بصوت :

عدد الابيات : 52

طباعة

شتّانَ بينَ المالكَيْنِ نِـصابا

 ملكَ القلوبَ و يملكونَ رِقابا

و ملكتُ من هذا الغرامِ قليلَه

فاستفتَحا بقليلهِ الأبوابا

قلبي و عقلي و القوافي منذُ أنْ

زمّلْتَها تتصيّدُ الكُتّابا

ما كانَ كلُّ الصّيدِ في جوفِ الفَرا

حتّى تمعّنَ واتِري فأصابا

هذا الفؤادُ أنا الذي خبّأْتُه

عن مقلتَيكَ فصادفَ الأهدابا

علّقتُ بينَ البُردتَينِ مدائحي

و سوايَ يعلَقُ غادةً و كَعابا

لا ناعسَ الطّرفِ الذي بايعتُه

في النّومِ كنتَ و لم أكُ السّيّابا

إنّي و ما عُلِٰمْتُ منطقَ طائرٍ

أشدو بذكركَ جَيئةً و ذهابا

للهِ طبْعُ الوردِ يُخفي عطرَهُ

و يُقيمُ مِن ألوانهِ حُجّابا

حاولتُهُ أو كِدتُ لولا أنْ رأى

بُرهانَه قلبي فعادَ و تابا

و صفا إناءُ الحُبِّ رقَّ زجاجُهُ

حتّى رأيتُ و ما رأيتُ شرابا

لكنّ ماءً سالَ أو كالماءِ مِن

و على حواشيهِ فشَفَّ و طابا

صُنِعتْ على عينِ الرّحيقِ كؤوسُهُ

فكأنّما شرَحَتْ بهِ الأسبابا

أرجعْتُ فيهِ الطّرفَ و استرجعتُهُ

 في كرّتَينِ فغابَ فيهِ و آبا

ما بينَ منبرهِ و موضعِ قبرِهِ

خطّ الجمالُ لقارئيهِ كِتابا

قرأتْ على يدهِ الشّعوبُ و لم يزلْ

في كلِّ سطرٍ يشرحُ الآدابا

في غارِهِ الجبليِّ لم يكُ خالياً

كان المدى يتعلّمُ الإعرابا

مِن ( قُمْ فأنذرْ) لم يُدثِّرْ عينَهُ

نومٌ و دثّرَ عارياً و مُصابا

حافٍ و ما مِن حبّةٍ في مكّةٍ

لم يحتمِلْ عنها دماً و عذابا

عارٍ عن الدّنيا و أوّلَ كلِّ ( بسـ

ـم اللهِ ) يفتحُ في المعارجِ بابا

الأسودانِ على خريطةِ فقرهِ

يتوزّعانِ مآذناً و قِبابا

نِعمَ الإدامُ الخَلُّ حينَ مُحاصَرٌ

في الشِّعْبِ يفتحُ للجياعِ شِعابا

ما كانَ عَدّاسٌ لِيؤمنَ قلبُهُ

لو لم يجدَهُ السُّكَّرَ العنّابا

سبحانَ مَن أسرى به ليلاً و مَن

أدناهُ مِن قوسِ الجلالةِ قابا

و ارتَدَّ مِن أعلى ليخصِفَ نعلَهُ

و يُطاعِمَ الفقراءَ و الأصحابا

خُلُقٌ كأنّ الوَدْقَ من أعطافِهِ

و خِلالِهِ يُهدي الوجودَ سَحابا

خُلُقٌ هو القرآنُ هذّبَ حُسنُهُ

عرباً و زكّى يُمْنُهُ أعرابا

و الحبُّ يبدأ بالقلوبِ فكلّما

(بانتْ سعادُ) وجدتَ قلبكَ ذابا

كان الطريقُ مُطوَّقاً بحمامةٍ

لم تبنِ عُشّاً بل بنَتْ محرابا

لا حُزنَ فيهِ معيّةُ المولى هنا

بدمِ الرّضا تتحسّسُ الأعصابا

يا ( مِن ثنيّاتِ الوداعِ ) و يومَها

يا راكباً لا يُشبهُ الرُّكّابا

مَن صاغَ مِن تَمْرٍ سُواعاً لا كمَن

بالحُبِّ و الإيمانِ صاغَ شبابا

فكأنّ كلّ مهاجرٍ في أوْسِهِ

( سعدٌ ) و ( يثربَ ) أصبحتْ خَبّابا

تتفاوتُ الأقدارُ بالتّقوى و لا

يتفاوتونَ نُهىً و لا أنسابا

و النّفسُ لا ترقى إذا لم تقترفْ

بقُباءَ مِن أثَرِ السُّجودِ تُرابا

يومَ التقى الجمعانِ ضجّ رِداؤهُ

بدعائهِ و دعا الخصومُ سَرابا

بالعُدوةِ الدّنيا أقامَ عريشَهُ

و الرّكبُ أسفلَ منهُ خارَ و خابا

و المجدُ لا يُؤتى لمَنْ لم يأتِهِ

قَدَرُ المعالي أن تُقادَ غِلابا

ما كان للطّلقاءِ أنْ يستقسِموا

 مِن بعدِه الأزلامَ و الأنصابا

لمّا عفا و هو المُقَدِّرُ رحمةً

و بكى لهم و هو العزيزُ جَنابا

يا أيها الرّيمُ الذي لم يستترْ

عن طالبٍ لا يُشبهُ الطُّلّابا

ما حلّ أزرارَ البنفسجِ زائرٌ

إلا و شقّ على الأريجِ ثيابا

يا سيّداً و محمّداً يا رحمةً

للعالمينَ و نِعمةً و ثَوابا

ما كانَ صدرٌ مثلَ صدركَ عامراً

بالحُبِّ هم مَن صدّروا الإرهابا

كوثَرْتَ آيَ اللهِ في أرواحنا

و تخندقوا مِن حولنا أحزابا

أحييتَ بالقرآنِ إنسانيّةً

و تقاسموا دُنيا الورى أقطابا

لو أنّهم عرفوكَ لاعتاضوا عن الـ

دّمِ ياسميناً و الحرابِ حُبابا

و لأسّسوا للخيرِ أعظمَ دولةٍ

و لَصالحَ السيفُ الصّقيلُ قِرابا

جمّلتُ شِعري حينَ لم أختَرْ له

من غيرِ كأسِكَ سُكّراً و رُضابا

يا ليتني أُحُدٌ أوَ انّي فوقَهُ

حجرٌ يُحَبُّ و حبّةٌ تتصابى

بالغتُ في هذا الدُّنُوِّ و لم و لا

كعْباً بلغتُ و لا بلغتُ كِلابا

ما كان ربّي أن يُعذّبَ شيبةً

شابتْ بهِ و دمي بحُبّكَ شابا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أنس الدغيم

أنس الدغيم

12

قصيدة

شاعر وكاتب سوري.. رئيس الجمعيّة الدوليّة للشعراء العرب ومدير عام دار آرام للترجمة والنشر. المؤلفات مجموعتان شعريّتان : المنفى، الجوديّ الكتب : 100 لافتةٍ للحرّيّة، 100 لافتةٍ للحياة، سك

المزيد عن أنس الدغيم

أضف شرح او معلومة