.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِنْ وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ.. صَفَائِحَ فَوْقَ خَدَّيْهَا
ونَهَداها تُسَافِرُ دُون تذكرةٍ علَى المِيناءِ تَنْتَظِرُ
لِأَوَّل عابرٍ يَمْضِي لِيَقْطفها.
ويعبقُ رِيح نَشْوتِها ، وتسمعُها إذَا زَفرَتْ.
أضعتُكِ أَوَّل الرِّحْلَة، وَمِلءُ دَوَاخِلي أنتِ
ولَا كنتِ ، وجاعت عينُنا فَجْأَة… وتمتصُ المسَافَاتِ
طريقٌ جَاء يَجْمَعُهَا.. يُنقّط شَكْلَهَا الْأَوَّل.
.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِنْ وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ.. ولَا تَدْرِي،
أكَان الغَرْبُ
وجِهَتُهَا أَم الشَّرْق؟!.. أتَخْرجُ مِنْ صَحارِي الموْت؟!
أتسكنٌ ضفةَ النهرِ؟!..
.. وَتَجْلِسُ فِي انْتِظَارِ البُن..
مُوَشَّاةً لأسْفَلِهَا..
تُطارِدُها الرُؤُوسُ البِكْر.. تَنْهشها،
وتَقْرَأُ فِي التفاصيلِ سطُورَ النشْوَةِ الأُولَى .
ورَفَّتْ كُلَّمَا نَهَضَتْ تُضَيف البُـنَّ للسكّر
.. تُطارِدُها الرُؤُوسُ البِكْر..
لَا تصبِر ، وتبتسمُ..
.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِنْ..
وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ.. مُعْتّقَةٌ
تَصَدّع فِي أَتُون الشَّوْقِ قالبُها،
وأوسمةٌ عَلَى النَّهْدَيْنِ تَنْتَصِفُ
مُعَلَّقَةً.. بَقَايَا سِحْرِ مَنْظَرِها
أضاءَتْ ظُلْمَة الْأَعْين.
.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِنْ وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ..
تُجَاهَ الرَّمْل..
وبوصلةُ الملاَمحِ أَسْفَلَ الْعَيْنَيْن تختبِئُ
تَمَرَّغُ وَجْهَهَا بِالرَّمْلِ / صحراءٌ تَشِي بِهَا
.. ونَضَّتْ كُلّ أَلْوَانِه .
تدفّق صَوْتُهَا "النجديّ" عصيٌّ فِي مسامعنا.. وتَيَّاهٌ
تُبعْثِرهُ . . علَى الطُّرُقَاتِ ، وتنتظرُ
يَؤُوب لَهَا
صَدَى الشَّهَوَات . .
.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِنْ وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ.. هَزِيمُ الرَّعْدِ
تَسْمَعُه إذا قَالَتْ، ونكهة حَرفِهَا الرنانِ أَوْتَارٌ
فَتَحتارُ.. مُشَاغَبَةٌ هِي الْكَلِمَات . . مَيَّاسة . .
تَعَشَّش فِي الرُؤُوسِ البِكْر
تَهَويمًا فَتنطفِئُ . .
.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِن وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ.. ويَزْكُو فِي أَدِيم الشَّوْقِ
يلْتَهِبُ إذَا أفِلَت . . كَأنّ الحَرْبَ تَسْكُنُهَا فتسكُننا،
ويصَهَلُ خَيْلُهَا الْموْسُومُ بِالرَّغْبَةِ وحَمْحَمةٌ مَتَى ربَضَتْ
تَرَاوَغ
شهِيقًا يَرْفضُ الْهِجْرَة.
.. رمادية
يَشعُّ بِرِيقُهَا السَاكِنْ وَفِي عَيْنَيِن سَوْدَاوَيْن ينثالُ.
وهَذا الدِّفءُ يُرْعبني وممتدٌّ.. ونَصْحو آخَر السُّكْر
وقَدْ كُسِرَتْ كُؤُوس الْخَمْرِ وانْدَلَقَتْ
تغادرُنا ونسكنُها.
18
قصيدة