الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » لك الله ما هذا التواني بلا جد

عدد الابيات : 78

طباعة

لَكَ اللَّهُ ما هَذا التّواني بِلا جَدِّ

إِلى المَطلَبِ الأَسنى إِلى غايَةِ القَصدِ

فَحَثَّ مَطايا القَصدِ تَضرِبْ كبدها

وَسُقْها بِسَوطِ الشّوقِ في غايَةِ الجُهدِ

وَجَدَّ عَلَيها السّير تَهوى إِلى المُنى

فَذَو العَزمِ مِن عاداتِهِ الجد بِالجدِّ

لِنَحوِ حِمى عكار عالية الذُّرى

مُشيّدة العَلياءِ بِالعِزِّ وَالمجدِ

فَتِلكَ بُروجُ العزِّ في الدَّهرِ كلّهِ

مِنَ الشّرفِ الأَعلى عَلى مَطلَعِ السّعدِ

وَتِلكَ دِيارُ الأُنسِ بَل هِيَ جنّةٌ

زَهَت فَحَكَتها أَو حَكَت جَنّة الخلدِ

وَتِلكَ دِيارُ الحُسنِ تَزهو رُبوعها

وَتَسمو سُموَّ الحُسنِ في وَجنَةِ الخدِّ

رِياضٌ بِها المَعروفُ أَضحى غِراسَها

فَأَثمَرَ هَذا الغرسُ لِلجودِ وَالرفدِ

وَأُسقِيَ ماءَ المَجدِ مِن مَنبَعِ العُلى

فَكانَ بِهِ ذا الغرس أَحلى مِنَ الشّهدِ

وَأَنبَتَ أَغصانَ المَكارِمِ وَالنّدى

تَهزُّ بِأَيدي الشُّكرِ وَالمدحِ وَالحَمدِ

مَنازِلُ أَقمارٍ مَطالِعُ أَنجُمٍ

مَشارِقُ أَنوارٍ تَدلُّ عَلى الرّشدِ

بُروجِ شموسٍ في سَماءِ كَواكِبٍ

أَضاءَت بِها العليا ضياءً بِلا حدِّ

فَوَدَّت نُجومُ الأُفقِ لَو أَنّها السّما

وَهَل كانَ ودُّ المُستَحيلاتِ بِالمُجدي

مَواطِنُ أَمجادٍ كِرام أَكاسِر

وَغاب وَغيل لِلضّياغِمِ والأُسدِ

هَوَوا بِالهَوى العُذري كلّ فَضيلَةٍ

وَلَم يَهتَووا أَمثاَل عَزَّةَ أَو دَعدِ

فَلا حُسنَ في غَيرِ الفَضائِلِ عِندَهُم

فَهُم لَم يَقولوا بِالغَواني وَلا المردِ

وَقبلَةِ آمالٍ وَكَعبَةِ قاصِدٍ

يَعودُ بِجبرِ القَلبِ لِلفَوزِ بِالقَصدِ

فَيا طيبَ عَكّارٍ تَسيرُ بِهِ الصّبا

وَفي مِثلِهِ لَم تَسرِ يَوماً صَبا نَجدِ

لَئِن ضَلَّ عَنها مَن يُريد كِرامها

فَنَفحُكَ لا رَيب إِلَيها لَهُ يهدي

تَوَجَّه إِلَيها وَاِجهَد النّفسَ ساعِياً

وَسِر سَيرَ مُشتاقٍ يَجدُّ عَلى وَجدِ

وَسِر عامِداً بِالسّيرِ وَالسّعي بُرجَها

فَذَلكَ في عكّار كَالعَلمِ الفَردِ

فَعَكّار عَينٌ لِلبِلادِ وَبرجِها

فَإِنسانُها المَكحول بِالحُسنِ وَالمَجدِ

تَتيهُ بِهِ عكّار فَخراً عَلى السّما

وَحقَّ لَها فيه الفَخارُ وأن تُبدي

وَقَد كانَ بِالجَوزاءِ فَخر سَمائِها

وَقَد كانَتِ الجَوزاءُ تَخلو عَنِ الندِّ

وَإِذ كانَ هَذا البرجُ قَد قَلَّ فَخرها

بِجَوزائِها وَالخط بِالردِّ وَالطّردِ

بِهِ شَمسُ عَلياءٍ وَعِزٍّ وَسُؤددٍ

وَبَدرِ كَمالٍ لاحَ مِن جَبهَةِ السّعدِ

تَوَلَّدَ مِن مَجدٍ بِأَكرمِ محتَدٍ

تَسامى عَلى الأَنسابِ بِالأَبِ وَالجدِّ

تَغَذَّى بِأَلبانِ المَكارِمِ وَالنّدى

تَرَبّى بِحضنِ العِزِّ مِن زَمَنِ المَهدِ

تَحَلَّى بِحُسنِ الخلقِ مِن حينِ مَهدِهِ

وَقَد زين بِالآدابِ مِن ذَلكَ العَهدِ

تَرَدّى بِبُرد الحلمِ مِن زَمَنِ الصِّبا

فَكانَ لَهُ وَاللَّه مِن أَفخَرِ البُردِ

تَجَسّمَ مِن لُطفٍ وَذَوقٍ وَرقّة

بِطَبعٍ وَمَعروفٍ وَخَيرٍ لَهُ يُسدي

تَرَكّب مِن هَذي المَحاسِنِ جَوهراً

فَسمّيَ بِالتّركيبِ بِالجَوهَرِ الفردِ

تَدَرَّعَ في ثَوبِ الكَمالِ مطهّراً

مِنَ النّقصِ وَالأَدناسِ كَالغَدرِ وَالحقدِ

جَمالُ كَمالِ الماجِدينَ وَعِزِّهم

وَمَرجِعِهم في حالَةِ الحلّ وَالعَقدِ

وَإِنسانِ عَينِ الأَكرَمينَ وَنورها

وَصَدرهم المَوفورِ بِالخَيرِ وَالرّشدِ

إِذا اِنتَظَم الأَمجادُ في سلكِ سُؤددٍ

فَذَا بَينَهُم وَاللَّه واسِطَةُ العقدِ

عَلِيّ السّجايا وَالمَزايا مَعَ الذّرى

وَالاِسمِ عَليِّ الجاهِ وَالبختِ والجَدِّ

عَزيزٍ كَريم النّفسِ وَهيَ أَبيَّة

عَنِ الضّيمِ تَأباهُ عَلى الهَزلِ وَالجِدِّ

هُوَ الأَسعَدُ المَسعودُ وَاِبنٌ لِأَسعَدٍ

بنيّ شَديد مُرعِب الأُسدِ وَالضدِّ

مهيبٌ فَلولا حِلمُه يُدرِكُ الفَتى

بِإِغضابِهِ كانَ الفتى حَلَّ في اللّحدِ

أَميرٌ لَهُ الآسادُ ثمّ العظامُ قَد

تَبَدَّوْا مِنَ الخدّام لا شكّ وَالجندِ

غَدا بَندُهُ المَضروبُ في قُبَّةِ العُلى

وَقَد قامَتِ الأَمجادُ مِن تَحتِ ذا البَندِ

وَرايَتُهُ البيضاءُ في كُلِّ مَوكِبٍ

بِها الفتحُ يَتلو النّصرَ في سورَةِ الحَمدِ

هِزَبرُ الشّرى لَيثُ الكَريهَةِ وَالوَغى

حَمى بَيضَة العَلياءِ بِالرّمحِ وَالهِندي

إِلى نَجدَةِ العَلياءِ يَسطو بِصارِمٍ

تَعَوَّدَ في الآسادِ للقَطِّ والقَدِّ

لَئِن مَدَّ لِلأَعداءِ بِالطّعنِ رُمحَهُ

وَلَو بَعُدُوا نِيلوا لَدى ذَلكَ المَدِّ

وَلَو هَزَّ في وَجهِ العداةِ حُسامَهُ

لَذابوا بِهِ رُعباً وَلَو كانَ في الغمدِ

فَكَم شامَهُ الأَعداءُ جَيشاً عَرمرَماً

وَلَيسَت عُيونُ القَومِ بِالأَعيُنِ الرُّمدِ

وَكَم صَفَّ في الهَيجاءِ وَالحَربِ وَحدهُ

وَقَد صالَ في الهَيجاءِ كَالأَسدِ الوردِ

فَكَم مِن أُلوفٍ لا تُعَدُّ بِواحِدٍ

وَكَم واحِدٍ بِالأَلفِ يحسبُ في العدِّ

وَلَو كَرَّ فيها فَوقَ ظَهرِ مُطهَّمٍ

يَطولُ الثريّا فيهِ بِالكفِّ وَالزّندِ

وَصَعد فيها رُمحَهُ نَحوَ صفّهِم

وَجَرَّدَ فيها عَضبهُ الماضِيَ الحدِّ

لِشمتِ العِدى مِنهُ مَخافاً تَأَخّروا

وَوَلَّوا فِراراً بِالمُطهّمَةِ الجردِ

وَقَد خَطَّ بِالخطّي أَوراقَ صَدرِهِم

وَقَد خَطَّ في رقّ المَناحِرِ بِالهِندي

وَنَظَّمَ بِالخَطِّيِّ عقداً قُلوبهم

وَلا سمطَ مِثلَ الرّمحِ في النّظمِ لِلعَقدِ

عَلى نَسَقٍ وَاللَّه يَجري عَطاؤُهُ

فَكالبحرِ ما أَسدى وَكالبحرِ ما يُسدي

جَوادٌ فَلَو أَهدى الدّنى لِاَستَقَلَّها

وَمَن ظنّه التّقصير لِلعُذرِ قَد يبدي

وَإِن الجواد المِستقلُّ عَطاءهُ

وَذو البخلِ مَن لا يَستَقِلّ لما يُهدي

لَقَد أَمَّه العافونَ مِن كلِّ جانِبٍ

رُكوباً عَلى الآمالِ لِلجودِ والرِّفدِ

وَمِنهُ اِستَطابوا مَنهَلَ الجودِ مَورِداً

أَما مَنهلُ الإِحسانِ مُستَعذَب الوِردِ

فَعَكّارُ بِالعافينِ أَضحَت دُروبها

تَغُصُّ بِهِم ملأى لِمُزدَحم الوفدِ

كَأَسواقِ مِصر بِاِزدِحامٍ وَغصّةٍ

بِها تُضرَبُ الأَمثالُ بالِغَةُ الحَدِّ

فَيا أَيّها الشّهمُ الّذي عندَ بابِهِ

لَقَد قامَتِ العَلياءُ تَخدم كَالعَبدِ

بَنيت المَعالي بِالعَوالي وَبِالنّدى

وَفي حُسنِ أَخلاقٍ تَزيدُ عَلى العَدِّ

وَكُنتُ بِعزِّ النّفسِ مَع غايَةِ التّقى

تؤسّسُ ذا البنيانَ بِالعِزِّ وَالمَجدِ

وَمَن يَبنِها في غَيرِ ما قَد بَنيتها

يَؤولُ بِها البنيان لِلهَدمِ وَالهدِّ

فَهاكَ حَماكَ اللَّهُ مِن كلِّ عاهَةٍ

مُخدَّرة هَيفاء مَمشوقَة القَدِّ

فَريدَة حُسنٍ بِنتَ فِكرٍ يَتيمَةٍ

جَميلة وَجهٍ وَهيَ كاعِبةُ النّهدِ

يَسيلُ بِها ماءُ البَلاغَةِ صافِياً

وَيَنسابُ مِن دُرِّ البديعِ على مَهدِ

يُمازِجُه سِحر البَيانِ قَدِ اِرتَقى

مَراتِبَ لَم تدرك عَلى القُربِ وَالبعدِ

أَتَتكَ تَهزّ الكشحَ عَجباً وَمفخراً

وَتَسحَبُ ذَيلَ التِّيهِ كاشِفة الخَدِّ

مُعطّرة مِن عطرِ مَدحِك نافِحاً

فَكانَ بِها أَشذى مِنَ المِسكِ وَالندِّ

فَأَحسِنْ إِلَيها بِالقَبولِ وَبِالرّضى

وَصُنْها أَبا المَعروفِ مِن خَجلَةِ الصدِّ

فَشيمَتُكَ العَلياءُ مِن دَأبِها الرّضى

وَعادَتُك الحَسناءُ تَنبو عَنِ الردِّ

وَدُمتَ بِعَينِ اللَّه مَكلوءَ حِفظِهِ

وَمَلحوظَ عينِ اليمنِ وَالخيرِ وَالسّعدِ

بِصِحَّةِ جِسمٍ في مَسَرَّةِ مُهجَةٍ

بِعَيشٍ هَنِيٍّ ناعِمٍ رَغدِ

مَدى الدّهرِ ما غَنَّى الرّبيعَ عنادِلٌ

فَأَبدينَ حُسنَ الصّدحِ في زَمَنِ الوردِ

وَما قالَ ذو جِدٍّ يحثُّ بِجدّهِ

لَكَ اللَّه ما هَذا التّواني بِلا جدِّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة