الديوان » العصر العباسي » أبو حية النميري » ألا حي أطلالا بهن دثور

عدد الابيات : 68

طباعة

ألا حَيِّ أطلالاً بهنَّ دُثورُ

كأنَّ بقايا عهدِهنَّ سطورُ

مِدادُ يهوديَّيْنِ مَجْمَجهُ البِلى

وفي الوحيَ من آيِ الكتابِ زَبورُ

ديارُ التي قالتْ لوَ انكَّ زُرتَنا

وُصِلتَ ولكنْ لا نراكَ تزورُ

فقلتُ عداني أنَّ أهلَكِ ظَنَّةٌ

عليَّ وأنّي قد علمْتُ شهيرُ

صددْتِ ولَجَّ الهجرُ منكِ وإنّني

لمثلِكِ عن غيرِ القِلى لهَجورُ

أعَرْتُكِ وُدِّي أمَّ عثمانَ فارجِعي

ودائعَ لم يبخلْ بهنَّ مُعيرُ

حياءٌ نهى عمّا عهدْتِ منَ الصِّبا

ويأساً ومَثْلي بالحياءِ جديرُ

ألا حبّذا الماءُ الذي قابلَ النَّقا

ومُرتَبَعٌ من أهلِنا ومصيرُ

وأيامُنا عامَ الخبِيَّيْنِ إنّني

لهنَّ على العهدِ القديمِ ذَكورُ

إذِ الرأسُ أحوى حالِكُ اللونِ يرتدي

جناحَيْهِ إذْ غصنُ الشبابِ نَضيرُ

وقدْ كانَ لي إذ ذاكَ منهنَّ مجلِسٌ

قريبٌ ومنْ أسرارِهنَّ ضميرُ

فأعرضْنَ إعراضاً هوَ الصُّرْمُ عَينُهُ

كأنْ لم يكنْ لي عندَهنَّ نَقيرُ

ألا طرقَتْنا أمُّ عثمانَ ليلةً

مِدرى وقدْ كادَ السِّماكُ يَغورُ

ألمَّتْ بنَشوانَيْ كرىً صرعْتُهما

بإحدى الفيافي غَرْبةٌ وفُتورُ

بعيدَيْنِ من مَهواهُما أدركَتهما

وفاةٌ لها تَحليلةٌ فَنُشورُ

أناخا ولا الأرضُ التي يطلبانِها

قريبٌ ولا ليلُ التِّمامِ قصيرُ

فقلتُ لها حُيِّيتِ من زائرٍ طوى

مفاوزَ لا يُزجى بهنَّ حَسيرُ

وما خِلتُها كانتْ رَؤُوداً ولا سرَتْ

إلى الركْبِ مِيلافُ الحِجالِ خَدورُ

أتتْكَ بها تَهويمةٌ غمَّضتْ بها

معَ الصبحِ عينٌ لا تنامُ سَهورُ

وما أنتَ أمْ ما أمُّ عثمانَ بعدَما

حبا لكَ من رملِ الغناءِ حَدورُ

عراقيّةٌ لمْ تبدُ يوماً ولم تكنْ

شَطيرَ النَّوى لكنْ نَواكَ شَطيرُ

نَؤومُ الضحى لم نأْوِ إلاّ وتحتَها

قَباطِيُّ ريشٍ تحتَهنَّ سريرُ

وبِتنا كأنّنا بَيَّتَتْنا لَطيمةٌ

أتتْنا بها من سوقِ أبْيَنَ عِيرُ

شَراها بما اقتالوا شَمومٌ لمثلِها

بشُمّاتِهِ الرِّبْحُ العظيمُ بصيرُ

ولمّا احتواها إحتواها غنيمةً

مُخاطرُ أرباحِ الألوفِ جَسورُ

تمطَّتْ بهِ غُلْبٌ كأنَّ قُفِيَّها

بهنَّ وأقْراءُ الأخادعِ قِيرُ

ولمّا أنيختْ بعدَما آبَ قبلَها

ليومَيْنِ بالغُنْمِ العظيمِ يُشيرُ

تحكَّمَ فيها بالعراقِ كأنّهُ

على الناسِ طُرّاً بالعراقِ أميرُ

وقيلَ هنيئاً ما رُزقتَ فإنّهُ

على اللهِ رزّاقِ العبادِ يسيرُ

وما أطلقَ الأعباءَ حتى تضوَّعتْ

بها سِكَكٌ ممّا لديهِ ودُورُ

وتِيهٍ تخطّتْها صُحبَتي

نواهزُ في أعناقِهنَّ نُذورُ

رِكابُ نوىً أسآرُ هَمٍّ كأنّها

جَوازٍ منَ الشِّيزى لهنَّ صَريرُ

طوَتْهُنَّ والبِيدَ الليالي فقدْ ذوتْ

بطونٌ لها مُقورَّةٌ وظهورُ

وجُرِّدنَ واسْمَهْرَرْنَ حتى كأنّها

قَناً طارَ عنها باليدَيْنِ شَكيرُ

وبينَ القُوى والرحْلِ منهنَّ وهْمةٌ

بها وهْيَ حرفٌ جُرأةٌ وضريرُ

تَغالى بها فُتْلٌ مَطاويحٌ ينتحي

بهنَّ حِذاءٌ بالفلاةِ جَميرُ

وأتْلَعُ نَهّاضٌ أَنِيفٌ يقودُهُ

مُلَملم جُلمودِ الدماغِ ذَكيرُ

تراها إذا لجَّتْ وقُدّامَ عينِها

خِشاشٌ وفوقَ الناظرَيْنِ حَريرُ

وفي الحلْقةِ الصُّفْرِ التي خُشمتْ بها

مُطيرٌ لشَغْبِ الأخدعَيْنِ قَهورُ

كذي رُمَلٍ فرْدٍ رمتْهُ عشيّةٌ

لها سبَلٌ مُستقبِلٌ وصَبيرُ

بأسحمَ نثّارٍ أجشَّ جرتْ لهُ

صَباً رادَةٌ لم تجرِ فيهِ دَبورُ

إلى دفءِ أرطاةٍ إلى جَنبِ عجْمةٍ

بها الشاةُ مَحبورُ المكانِ غَريرُ

لها واكفٌ يجري عليها كأنّهُ

حصىً شِيفَ خانتْهُ السلوكُ قَشيرُ

فلمّا انجلَتْ عنهُ غياطلُ ليلةٍ

منَ الدَّجنِ فيها حَثّةٌ وفُتورُ

غدا غدَوِيٌّ فوقَ عينَيْهِ شِكّةٌ

كِلا مِغولَيْهِ اللَّهْذَمَيْنِ ضريرُ

منَ العينِ تدعوهُ الرياحُ كأنّهُ

فَتيقٌ بهِ مما ألمَّ فُدورُ

وغاداهُ من جِلاّنَ ذئبُ مجاعةٍ

شقيٌّ بهِ ضارورةٌ وفُقورُ

لهُ طلّةٌ شابَتْ وما مس جيبَها

ولا راحتَيْها الشَّثْنَتَيْنِ عبيرُ

لَدُنْ فُطمتْ حتى علا كلَّ مَفرِقٍ

لها من سِنِيها الأربعينَ قَتيرُ

كأنَّ ذراعَيْها وظِيفا نعامةٍ

ووجهٌ لها لا ماءَ فيهِ نَكيرُ

ولَحْيانِ لا ينفكُّ في ناجِذَيْهِما

أنِيضٌ شَوتْهُ شهوةً وقديرُ

إذا غابَ أو لم يغْدُ يوماً فإنّها

بكلبَيْهِ مِغباشُ الغُدوِّ بَكورُ

ولمّا انجلى قبلَ الغُطاطِ انبرَتْ لهُ

مَراريخُ في أعناقِهنَّ سُيورُ

فلمّا رأى ذاكَ الشقيُّ الذي غدا

بغُضْفٍ لهُ زُرقٌ لهنَّ جَفيرُ

هِجاناً رأى منهُ على الشمسِ نُقْبةً

تكادُ وإنْ جَنَّ الظلامُ تُنيرُ

وقاهُ بأمثالِ المَغالي كأنّها

بأجنحةٍ فيها إليهِ تطيرُ

جلا عن مآقيها وعن حَجَباتِها

خراطيمُ فيها دِقّةٌ وخصورُ

فدَأَبْنَهُ مِيلَيْنِ ثمَّ نزعْنَهُ

إليهنَّ إذْ شُؤبوبهنَّ مَطيرُ

ليأخذْنَهُ أخذاً عنيفاً وأخْذُهُ

عليهنَّ إلاّ أن يحينَ عسيرُ

إذا كُنَّ جَنبَيْهِ وكنَّ أمامَهُ

ودُرْنَ بهِ لمْ يعيَ كيفَ يدورُ

يكُرُّ فيحمي عورةً لا يُضِيعُها

وذو النجدةِ الحامي الكريم كَرورُ

يُخرِّقُ في آباطِهنَّ بلَهذمٍ

يَطِرُّ إذا أمكَنَّهُ فيَغورُ

وبالكُرهِ ما يحنو لهنَّ وإنّهُ

لمُستهزَمٌ لو يستطيعُ فَرورُ

لهُ في خَبارِ الهُبْرِ وثْبٌ إذا أتى

عليهِ ونقْعٌ بالرَّقاقِ ذَميرُ

فتلكَ التي شبَّهتُ ذاكَ وقد جرتْ

على سررٍ هِيفٍ لهنَّ ضُفورُ

نجاةٌ برى عنها عتيقٌ أثارَهُ

سُرىً ورواحٌ مُغبِطٌ وبُكورُ

وأبلحَ عاتٍ لا يؤدّي أمانةً

عليهِ ولاقاهُ عليهِ أميرُ

أقمتُ الصَّغا وأخدعَيْهِ بضربةٍ

لها تحتَ بينِ المنكِبَيْنِ هديرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو حية النميري

avatar

أبو حية النميري حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Hayya-al-Numeiri@

78

قصيدة

60

متابعين

الهيثم بن الربيع بن زرارة، من بني نمير بن عامر، أبو حية. شاعر مجيد، فصيح راجز، من أهل البصرة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مدح خلفاء عصره فيهما. قيل في ...

المزيد عن أبو حية النميري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة