الديوان » مصر » صالح مجدي بك » ثغور التهاني للعزيز بواسم

عدد الابيات : 90

طباعة

ثغور التهاني للعَزيز بواسمُ

وَأَيامه بيض الليالي مَواسمُ

وَأَفنان أَدواح التمدّن غرّدت

بمصر عَلَيها للأنام حَمائم

فَأَما المَباني فَهيَ في حسن نَظمِها

بُروجٌ لأفلاك السَماء تُزاحم

وَفي الأَرض للأَبصار تَبدو كَواكب

مِن الغاز للبدر المُنير تنادم

وَأَما تقاسيم المِياه فنفعها

عَميم وَفيها للعباد مَراحم

وَمِنها بَساتين القُصور تَفتَّحت

مِن الوَرد بَعدَ الرَيِّ فيها كَمائم

وَأَما المَيادين الَّتي قَد تجددت

وَلاحَت عَلَيها للفخار عَلائم

فأَشرفها السامي بذكر محمد

عليّ الَّذي هابَت لقاه الضَراغم

وَمِنها الَّذي في عابدين قصوره

لَها السَعد طُول الدَهر في مصر خادم

وَمِنها الَّذي في الأَزبكية زانه

بَهاء وَحلَّى ما حَواه مناظم

وَكَيفَ وِللتفريح فيهِ ملاعبٌ

بهنَّ سُرور للبرية دائم

وَقصر وليّ العَهد فيهِ كَأَنَّهُ

بِما حَولَهُ فَوق المَجرّة قائم

وَفيهِ سرايات وَفيهِ حَدائق

وَفيهِ لإحياء الفُنون مَعالم

وَفيهِ دُروب تَنتَهي بمنازل

بِها للقرى يَسعى نَزيل وَقادم

وَهَيهات يُحصي بَعض ما فيهِ ناثر

وَيحصره بِالعدّ في النَظم ناظم

وَفي الجيزة الغرّا أَجلّ سراية

بِهِ للملا في كل وَقت وَلائم

وَمَيدانها الأَسنى وَقَد فاقَ بِالرضا

تشير إِلَيهِ بِالبَنان الرَواسم

وَرَوض سرايات الجَزيرة لَم يَزَل

بِأَبدع ما قَد شيدته الخَضارم

وَكُل مَكان في فَضاه عمارة

تسيل بمصر مِن سَماها الغَمائم

وَأَما أَخاديد الحَديد فَإِنَّها

قَد اِنتَشرت في القطر مِنها مَغانم

وَراجَت بِها بَعد الكَساد تجارةٌ

لَها اليُمنُ في ظل الأمان مسالم

وَقَد غرست في جانبيها بحكمة

لتوصيل أَخبار البَرايا قَوائم

وَأَما أَراضي مصر فهي جَميعها

لَها الخصب في هَذا الزَمان مُلازم

وَفيها مِن الخلجان تجري جَداول

وَتَنساب في الوديان مِنها أَراقم

وَفي مدّة التحريق من كل آلة

بخارية بالماء يصلح عادم

وَمِن دونها للحفظ في كل بقعة

جسور لتيار المياه تقاوم

وَفَوق المَجاري وَالمَساقي قَناطر

عَلى سطحها الأَعلى تجوز العَوالم

وَأَبوابها في الري تفتح تارة

وَتغلق طوراً إِن تراكم عارم

وعندَ انصراف الماء تنمو ببهجة

زروع عَلَيها لِلفَلاح مَراسم

وَيَجتمع المَحصول جَمع سلامة

وَتنهلّ في الأَمصار مِنهُ سَواجم

وَأَما مَنيعات الحُصون فقد غَدَت

مَدافعُها للراسيات تصادم

وَفي كامل الأَسوار مِنها مَزاغل

صَواعقها للمفسدين رَواجم

وَفيها رِجال كَالجِبال وَحَولَها

ليوثٌ وَمِن خَلف الليوث قَشاعم

وَأَما دواوين العَزيز فَإِنَّها

قد ارتفعت للعدل فيها دَعائم

فمن أمّ ديوان المعية راجياً

رَفاهيةً فاضَت عَلَيهِ المَكارم

وَقوبل مِنهُ في رياض نضيرة

بوافر خير بحرُه مُتلاطم

لما أنه في دَولة المَجد وَحده

عَلى كُل ديوان رَئيس وَحاكم

وَقَد أَذعَنَت للداخلية وَاِهتَدَت

بإرشادها أَعرابها وَالأَعاجم

وَعقلُ شَريفٍ وَهوَ نُورُ سَمائِها

لِأَحكامها مِن غَيهَب الوَهم عاصم

وَفي نَفس ديوان الجِهاد صَرامة

تؤيدها عِندَ الخطوب الصَوارم

وَصَولة أَبطال الجيوش شَديدة

عَلى مَن تصدّى لِلوَغى وَهوَ ظالم

وَشاهينها في البر وَالبَحر دائِماً

عَلى هامة الأَعداء بِالحَتف حائم

وَكل لديوان الخَزينة شاكر

عَلى صَرفه الأَموال فيما يُلائم

وَقَد أَبرَز الصدّيق فيهِ مَهارة

بِها كُل قَلب في الحَقيقة هائم

وَإنشاء دِيوان المَدارس شاهد

عَلى أَن محيي دارس العلم حازم

وَأَن التَحلي بِالعُلوم فَضيلة

يَسود بِها منا نَبيل وَعالم

وَيبلغ شأو العز تَحت إِدارة

مُباركة مِنها تَزول الطَلاسم

وَيَنتَشر العرفان في مصر كُلِّها

وَيَهدم رُكن الجَهل بِالجَدّ هادم

وَترفل في بُرد المَعارف فَتيةٌ

بِتعليمها وَجه المَكاتب باسم

وَلا سِيَما في دَولة داورية

بِها غَيث إِسماعيلها مُتراكم

وَلا شك أَن الخارجية أَصبَحَت

بتدبيرها في سيرِها لا تخاصم

وَمِنها بحدّي ذي الفَقار مضارب

لظهر محامي كل باغ قَواصم

وَكم نجحت في نَظم أَبهى مَدينة

لِديوان أَشغال المباني عَزائم

وَكَم زادَ بِالأَوقاف نُور مَساجد

يصلِّي بِها ما شاء في اللَيل صائم

وَأَرزاق بَيت المال مدّت لقبضها

عَلى موجب الشَرع الشَريف مَعاصم

وَناهيك أَن الضبط يمضي بيقظة

عَلى اللَوم فيها لَيسَ يُحمَدُ لائم

وَفيهِ أَبو حفص لَهُ كسميِّه

مِن العَدل ما يُمحَى لَديهِ التفاقم

وَحكمة ترتيب المَجالس أَنَّها

تُرَدّ بِها للعالمين المَظالم

وَفي مَجلس الملك الخصوصي يَنتَهي

نجاز الَّذي ما أَنجزته المَحاكم

وَحسبُك تَشريفاً لَهُ أَن أَمره

لكل نزاع في المَصالح حاسم

وَأَن لَهُ مِن بَعض آراء راغبٍ

سيوفاً لَها في الصَعب لانت شكائم

وَفي الحَق بِالأحكام يصدع حافظٌ

مَتى اِختَصم الأخصام ثم تَحاكموا

وَعَن مَجلس النوّاب حدّث فإنه

مَنوط بِما فيهِ لمصر الغَنائم

وَأَفكارُ عَبد اللَه وَهوَ رَئيسه

عَلى رَوض تحسين البِلاد حَوائم

وَمصلحة التَفتيش وَهيَ جَسيمة

يحلّ بِها كُل المَشاكل راسم

وَدائرة الذات الخديوية اِجتَبى

لَها مِن أُولى الأَلباب وَالعَزم قاسم

وَدائرة الأَنجال قد قام صادق

بتدبيرها بَينَ الوَرى وَهوَ صارم

وَللكتب في دار الطِباعة رَونَق

بِتقليده في الخَط يَهتمُّ راقم

وَأَثنَت عَلى حسن اِستِقامة حالها

حُروف وَأَشكال حَوَتها ملازم

وَصحتها قامَت عَلَيها أَدلة

يعض عَليها بِالنَواجذ فاهم

وَأَثنى عَلى حسني بِها في سُلوكه

حجازٌ وَشام وَالعِراق وَدارم

وَلَو أَنَّني أَصبَحت كلي ألسناً

وَأَطلقتها في بَث ما هُوَ لازم

وَأَجريت في مضمار مدح أَبي الفِدا

سَوابق أَفراس لَهنّ قوادم

لقصرت عَن إحصاء بَعض مَناقب

بِها اشتهرت في الخافقين تراجم

فَيا ملكاً أَحيا مآثر والد

لَهُ اِعترفت بالامتياز الملاحم

وَسارَ عَلى منوال جدّ تناسلت

بمصر لَنا مِنهُ صدورٌ أَكارم

وَأَنشأ في يَومين ما عَنهُ أَحجمت

مُلوكُ زَمانٍ عَهدُهُ متقادم

وَشيد أَركان الوراثة فازدهت

بِذلك أَوطان وسرّت أَناسم

وَلم يَبقَ للتسخير في برّ مصره

وَجود وزالت قَبل ذاكَ المَغارم

تَفاخر بِملك أَنتَ إِنسان عَينه

بِدارٍ لَكَ التَوفيق فيها منادم

وعش مَع بَنيك الأَكرمين مؤيداً

بِنصرٍ عَزيزٍ أَنفُ شانيه راغم

فإِن الَّذي أَبدعته في هنيهة

عَلَيهِ يَسير ضعف ما عاشَ آدم

وَتاللّه لَولا أَنَّني قَد رَأيته

وَإِني ليقظان وَما أَنا نائم

لَكنت مع التقصير في وصف شطره

كَأَني لَدى مَن لَم يَعاينه حالم

وَلولاك ما نالَ الأَمانيّ مَوطن

لَهُ مِنكَ صَدرٌ خالص الودّ راحم

وَلا رفعت لَولاك راية نصره

وَلا دفعت عَن ساكنيه العَظائم

وَأَنتَ لَهُ نعم المَليك الَّذي بِهِ

سَما مُنذ ميطت عَن علاك التَمائم

وفي الحلم والإقدام دونك أَحنَفٌ

وَعمرو وفى الإنفاق دونك حاتم

وَأَنتَ الإِمام العَدل وَالراشد الَّذي

لَهُ تسجد التيجان ثم العَمائم

وَأَنتَ الَّذي في مدح عَلياك قد صفَت

مبادى دَواوين الثَنا وَالخَواتم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صالح مجدي بك

avatar

صالح مجدي بك حساب موثق

مصر

poet-Salah-Magdy@

698

قصيدة

1

الاقتباسات

338

متابعين

محمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن الشريف مجد الدين. باحث، مترجم، له شعر، من أهل مصر، أصله من مكة، انتقل جده الأعلى الشريف مجد ...

المزيد عن صالح مجدي بك

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة