فَما ضاقَ الكَلامُ بِنا وَلَكِن
وَجَدنا الحُزنَ أَرخَصُهُ الكَلامُ
وَخَطبُكَ لا يَفيهِ دَمعُ باكٍ
وَلَو أَنَّ الَّذي يَبكي الغَمامُ
فَمَن شاءَ فَليَنظُر إِلَيَّ فَمَنظَري
نَذيرٌ إِلى مَن ظَنَّ أَنَّ الهَوى سَهلُ
وَما هِيَ إِلّا لَحظَةٌ بَعدَ لَحظَةٍ
إِذا نَزَلَت في قَلبِهِ رَحَلَ العَقلُ
عذّب بما شئتَ غيرَ البُعدِ عنكَ تجدْ
أوفى محِبّ بما يُرضيكَ مُبْتَهجِ
وخُذْ بقيّةَ ما أبقَيتَ من رمَقٍ
لا خيرَ في الحبّ إن أبقى على المُهجِ
أَخَذتُمْ فؤادي وهوَ بَعضي فما الذي
يضُرّكُمُ لو كان عندكُمُ الكُلّ
نَأَيْتُمُ فغيرَ الدَّمعِ لم أرَ وافياً
سوى زَفْرَةٍ من حرّ نار الجوى تغلو
وَإِن نامَ جَفني كانَ نَومي عُلالَةً
أَقولُ لَعَلَّ الطَيفَ يَأتي يُسَلِّمُ
أَحِنُّ إِلى تِلكَ المَنازِلِ كُلَّم
غَدا طائِرٌ في أَيكَةٍ يَتَرَنَّمُ
أَتلَفتَني كَلَفاً أَبلَيتَني أَسَفاً
قَطَّعتَني شَغَفاً أَورَثتَني عِلَلا
إِن كُنتُ خُنتُ وَأَضمَرتُ السُلُوَّ فَلا
بَلَغتُ يا أَمَلي مِن قُربَكَ الأَمَلا
لَحى اللَهُ الفِراقَ وَلا رَعاهُ
فَكَم قَد شَكَّ قَلبي بِالنِبالِ
أُقاتِلُ كُلَّ جَبّارٍ عَنيدٍ
وَيَقتُلني الفِراقُ بِلا قِتالِ
أَهَذا الوُدُّ زادَكِ كُلَّ يَومٍ
مُباعَدَةً لِإِلفِكَ وَاِجتِنابا
لَقَد طَرِبَ الحَمامُ فَهاجَ شَوقاً
لِقَلبٍ ما يَزالُ بِكُم مُصابا
خَدَعوا فُؤادي بِالوِصالِ وَعِندَما
شَبّوا الهَوى في أَضلُعي هَجَروني
لَو لَم يُريدوا قَتلَتي لَم يُطعِموا
في القُربِ قَلبَ مُتَيَّمٍ مَفتونِ
لَم يَرحَموني حينَ حانَ فِراقُهُم
ما ضَرَّهُم لَو أَنَّهُم رَحَموني
أَراجِعَةٌ قَلبي عَلَيَّ فَرائِحٌ
مَعَ الرَكبِ لَم يُكتَب عَلَيكِ قَتيلُ
فَلا تَحمِلي ذَنبي وَأَنتِ ضَعيفَةٌ
فَحَملُ دَمي يَومَ الحِسابِ ثَقيلُ