الديوان » العصر العباسي » أبو حية النميري » سل الأطلال بين براق سلي

عدد الابيات : 71

طباعة

سَلِ الأطلالَ بينَ براقِ سَلِّي

وبينَ العُفْرِ من جرَعِ الرَّغامِ

وما أبقى الراومِسُ كلَّ قَيظٍ

ولا المُتَهَدِّجاتِ منَ الغَمامِ

ولا مُعْرَوْرِفٌ نشطَتْ جَنوبٌ

بهِ هوجاءُ من بلدٍ تَهامِ

منَ العرَصاتِ غيرَ مَخَدِّ نُؤْيٍ

كباقي الوحي خُطَّ على إمامِ

وغيرِ خوالدٍ لُوِّحْنَ حتى

بهنَّ علامةٌ ليستْ بشامِ

كأنَّ بها حماماتٍ ثلاثاً

مثَلْنَ ولم يطِرْنَ معَ الحمامِ

بها ارْفَضَّتْ مَساربُ مُقلتَيْهِ

كما ارفضَّ الفريدُ منَ النظامِ

جزى اللهُ الغوانيَ يومَ قَوٍّ

ويومَ لقِيتُهنَّ بذي سَلامِ

بما أخلَفْنَني وطَلَلْنَ دَيني

جزاءَ المجرمينَ منَ الأنامِ

إذا رَيَّشْنَ أعيُنُهنَّ يوماً

فلمْ يوجدْ كإحداهُنَّ رامِ

أردْنَ عشيّةَ الشَّرْوَيْنِ قتلي

ولمْ يَرْجَبْنَ سفكَ دمٍ حرامِ

وقُلنَ لطفلةٍ منهنَّ ليستْ

بمِتفالٍ ولا هَمَشى الكلامِ

يجُولُ وِشاحُها قلقاً عليها

تَلُوثُ المِرْطَ فوقَ نَقاً رُكامِ

تَهادى ثمَّ يبهَرُها رديفٌ

رَبا بتثاقُلِ القصبِ الفِخامِ

كأنَّ الشمسَ سُنَّتُها إذا ما

حلَفْنَ لتُسفِرَنَّ منَ اللِّثامِ

أزيدي قتلَهُ فرمَتْ فؤادي

بنَبلٍ غيرِ شاهدةِ الكِلامِ

وما اللائي عَقيلَتُهنَّ ريّا

بعَشّاتِ العِظامِ ولا دِمامِ

نُظورةُ نِسوةٍ مُتعالِماتٍ

يزِدْنَ على المَلاحةِ والوَسامِ

أُلاكَ القاتلاتُ بغيرِ جُرمٍ

وما يقتلْنَ غيرَ فتىً حُسامِ

وقالَ ببطنِ عاجنةٍ رفيقي

وعيناهُ بأربعةٍ سِجامِ

رأى المَوماةَ تَذرَعُها المَهارى

بهِ والسِّفْرَ منقطعَ الخِطامِ

وقد قلقتْ سَفائفُ مُدْرَجاتٌ

كأنَّ جُرومَها أرْماثُ قامِ

أجِدَّكَ ما تذكّرُ بردَ خيمٍ

بأبطحَ مُسْهِلٍ كِفَفَ الشُّمامِ

ولا البقرُ الذي قُصرتْ عليهِ

حِجالُ الأرمنيّةِ في الخيامِ

لهنَّ منَ الأراكِ مُضرّجاتٌ

ومما اختزْنَ من قُضُبِ البَشامِ

يمْحِنَ بهِ ذُرى برَدٍ تداعى

بهِ المتَهلِّلات منَ الغمامِ

عشيّةَ صيِّفٍ وتَضمَّنتْهُ

رِهاءٌ من عَمايةَ أو حوامي

فذكَرَني لياليَ صالحاتٍ

فأعْداني بنُصْبٍ واحتِمامِ

فقلتُ لهُ تعزَّ فليسَ هذا

بحينِ صبابةٍ للمُستهامِ

فلا تجزعْ لعلّكَ بعدَ شَحطٍ

تُلِمُّ ولوْ يئستَ من اللِّمامِ

فلستَ وإنْ بكيتَ أشدَّ وجْداً

ولكنّي امرؤٌ ثقتي أمامي

فقالَ عصيتَني ولرُبَّ ناهٍ

عصيتُ ومَهْمهٍ حرَجِ القَتامِ

كأنَّ جبالَهُ والآلُ يطفو

على أطرافِها قزَعُ الجَهامِ

كأنَّ الآبداتِ الرُّبْدِ فيهِ

أُلاتُ الوحفِ من حِزَقِ النِّعامِ

سرحْنَ لبلدةٍ فرفضْنَ منها

مَرابعُهنَّ منْ زمَعِ الكِلامِ

قوالسُ عُنصُلٍ أو طلْعُ شَرْيٍ

بمأتى كلِّ مندفِعٍ نُعامِ

عُناةٌ يبتغونَ جنىً عليهمْ

بِرادٌ من قبائلِ آلِ حامِ

يلوحُ بها المذَلَّقُ مِذْرَياهُ

خروجَ النجمِ من صلَعِ الغِيامِ

كأنَّ شوي يدَيهِ جرى عليها

نَؤورُ مُشِيطةٍ إحدى جُذامِ

قطعتُ بذاتِ ألواحٍ تَرامى

بَزَوْلٍ لا ألفَّ ولا كَهامِ

وشُعثٍ أدلجوا وغدَوا وراحوا

على عيسٍ مَناسمُها دَوامي

نَجائبَ من نِجارِ بناتِ رُهْمٍ

كأنَّ رجالُهنَّ على نَعامِ

ترى الوهمَ الجُلالَ كأنَّ قاراً

تحدَّرَ من نوابعِهِ الهوامي

إذا ما شدَّ أحبُلَهُ عليهِ

تجافى حالباهُ عنِ الحِزامِ

كأنَّ الرحْلَ أشرفَ من قَراهُ

قرا ذاتِ الوعولِ من الرِّجامِ

وليسَ إذا تُعُرِّمتِ المطايا

بمنكودٍ ولا مَلِقِ العَرامِ

كأنَّ هديرَ أعْيَسَ في مخاضٍ

وحُولٍ بالمرافضِ من رؤامِ

تَجرَّمَ قيظُهُ وجرَتْ عليهِ

رياحُ البردِ طيّبةَ النِّسامِ

تَغمغُمُهُ إذا المُبْراةُ منهُ

لوَتْها العُروتانِ منَ الزِّمامِ

وتحملُني مُوثّقةٌ أمُونٌ

تُكلِّفُني الهمومَ إلى الهُمامِ

تَزِيفُ إذا المطايا واهفَتْها

كما زافَ المُسَدَّمَ ذو الحِجامِ

إذا ارفضَّتْ صوائلُ أخدعَيْها

وساقَطَ سَعمُها خبَطَ اللُّغامِ

وسافَهَتِ الزِّمامَ ولاعبَتْهُ

بأتلعَ مثل آسيَةِ الرخامِ

رأيتَ تدوَّؤاً من ذاتِ لَوثٍ

لَحيبِ الصُّلبِ واريَةَ السنامِ

كأنَّ قرونَ أوعالٍ مَذاكٍ

منَ الفُدْرِ العواقلِ في شَمامِ

نَطحْنَ مَحالَها من جانبَيْهِ

شِدادَ الأسرِ في طبقٍ لُؤامِ

تراها بعدَما قلقتْ قُواها

كُلوءَ العينِ ريِّحةَ البُغامِ

تزورُ المُصطفى عمروَ بن كعبٍ

تزورُ أغرَّ مرتفعَ المقامِ

إليهِ دؤوبُها وإذا أتتْهُ

أتتْ بالشامِ خيرَ فتىً شآمِ

أتتْ مُتطَلِّقاً كِلتا يدَيهِ

ربيعٌ مُمْرِعٌ غَدِقُ الرِّهامِ

معاويّاً منَ الأثرَيْنِ تنمي

إلى عاديّةِ الحِسَبِ التِّمامِ

فتىً لا يمنعُ المعروفَ منهُ

تَبسُّلُ شَتوَةٍ ومحِلُّ عامِ

وما مَدُّ الفراتِ إذا تسامى

بموجٍ ذي قَصيفٍ والتِطامِ

بأغزرَ منكَ نافلةً إذا ما

تحادبَ ظهْرَ جارفةٍ أُزامِ

ولا وردٌ بلحظةَ أو بتَرْجٍ

منَ المُتوهِّساتِ دُجى الظلامِ

حمى أجَماتِهِ فتُركْنَ قفراً

وأحمى ما أحالَ على الإجامِ

تطايرَ من يليهِ ومن يليها

تَطايُرَهمْ من اللَّجبِ اللُّهامِ

وما ينفكُّ يسحبُ كلَّ يومٍ

قتيلاً من رجالٍ أو سَوامِ

كأنَّ أسنّةً ذُلقتْ فلمّا

تلمَّظ كلُّ مُلتهبٍ هُذامِ

عطفْنَ خوارجاً من أهرَتَيْهِ

محيطاتٍ بمَنخرِهِ الضُّخامِ

بأنجدَ سَورةً من كلِّ يومٍ

كأنَّ أجيجَهُ سَنَنُ الضِّرامِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو حية النميري

avatar

أبو حية النميري حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Hayya-al-Numeiri@

78

قصيدة

60

متابعين

الهيثم بن الربيع بن زرارة، من بني نمير بن عامر، أبو حية. شاعر مجيد، فصيح راجز، من أهل البصرة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مدح خلفاء عصره فيهما. قيل في ...

المزيد عن أبو حية النميري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة