الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » حنانيك ما ذا الهجر يا أم قاسم

عدد الابيات : 57

طباعة

حَنانيكِ ما ذا الهجرُ يا أُمَّ قاسِمٍ

فَرِفقاً بِوَلهانِ الفُؤادِ وَهائمِ

وَليني عَلى الوَلهانِ ذي الوَجدِ وَالجوى

فُؤاداً قَسا كَالصّخرِ لَيسَ براحمِ

فَما بالُهُ تَجفينَهُ وَهوَ سيّدٌ

كَريمٌ مِنَ الأَمجادِ عين الأكارمِ

نَسيبٌ عَريقُ الأَصلِ طابَ نِجارُهُ

بُنَيُّ كِرامٍ في الورى وكرائمِ

وَجيهٌ جَليلٌ في العُيونِ مُوقَّر

جَميلٌ وَسيمُ الوَجهِ لَيسَ بِجاهمِ

شُجاعٌ تَربّى في الوَغى وَهوَ ضَيغم

تَذِلُّ لَهُ خَوفاً أُنوفَ الضّياغمِ

يكرُّ عَلى الآسادِ لا يرهبُ الرّدى

وَيَسطو قَسيَّ القَلبِ سَطوةَ ظالِمِ

يَظنُّ إِذا ما كَرَّ أَن لَيسَ خلفهُ

طَريقٌ بِهِ يَبدو مفرّ لِهاجِمِ

وَيَنقَضُّ كالعقبانِ عندَ اِنقِضاضِها

فَيَرفَعُ كَفّيهِ بِأخذِ الجَماجِمِ

يُعادِلُ آسادَ الوَغى لَو تَجَمّعوا

بِلا الأَسَدِ الرّئبالِ مُردي الهَياضمِ

أَبي العِزِّ خدنِ المَجدِ فَخرُ بَني العُلى

عَلِيّ السّجايا بَعضها جود حاتِمِ

فَذاكَ هِزَبرٌ راجِحٌ لَو وَزَنتَهُ

مَدى الدّهرِ في الدّنيا بِكلِّ الضّياثمِ

هَصور مهيب يَقصِمُ الظّهرَ صيتهُ

وَما كلُّ صيتٍ لِلظهورِ بِقاصِمِ

تَخافُ بِهِ الأَطفالُ وَهيَ بِمَهدِها

وَتهلكُ مِن ذكراهُ حمسُ الجَهاضِمِ

فَيا سَعدَ مَن وافاهُ وَهوَ مُسالِمٌ

وَيا تَعس مَن وافاهُ غَير مُسالِمِ

يَسيرُ عَلى أَقدامِهِ نَحوَ حَتفِهِ

وَلَيسَ مِنَ الهَيجا يَعودُ بِسالِمِ

تَراهُ إِذا قَد رامَ حَربَ عِداتهِ

يَقومُ وثوباً مِثلَ وَثبِ الضراغمِ

وَيَنهَضُ ذا جدٍّ لأخذِ سلاحِهِ

بِجَزمِ أَخي عَزمٍ بِهمَّةِ حازمِ

وَيَلبَسُ دِرعاً مُحكَماً صنع نَسجها

وَمَغفرهُ المُزري بِلبسِ العَمائِمِ

فَيُصبِحُ في حِصنٍ حصينٍ فَما بِهِ

يُؤثّر مِن رمحٍ وَقُضبٍ قَواصمِ

وَيَحمِلُ أَنواعَ الرّماحِ جَميعِها

فَمِن حَربةٍ تُسقى بِسُمِّ الأَراقمِ

وَسُمرٍ عَوالٍ ثمّ لُدنٍ عَوارتٍ

يَقلُّ لَعمري مثلها في اللّهاذِمِ

وَجُعبَتُه ما إِن تعدّ سِهامها

وَما نَصلُها غير القُلوبِ بِطاعِمِ

وَيَحمِلُ أَصنافَ السّيوفِ جَميعها

فَمِن مُرهَفٍ ماضٍ رسوبٍ وَحاسمِ

وَمِن هندوانيٍّ وَعَضبٍ مُهنّدٍ

وإِصليتِ قُرضابٍ وَأَمضى الصّوارِمِ

يَخوضُ إِلى الهَيجاءِ بَحرَ كَريهَةٍ

بِمُعترك الأَبطالِ عِندَ التّصادُمِ

يَموجُ بِفُرسانٍ لُيوثٍ كَواسرٍ

وَما مِثلُهُ بِالمَوجِ مِن مُتَلاطِمِ

يَصولُ على طِرفٍ أَصيلٍ مُشذَّبٍ

مِنَ الرّيحِ مَخلوق مقودِ الشّكائِمِ

فَإِنْ يَعدُ شمتَ الريحَ مَسبوقةً بهِ

وَما غَيرُهُ قَد نالَ سَبقَ النَّسائِمِ

وَما خَيلُهُ إِلّا جيادُ أَصائِلٍ

صَوافن غرٍّ مِن هِجانٍ كَرائِمِ

فَمِن أَشهَبٍ صافٍ وَأحمَر رائقٍ

بِعَرفٍ كَمثلِ الذّيلِ أَسودَ فاحمِ

وَثيج وَعُنجوج شَديدٍ وصلدمٍ

كَحيلٍ كريمٍ مِن جيادِ الصّلادِمِ

كَبيرٍ ثَلاث واسِع لِثلاثةٍ

بِطولُ ثَلاثٍ مِنهُ طولُ القَوائِمِ

قَصيرُ ثَلاثٍ لا ذنوب وَسَمحَجٍ

ذَريع وَسَهب سَلهب لم يصادمِ

أَغَرّ بِتَحجيلٍ بِغَيرِ يَمينِهِ

بِحُسنِ تَقاطيعٍ بِأَسنى المَياسِمِ

بِسيّالَةٍ إِن يُسقَ تَشربْ بشربِهِ

بِثَغرٍ ظَريفٍ وَهوَ حلو المَباسِمِ

بِحُسنِ نَياشينٍ لَها اليمنُ صاحِبٌ

بِها السّعدُ مَقرونٌ بِخَيرٍ مُلازِمِ

إَذا أَفلتَ الخطّيَّ في القوم طاعناً

تَراهُ إِذن يَنسابُ مِثلَ الأراقمِ

لَوِ اِصطَفَّ أَلفٌ واحداً خَلفَ واحِدٍ

وَأَفلَتَ ذاكَ الرّمح لَيسَ بِراحِمِ

لَأخرجَ ذاكَ الرّمحَ مِنهم جَميعهم

وَصَيَّرَهم لِلوَحشِ أَهنى الوَلائِمِ

وَلَو أَنّ ذاكَ الألف قَد دارَ حَلقَةً

وَمَدَّ لَهُ زنداً بأبيض صارِمِ

لَشِمتَ رُؤوسَ الألفِ منهُ بِضَربَةٍ

تَطيرُ عَنِ الأَعناقِ نَحوَ النّعائمِ

وَإِنْ يَرمِهمْ بِالنَّبلِ كانَت سِهامُهُ

تَصبُّ عَلَيهم مِثل وَبلِ الغمائِمِ

وَلَو ضَربت كفّاهُ مِن غَيرِ آلةٍ

رُؤوسَ العِدى بِالخبطِ فَوقَ العَمائِمِ

لَأَصبَحَ مِن أَقدامِهم نَحوَ سفلها

يُريكَ بِلا رَيبٍ خُروجَ الجَماجِمِ

كَذاكَ لَعَمري فَليَكُن كلّ فارِس

وَكُلّ شجاعٍ في الحروبِ مصادمِ

وَلَكِنّه قَد قَلَّ في الدّهرِ مثلهُ

وَقَد قَلَّ في الدّنيا وُجودُ الضّياغِمِ

فَيا أَيّها اللّيثُ الهمامُ أَبو العلى

وَيا مَن لَهُ العَلياءُ أَدونُ خادمِ

إِلَيكَ رَعاكَ اللَّه بِنتَ حماسَةٍ

لَعمريَ مِثلي مثلها غير ناظِمِ

تَذوبُ حَشا الأَعداءِ عندَ سَماعِها

لِذِكراك فيها يا وَجيهَ الأَعاظمِ

وَتَصفَرُّ مِنهم حينَ تتلى أَنامِل

وَتحضر فيهِم أُمّهاتُ القَشاعِمِ

فَمُرْ إِن ترُمْ حَربَ الأَعادي بِشَدوِها

فَلا تَطلب الأَعداء غَير الهَزائمِ

يُوَلّونَ أَدباراً يَضلّونَ في الفَلا

وَقَد شدَّ حبل الضّيقِ فَوقَ الحَلاقِمِ

يَضيقُ بِهم ضيق السوارِ بِمِعصَمٍ

يَضيقُ بِهِم ضيقَ البَنانِ بِخاتَمِ

وَضَعها عَلى حِصنٍ وَلَو غير مانِع

فَتِلكَ لِدَفعِ القَومِ أَسنى التمائِمِ

وَدُم بِأَمانِ اللَّه في كَهفِ حِفظِهِ

مَعاناً بِعونِ اللَّه رَبِّ العَوالِمِ

مَدى الدّهر ما هَبَّت نَسيمٌ من الصَّبا

وَدامَ عَلى الأَغصانِ شَدوَ الحَمائِمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة