الديوان » مصر » صالح مجدي بك » نظر الزمان بمقلة عمياء

عدد الابيات : 104

طباعة

نَظَر الزَمان بِمقلةٍ عَمياءِ

لابن اللئيمة مَيّت الأَحياءِ

الأَبكم المَعروف أَخبَث مَن مَشى

في الناس مُختالاً عَلى الغَبراء

بَيت الضَلال أَخو الخيانة وَالخَنى

ركن الفَساد وَنكبة الفُقراء

حبّ الدَراهم دينُهُ فصلاته

لِبَقائها في صبحه وَمَساء

ضحكت لَهُ الدُنيا فَزادَ سُرورُه

وَلَسوفَ يَبكي مِن أَليم عَناء

وَعَلى يَديه يَعضُّ مِن أَسَفٍ عَلى

غَدر اللَيالي بَعد حُسن وَفاء

فَأَقول عِندَ مَصابه أَو ما تَعي

يا غرّ مَعنى جاءَ في السَفهاء

حَتّى إِذا فَرِحوا بِما أُوتوا ضَحىً

أُخِذوا بِلَيلٍ حالك الظَلماء

يا ابن الغَبية كَم ركضتَ حَماقةً

أَفراسَ جَهلك في رُبى البَغضاء

وَسَعيت في كسب المَعالي بِالأَذى

فَجسرتَ حَيث وَقعت في الضَرّاء

هَذا مِن الدُنيا نَصيبك فَاِنتَظر

يَوم القِيامة صَفقة البُخَلاء

وَاِعلَم بِأَن اللَه لَيسَ بِغافل

عَن قَطع دابر آثمٍ وَمُرائي

لِلخَير مَناع عُتُلٌّ معتدٍ

بِنميمة بَينَ الوَرى مَشّاء

بِالغَيظ مُت كَمداً فَقَد نَزَل القَضا

وَالسَعي ضلّ وَخابَ كُل رَجاء

وَلَنا اِستَجاب اللَه فيك دُعاءَنا

بِالشرّ إذ هو أَرحم الرُحَماء

طَردوك عَن باب الرِياسة عِندَما

عَلِموا بِأَنك سَيّئ الآراء

هَيهات تَظفر بِالمُنى بَينَ الوَرى

بِتَقلُّبٍ كَتَقلُّب الحرباء

فَاِخلَع لِباس العلم عَنكَ بِدَولة

شَهدت بِأَنك أَجهَلُ الجُهَلاء

وَاندب زَماناً كُنتَ فيهِ مُوارياً

لِغباوة بِمَلابس حَسناء

مِن أَين للتَرتيب فيكَ لياقة

وَعَليكَ تَعجم سائر الأَشياء

كَم تَدعي لا كُنت أَنكَ فاضل

وَالحَق جاءَ وَزَالَ كُل خَفاء

وَغَدَوت عندَ الامتحان كَباقلٍ

عَرقت جَبينك في نَهار شِتاء

وَصرفت عمرك في الفضول سَفاهة

وَزَعمت أَنكَ فزت بِالعَلياء

وَنسبت نفسك لِلمَعارف باطِلاً

وَجَعلت عَينك عِندَنا كَذَكاء

وَلَبثت في دار العُلوم فَلَم تَكُن

تَدري بِها شيأً سِوى الأَسماء

ما الفَخر في كسب النَوال وَسَلبه

ظلماً مِن العافين وَالضُعَفاء

وَالكدّ في تَكثيره ومآله

لمخنث وَسقيمة عَوراء

وَالزُهد في فَرض الصِيام لريبة

في الدين من جَهل بِلا إِغراء

وَالقَدح في الرسل الكِرام وَصحبهم

أَهل الوَفاء السادة الحُنَفاء

وَالمَيل عَن سِنَن الصلاة وَفَرضها

وَالحَج عِندَ تَطوّع برضاء

والجدّ في ذم الزَكاة وقبحها

مِن خَوف فَقر عاجل وَبَلاء

وَالكَف عَن غَسل الجَنابة حَسبما

هُوَ واجبٌ شَرعاً بِغَير مراء

وَإضافة التَكوين وَهيَ ضَلالة

لِلدَهر مِن فهم أَسير غَباء

وَالكفر بِالرَحمن جَل جَلاله

وَجَحود ما أَسداه مِن نَعماء

ثَكَلتك أُمك إِنَّما فَخر الفَتى

بِإِغاثة المَلهوف عِند نداء

وَالبر يا أَعمى بِوالدك الشَقي

