الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » لعمرك ما القامات إلا أسنة

عدد الابيات : 67

طباعة

لَعَمرُك ما القاماتُ إِلّا أَسِنَّةٌ

وما غَمزاتُ العَينِ إِلّا عَواضِبُ

وما وَجناتُ الغيدِ يَبدو شُعاعُها

وَيَظهرُ في الظّلماءِ إِلّا كَواكبُ

إِذا طلعَت تَعلو رِماحُ قُدودِها

بِمَشرِقها مِنها تُضيءُ المغاربُ

وَما جَبهَةُ الحَسناءِ فَوقَ حواجِبٍ

بِغَيرِ هِلالٍ حَيثُ لَم يَكُ حاجبُ

وَلَكنّ أَعلاهُ أَضاءَ بِنورِهِ

ومُسْودَّه أَدناهُ وَهوَ الحواجبُ

وَلي مَذهَبٌ فيمَن عشقتُ مهذَّبٌ

وَلِلناسِ فيما يَعشَقونَ مَذاهِبُ

أَهيم بها وَلْهانَ وَالدّمعُ ساكِبٌ

وَما أَدمُعُ الولهانِ إِلّا سَواكِبُ

أَغيبُ بِها وَجداً وَإِنّي حاضِرٌ

أيُجدي حضورُ الصّبِّ والصّبُّ غائبُ

أَميلُ إِلَيها وَهيَ لا شكَّ مَطلَبي

وَقَصدي وما لي في سِواها مَأربُ

أَخافُ عَلَيها أَن تَرى الشَّمسُ حُسنَها

فَتندلُه نَدْلاً تراهُ الثّعالِبُ

عَلى أَنّ شَمسَ الأُفْقِ عينٌ وَإنّها

لها لدْغةٌ لا تحتويها العقاربُ

أغارُ عليها أن تمرَّ بها الصَّبا

وَمِن لُطفِها يَحلو لَدَيها المكاسِبُ

وَتَسرِقُ نَفحَ الوردِ مِن وَردِ خَدِّها

وَيَعشقُها بِالشمِّ مِنهُ الأشايبُ

خَريدةُ حُسنٍ ما لها من مُشابهٍ

ولا غَرْوَ ما للشمس مثلٌ يقاربُ

تَميلُ وَتَرنو كَالقضيبِ وكالظُّبى

وتسفرُ مثلُ النجمِ والنجمُ ثاقبُ

فَإِنْ تبدُ يبدُ الفجرُ في اللَّيلِ صادقاً

وَإِنْ غَيرُها يَبدو فذا الفجرُ كاذِبُ

بِروحي لَماها فَهوَ خَمرٌ تَعَسَّلَت

وَمِنها لَقَد طابَت لَدَيَّ المَشارِبِ

وَبي طَرْفُها المَخمورُ مِن خَمرَةِ الكَرى

وَمِن خَمرَةِ التّسهيدِ طرفِيَ شاربُ

نَهَتنيَ عَن كَوني أَرى شَمسَ وَجهِها

فَقُلتُ لَها الحِرباءُ مِثلي تراقبُ

وَأَنّى أَراها وَالعُيونُ حَواجِبي

بِشَزْرٍ لَقَد هانَت لَدَيهِ القَواضِبُ

وَكَونُ اللّواحي أَعيُناً وَحَواجِباً

فَوا أَسَفي إِنَّ العيونَ حَواجبُ

وَلَم يَكُ فَقدُ الرّوحِ مِنّي مُصيبَةً

وَلَكِن لَواحي الصبِّ هنَّ المَصائِبُ

رَأَتني نَحيلَ الجسمِ مِن أَلَمِ الجَوى

فَقالَت دَعوهُ تَعتَليهِ المَعاطِبُ

وَشامَت بَياضاً قَد أَلمَّ بِعارِضي

فَظَنَّتْه شَيباً وَهوَ تأباهُ كاعبُ

وَلَيسَ بِشيبٍ إِنّما هوَ نورُها

عَلى عارضي بادٍ وَما أَنا شايِبُ

رَعَى اللَّهُ أَهلَ العِشقِ إِنَّ قُلوبَهم

لَمِن لحظها فيها نِبالٌ صَوائبُ

وَأَحيا فُؤادي حَيثُ ماتَ مِنَ النّوى

وَحَلَّت بِهِ دونَ القُلوبِ النّوائبُ

وَأُوهِنَ مِن أَيدي العَنا حَيثُ قَد غَدا

كَأَوهَنِ بَيتٍ قَد بَنَتهُ العَناكِبُ

فَيا وَيحَ قَلبي فَالنّوى قَد أَطارَهُ

وَيا وَيحَ جَنبي حَيثُ روحي تُجانبُ

عَلى كلِّ حالٍ هَكَذا شِرعَةُ الهوى

وَفي مِثلِهِ تَقضي عَلَينا الحَبائِبُ

فَقُم يا اِبنَ ودّي نَدخُلِ الرَّوضَ نَلتَهي

فَأَذكى ذَوي الأَشجانِ لاهٍ وَلاعِبُ

أَتَزعمُ أَنّي لِلأمانِيِّ بالِغٌ

وَأَنَّ الأماني كَالظُّنونِ كَواذبُ

فَدَعْ عَنكَ هَذا الزَّعمَ يا اِبنَ أَخي الهَوى

فَكَم ماتَ صَبٌّ أَخطَأتهُ المَطالِبُ

وَشَنِّفْ بِأَذكارِ الحبيبةِ مَسمَعي

فَتِلكَ لَهُ قرطٌ هَوَتهُ الكَواعِبُ

وَمنّيَ فَاِسمَعْ عَن عَليٍّ مَناقِباً

فَإِنّ عليّاً عَنه تُروى المَناقِبُ

مَناقِبُهُ لم تُحصَ عدّاً لَوِ اِنتَهى

وَلَكنَّهُ مِنهُ تُعدُّ المَعايِبُ

وَما هِيَ إِلّا وَصفُه وَاِتّصافُهُ

بِكُلِّ كَمالٍ قَد جَفَتهُ المَثالِبُ

فَذاكَ أَميرُ المُؤمِنينَ بِعَصرِهِ

حَديثاً وَفَضلاً مِنهُ تَبدو الغَرائِبُ

إِمامٌ بِهِ كلُّ الأَفاضِلِ تَقتَدي

وَذاكَ اِقتِضاءٌ صَحَّحتهُ المَذاهِبُ

فَلَو أَمَّهُ بِالفضلِ أَكبَرُ فاضِلٍ

فَقَدْ أُمَّ بالأميِّ قارٍ وَكاتِبُ

هوَ البطلُ الكَرّارُ في كلِّ مَعركٍ

مِنَ المُشكِلِ الخافي وَما هوَ هارِبُ

يَكِرُّ بِذهنٍ يَسبِقُ البرقَ لامِعاً

وَفَكرٍ يُحاكي الشُّهبَ وَهيَ ثَواقِبُ

فَإِن جالَ في مِضمارِ بَحثٍ مناظراً

فَقَد فرَّ مَمنوعُ المُرادِ المشاغِبُ

وَإِن صالَ بِالأَقلامِ فَوقَ كواغدٍ

فَقَد كَتَبت بِالسُّمر بيضٌ قَواضِبُ

وَيا حَبَّذا فيها الطُّروسُ كَأَنّها

يُخالِطُ مِنها الضّوءُ فيها غَياهِبُ

وَتِلكَ كُنوزٌ لِلمَعاني فَإِنْ بَدَت

عَنِ الدُّرِّ وَالياقوتِ تَبدُ العَجايِبُ

نَتيجَةُ هَذا الدَّهر مِن حُسنِ شَكلِهِ

بَدَت عَن قَضايا المَجدِ وَالمَجدُ واجبُ

وَتِلكَ القَضايا مُوجِبات لَهُ العُلا

وَعَمّن سِواهُ أَوجَبَتها السّوالِبِ

فَلَو ودَّ مَتنَ العزِّ يَركَبُه غَدَت

تودُّ المعالي أنهنّ نجائبُ

أَبى اللَّهُ إِلّا أَن يَسودَ بِفَضلهِ

وما سَوّدته فيه أمٌّ ولا أبُ

عَلى أَنَّهُ قد سادَ مَجداً بِأَصلِهِ

وَذَلكَ أَصلٌ فيهِ طهَ وَغالبُ

فَذاكَ هوَ المَجدُ المُؤكّدُ في الوَرى

لَعمرُك ماذا المجدُ إلّا مَواهِبُ

فَماذا ثَنائي بَعدَ هَذا وَمِدْحَتي

وَلِكَنّ هَذا لِلمَدائِحِ طالبُ

فَإِن لَم تَصفه في حَميد مَدائِحي

فَإنّيَ مِن ذاكَ الحميدِ مُعاتَبُ

فَيا أَيّها المَولَى الَّذي هوَ مالكي

وَمَنْ أَنا في مَدحي مَزاياكَ راغِبُ

لَئِن كُنتَ قَد كاتبتَني بقصيدةٍ

فإنَّ اِفتِخارَ العبدِ حيث يُكاتَبُ

وَلَكن نُجومُ المَدْحِ لا أَستَطيعُها

وَمِن أَجلِ ذا في الرِّقِّ يبقى المُكاتبُ

فَهاكَ أَبيتَ اللّعنَ بِكراً جميلةً

عَلَيها مِنَ الحُسنِ البَديع جَلابِبُ

فَكَم طالِبٍ ضَنَّتْ عليهِ بِحُسنها

وقد رُدَّ عن نَيل المُنى وهو خائِبُ

وَأَنتَ لَها دون البريّةِ محْرَمٌ

وَأَنتَ لَها دونَ الخَلائِقِ خاطِبُ

إِلَيكَ لَقد زُفَّتْ وحلّتْ وَقَد غدا

حَراماً بلا شكٍّ عليها الأجانبُ

تَوارَت بِفِكري عَن سِواكَ لِعِلمِها

بِأَنّكَ مِن فِكري لَها أَنت جاذبُ

وَمِنك اِستَمدَّ الفِكرُ فيما وَهَبته

وَلِكنَّهُ يُهديكَ ما أَنتَ واهِبُ

فَإِن تَحْبُها مِنكَ القَبولَ فَما لَها

وَحَقِّك في غَيرِ القَبولِ مآربُ

فَهَبها قُصوري في المَديحِ وفي الثّنا

فَقَد فاتَني مِنهُ فروضٌ وَوَاجِبُ

وَتِلكَ لِجاني الذَّنبِ لا شكَّ تَوبَةٌ

وَلَيسَ بِذي ذَنبٍ مِنَ الذّنبِ تائِبُ

وَدُمْ بِأَمانِ اللَّهِ ما هبَّتِ الصَّبا

وَما هَطَلت بِالغّيثِ سَحّاً سَحائِبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة