتِها فَالحسنُ مُنسَجِم

لَولا البَلاغة مِنها الحُسنُ ما اِنسَجَما

جاءَتكَ جارِية غَيداء غانِية

في وَجهِها خفر قَد خطّ وَاِرتَسما

تُريدُ ذَيلكَ بِالتّعظيمِ تَلثِمُهُ

فَالعِزُّ وَالشّرفُ الأَعلى لِمَن لَثما

أَقبِل عَلَيها أَخا الإِقبالِ مَرحَمةً

فَإِنّما يرحمُ الرّحمنُ مَن رَحِما

وَدُمتَ في شَرفٍ يَبقى وَعافِية

وَدُمتَ بِاللَّهِ مَحفوظاً وَمُعتَصِما

مؤَيَّداً مِنه مَنصوراً لَهُ وَبِهِ

وَدُمتَ للَّه لِلأعداء مُنتَقما

ما صاحَ طَير الرّوابي ما الهزارُ شَدا

صبحاً وَأَحسَن في تَغريدهِ النّغما

ما الفَتحُ قال لِباغٍ في الدُّنى خطراً

خُض الفَلاة وبَحر القفرِ فَاِقتَحما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

أضف شرح او معلومة