الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » ما للحمائم لا تكاد تطير

عدد الابيات : 40

طباعة

ما لِلحَمائِمِ لا تَكادُ تطيرُ

ما للأراضي بالأنام تَمورُ

ما لِلجبالِ الشّامِخاتِ تَدكْدَكَت

وأبو قُبيس قد هوى وثبيرُ

ما للنّفوسِ تَكادُ تَزهَقُ لَوعةً

وَلَها شَهيقٌ قَد عَلا وَزَفيرُ

ما لِلعُيونِ دُموعُها مَصبوبَةٌ

مِثلُ الدّماءِ عَلى الخُدودِ تَسيرُ

فَكأنّها حُمراً وسوداً أحرفٌ

لَكِنّها فَوقَ الخدودِ سُطورُ

ما بالُ قلبي قد تهلّب حُرقةً

مِن أَين فيهِ جهَنّمٌ وَسعيرُ

ما لِلنّجومِ غَربن وهيَ طوالعٌ

جنحَ الدّجى وَخسفن وَهيَ بُدورُ

ما لِلشّموسِ لَبِسنَ في رأَدِ الضّحى

ثَوبَ الكسوفِ وَما لَهنَّ ظُهورُ

ما لِلجِنانِ تَزخرَفَت ثمّ اِغتَدى

مِنها يَلوحُ مِنازلٌ وقصورُ

وَتَزيَّنَت وُلدانها وَتَقلَّدت

عِقْدَ الجَواهرِ في النّحورِ الحورُ

فَعَجِبت مِن هذا وَقُلنا حادِثٌ

في الكَونِ بانَ وَإنّه لَكَبيرُ

فَأُجبتُ لا تَذهل وَقيلَ لِيَ اِنتَبِه

فَاليومَ ماتَ العالِمِ النحريرُ

شَيخُ الجَهابِذِ وَالأفاضِلِ مُفرداً

نَجمُ العُلومِ الجَهبَذُ المَشهورُ

بَدرُ الشّريعَةِ وَالطّريقَةِ وَالهُدى

شَمسُ الحَقيقَةِ أَحمد البربيرُ

بَحرُ المَعارِفِ ما لَه مِن ساحلٍ

مِنهُ اِستَمدّت في الأنامِ بُحورُ

رَبُّ الفَطانةِ والفُهومِ مَع الذّكا

في طَوعِهِ التّحقيقُ والتحريرُ

عَنهُ الحَديث سَماعُهُ قَد يَنبَغي

وَالفِقهُ وَالتوحيدُ وَالتفسيرُ

وَكَذا الأصولُ وَكلُّ مَن يَنتمي

لِلنّقلِ أَو لِلعقلِ وَهوَ شَهيرُ

كَم قَلب علمٍ سَرّهُ تَأليفه

وَأَقرَّ منهُ طرفَهُ تَقريرُ

مَولَى القَوافي قَد تَملَّك أَمرَها

فَأَطاعَهُ المَنظوم وَالمَنثورُ

فيها تَصرَّفَ كيفَ شاءَ وَصاغَها

صَوْغاً عَلى الإِتقانِ ظلَّ يَدورُ

مِن كلِّ مَعنى لَيسَ مَسبوقاً لَهُ

كَلّا وَلا بسِواهُ فيهِ شُعورُ

مِن كلِّ مُختَرِعٍ يَسيلُ بَلاغَةً

وَيَكادُ في سِحرِ البيانِ يَطيرُ

ما البحتريُّ لَديهِ ما سَحبانُ ما

نَحو الفَرزدَق عِندَهُ وجريرُ

فيه أُصِبنا والمصائبُ جمّةٌ

منها العظيمُ كَمَوتِهِ وَحقيرُ

لا بِدْعَ إنْ ذهبَ الكرامُ فإنَّما

عمرُ الكِرامِ مِنَ الأنامِ قَصيرُ

يا لَيتَ أَعمارَ الكِرامِ مَديدةٌ

وَيَكونُ فيها الطولُ وَالتّأخيرُ

يا وَيحَ بَيروت وَقِلّةَ حظِّها

هَيهاتَ مِنها مِثلهُ وَنَظيرُ

لَكِنْ لَها فَخرٌ بِهِ لا يَنتَهي

يَفنى الزّمانُ وَما لَهُ تَغييرُ

أَرواحُنا لَو كانَ فيها يُفتَدى

جُدنا بِها وَبِها الفِداءُ يَسيرُ

لَكِن فناءُ الخَلقِ حُكمٌ نافِذٌ

لَم يَنجُ مِنه كَبيرُنا وَصَغيرُ

ما كانَ في الدّنيا خُلودٌ لِامرِئٍ

ظَنُّ الخلودِ جَهالَةٌ وَغرورُ

لَو كانَ فيها لَم يَمُت فيها اِمرِؤٌ

بَل لَم يَكُن لِلأنبِياءِ قبورُ

فَاللَّه يُلهِمُنا الرضاءَ بِحُكمِهِ

وَالصبرَ عند الرزْءِ فهو قديرُ

وَالحُكمُ للَّهِ العليِّ وَإِنّما

خَيرُ المصابِ مسلم وَصَبورُ

في صالِحيّةِ جِلَّقٍ وَرِياضِها

أَودى فَراحَ إِلى الجِنان يَسيرُ

وَضَريحُهُ في رَوضَةٍ قَد أَنوَرَت

بِضَريحِ مُحيي الدّينِ وَهوَ منيرُ

بِجِوارِهِ قَد حلَّ وَهوَ ضَجيعُهُ

نِعمَ الجِوارُ وَكَم لَهُ تَأثيرُ

فَعَلَيهِ رِضوان وَرَحمَة رَبِّهِ

ما غَرَّدَت فَوقَ الغُصونِ طُيورُ

أَو ما اِبنُ فَتحِ اللَّهِ أَنشد راثياً

ما لِلحَمائِمِ لا تَكادُ تَطيرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة