وكُنتُ صغيراً على بابِ حالى ،
وطوليَ قد كانَ دون خيالى ،
حنينى لم يُجْدنِى ذات يومٍ؛
ولا أسعفتني فيوضُ العبارة.
بيومٍ غريبٍ أبي جاءني ،
وقبَّلني ثُمَّ أرسَلَنى ،
إلى الفصلِ وحدي فما همَّني،
وجاء المُعلَّمُ قال اجلسوا ،
وأوصي بألاَّ نُشيع الإثارة.
من الأبِّ فَرَّت حُروفُ البداية ،
وفى الاُمِّ كانت عُشُوشُ الحكاية ،
وهذا وتلك وماذا وكيف؛
سطورُ خيالٍ بفهمِ الإشارة.
وجمعٌ وطرحٌ وتلك علامة ،
وجدولُ ضربٍ بدون ملامة ،
ونقسم حتى تحلَّ السلامة ،
وصِفرٌ صغيرٌ رَفَعْنا مقامة ،
وتلك النقوشُ أصول التجارة.
أعيدوا ورائى الذى قد أقول ،
مفاتيحُ قوْلٍ تُنيرُ العقول ،
فذاك الكتابُ وهذا الرسول؛
نبيُّ كريمٌ عظيمُ البِشارة.
وهذا حلالٌ وهذا حرام ،
وتبقى العقيدةٌ أُسَّ النظام ،
وربُّ العبادِ الكبيرِ السلام؛
نريدُ رضاه ونرجو وقاره.
وقالوا كلاماً كثيراً جميلا ،
إلى كم تكون المعاني دليلا ،
على ليلِ قومٍ نراهُ طويلا ،
يُعالِجُ فنَّاً وعِرقاً أصيلا؛
وهذا لعمْرى أساسُ الحضارة .
هى الأرض تبقي من العلمِ كوكب ،
تدور بشمسٍ وعقلىَ مُعجب ،
وأضربُ كفِّي كثيراً وأقلب؛
لما قد رأيتُ بحُسنِ العِمارة.
وفى جانبِ الأرضِ يجرى قمر ،
بكونٍ فسيحٍ رهيبِ الصور ،
ليبزغ دوماً بليلِ السهر؛
تبدَّى لنا قمراً من حجارة.
وقالوا قُميرٌ له ألفُ حال ،
فيومٌ محاقٌ ويومٌ هلال ،
يُجلِّى لنا الليل بدراً وحيداً ،
يوزِّعُ خيراً ويُعطى ظلال ،
يُدندنُ لحناً ويُورِى أُوَارَهـ.
وكنتُ أحاولُ أن أتخيَّل ،
كيف لشمسِكِ قمرىَ قَبَّل ،
وكيف ينيرُ وكيف تسلَّل ،
لبابِ الحيارى وأرخى سِتَارَه.
ومرَّت سنونُ صبايا سريعاً ،
وصرتُ طويلاً جميلاً وديعاً ،
لأحمل فوقَ جبيني علومي ،
وحُلماً غريباً أصيلاً بديعاً ،
يسيرُ بقُربي وأمشى جواره.
وحين رأتكِ عيونُ السماء ،
وصوتُكِ يُسكرُ جَفْنَ المساء ،
تفتَّق ذهني لفكرٍ غريب ،
فغيَّرتُ كُلَّ علومِ الفضاء ،
ودوَّنتُ عِلماً فَكُنتِ شِعَارَه.
تعالى لأقرأ فيكِ الكلام ،
واُنشدُ عنكِ حروف الغرام ،
فذلك سطرٌ جميلٌ يقول :
بأنِّكِ وحدك من تملكين ،
جوازَ المرورِ لعلمِ اليقين ،
وتبقين أنت الحبيبةَ عُمري ،
ملاذى الأمينُ بشطِّ الحنين.
وذلك سطرٌ بعيدٌ يقول :
بأنَّك بدرٌ ومنك الحضور ،
وكلُّ الأراضى عليكِ تدور ،
وكلُّ الكواكبِ كلُّ العصور .
حوالى عجائبِ دُنياكِ أنتِ ،
باتت تُغنِّي وأُخري تسير.
وباقي الكتابِ يصيحُ ويحكى :
بأنَّ لديكِ عُطورَ البشارة.
وبين جفونِكِ كلُّ الإثارة.
وصدْرُكِ كَنزٌ غريبٌ تجلَّى ،
وقد أبدع اللهُ فى الإستدارة.
ويلهثُ خَلْفَكِ شعرٌ طويل ،
يُفقِّهُنا فى أُصولِ الحضارة.
فأنتِ من النورُ ،
أنت الحضارة.
وأنتِ القميصُ ،
وأنت البشارة.
وتلك مذاهب علمى الجديد ،
وقلبُكِ يبقى ملاذَ المُريد ،
فلا خاب قلبى إذا ما استشاره.
132
قصيدة