مَع أَنَّهُ مِن ألأم اللؤماء

وَبأمك المشؤومة الوَجه الَّتي

عُرفت بأَم الألكن الزلاء

وَبعمةٍ لك أَصبحت مَشهورة

بَينَ النِسا بِالمرأة الفَدعاء

وَشَقيقة تُمسي وَتُصبح في الشِتا

تَحتَ النَدى وَالطل وَالأَنواء

وَطفيلة تَبكي بِدَمع هاطل

فَوقَ الخُدود لِقَطع حَبل غِذاء

وَالسَعي في طَلَب الرَضا مِن خالق

غَمر الوَرى بِسَحائب الآلاء

وَرِجا شَفاعة أَحمدٍ كنزُ العَطا

مفني جَميع الشرك بِالتَقواء

وَالأَمر بِالمَعروف لا بتكبر

وَالنَهي عَن نُكر وَفعل زِناء

وَالعَدل بَين الأَهل والرحم الَّذي

أَوصى بِهِ المُختار في الأَنباء

وَالبُعد عَن مال اليَتيم وَأَكله

بِالزور مِن شَرِهٍ عَديم دَواء

وَبعفة وَأَمانة وَصَداقة

مَمزوجة بِتَواضع وَحَياء

وَصِيانة لِلنَفس عَن شَهواتها

وَجُموحها أَبداً عن الصَهباء

وَتَجنب عَن ميسر عَنه نَهى

وَتَباعدٍ عَن سائر الأَهواء

وَشَهادة بِالحَق تَنفع يَوم لا

وَلدٌ يَجود لِوالد بِفداء

وَتَفقه في الدين يُنجي في غد

مِما يمزق كامل الأَعضاء

وَتجمل بِالمكرمات وَبِالنَدى

وَمَحبة للجار وَالنُزَلاء

وَوَفا بِعَهد للإله وَخلقه

وَنَجاز وَعَدهم بِلا إِغضاء

وَعِيادة المَرضى بِحسن تَودّد

وَتَردّد مِن ضَحوة لِعشاء

وَالمَشي خَلف جَنازة بِتَطوّع

لا من مُلامة لائم هجّاء

وَعَداوةٍ لِلملحدين وَنصرة

بِمهند للدين عِندَ لِقاء

هَذا هُوَ الأَمر الَّذي ما عابه

أَحد مِن الأَحبار وَالفُقَهاء

فَاِنظر إِلى مرآة شِعرٍ رائق

ما نالَها شَيء مِن الأَصداء

كَيما بِها تَلقى أَمامك سحنة

بِالمَسخ قَد كسيت وَبِالأقذاء

وَاحلف بِانك تَنتَهي عَن فتنة

وَدَناءة مَنقولة عَن رائي

وَعَساك تَحنث في اليَمين فَإِنني

لَكَ آفة في سائر الأَنحاء

فَأريك أَبياتاً يَشيب لَهولِها

رَأس الوَليد بَليلة شَهباء

وَأَقول مِن شغف بذمك وَالهِجا

مت يا جَهول مَخافة الرقباء

وَاِقطَع رَجاك مِن الرِياسة وَاِنتَحب

لِنفورها يا أَخبث الخُبَثاء

كُشف الغِطاء عَن الحَقيقة فَاقتصر

وَاِسمَع نَصيحة ناصحٍ بِصَفاء

عش بِالصَداقة بَينَ أَرباب الحجا

وَدَع النَميمة في حمى الأَمراء

وَالبس ثِياب تَواضع وَتَخضُّعٍ

وَأَمط قِناع الكبر كَالعقلاء

وَاشكر صَنيعة محسن متفضل

أَولاك كُل الخَير في السَرّاء

وَاِطلُب رضا هَذا الأَمير وَعَفوه

فَهُوَ الجَدير لَدى الوَرى بِثَناء

هَل كانَ عِندَك يَستَحق بِسَعيه

ما كانَ مِن بُغض وَفَرط جَفاء

وَاِنزَع جَلابيب التَمَلُّق إِنَّها

مَقرونة بِتذلل وَشَقاء

وَصل الأَقارب يا سَفيه فَرُبَّما

وَاساك عاجزهم ببعض دُعاء

وَاِقطَع حِبال البخل وَاِنقض عَهده

فَالبُخل في الإِنسان أَقبَح داء

وَاحلل رِباط الحقد وَالشَرهِ الَّذي

عقدوا له في القَدح كُلَّ لِواء

وَاطو السجل لغيّ نَفسك وَاستقم

وَاِنشُر شِراع قراك كَالكرماء

فَلَئن هُديت وَلم تُخالف ناصِحاً

أَصبَحت في أَمن وَفَرط هَناء

وَلَئن عَكَفت عَلى مَساويك الَّتي

شهرت لَدى القطان وَالغرباء

وَجَعلت نَفسك لِلهَوان قَرينة

مِن أَجل مال قابل لِفَناء

فاحسد يَتيمة فكرة عَربية

نَطقت بِما أَربى عَلى الجَوزاء

فَلَكَم تَعاديني وَأصرف هِمَتي

عَنكَ اِحتِقاراً لا لِخَوف جَزاء

وَلَكَم أَغضُّ الطَرف عَنكَ سَماحة

مِني فَما تَزداد غَير تَنائي

حَتّى بَدا لي أَن ذمك واجب

في مَذهب السادات وَالفضلاء

فَاِغضَب إِذا ما شئت وَاعتزل الرضا

لُؤماً فَإني أَكرم الأَكفاء

وَاِطلق عَنانك في مَيادين الأَسى

وَاحمل عَليّ بِسائر الخُصماء

وَارم النِبال إِلى مقاتل ضَيغم

لَم يَكتَرث بِالصَعدة السَمراء

وَامكُر وخن وَاغدر وبارز إن تَكن

يَوم الكَريهة فارس الهَيجاء

وَاِنطق بِحَرف واحد في مَحفل

كَيما تعدّ به مِن الفَصحاء

وَاِفَهم حَقيقة ما يقال بمجلس

إِن كُنت مَعدوداً مِن النَبهاء

وَاِقدَح زِناد الرَأي إِن كُنتَ امرأً

بِالحَزم مَعروفاً لَدى الحُكَماء

وَاضرب خِيام النُصح في أَرض النُهى

إِن كُنت في مَصر مِن النُصَحاء

وَاهزم جُيوش الجَهل إِن كُنت الَّذي

لِلعلم في الدُنيا مِن الحُلَفاء

وَاِشرَح لَنا أَعمال غش لَم تَزَل

متردّيا مِنها بشرّ رِداء

وَاِحفَظ مَع الأَطفال لَوحَك وَاِمتثل

أَمر المؤدّب وَيك وَالعرفاء

وَاعرف مَقامك في دِيار لَم تَكُن

فيها سِوى كالظلمة السَوداء

وَاِنزل بِساحة فتية عَربية

عَرَفوا مَدى الأَزمان بِالنَجباء

ما فيهم عَيب سِوى عرفانهم

وَدُخولهم في زُمرة البُلَغاء

وَرُكوبهم مَتن العُلا بِمَعارف

مَصرية جلّت عَن الاحصاء

أَولا فَدَعني يا غَبيّ كَما تَرى

أَصميك من نَظمي بِسَهم هِجاء

وَاصلح قَفاك لِسَوط كُلِّ مَذَلة

حَتّى تَموت بغصة الحرصاء

وَسأَقتفيك بِمجملٍ وَمفصَّلٍ

لِتذوق طَعم مَرارة الإِنشاء

وَعَليك إن جَعَلوه وَقفاً جاءهم

بِالصدق تَوقيعٌ مِن العُلَماء

فاصبر عَلى هَجو يَلوح كَأَنَّهُ

بَدر نَمَت أَنواره بِسَماء

وَاحذر عَداوة مَعشر زُمر الهَوى

تَخشاهم في ظُلمة وَضِياء

فهم البَديع مَع البَيان وَنطقهم

بالشعر أَخرس ناطق الغرماء

وَاخسأ فَقَد أَنشدت فيكَ مؤرّخا

يا ألكناً أَنا أَرشد الشُعَراء

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صالح مجدي بك

avatar

صالح مجدي بك حساب موثق

مصر

poet-Salah-Magdy@

698

قصيدة

1

الاقتباسات

338

متابعين

محمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن الشريف مجد الدين. باحث، مترجم، له شعر، من أهل مصر، أصله من مكة، انتقل جده الأعلى الشريف مجد ...

المزيد عن صالح مجدي بك

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة