يا نجد جنّات و بيد بكليهما سكر النشيد
ألرملة الظمأى حنين الشّوق و الرّوض المجود
أرجت صباك . يجيد _ حين يشمّها _ من لا يجيد
و عرائس الأحلام نعمان الجزيرة و النفوذ
و قوافل بمتاهة ، ألنجم قائدها الوحيد
و هوادج لحمى السيوف و حولها العدد العديد
رنّ الحليّ بها و جرجر في مباركه قعود
ألجهد هدّ قلوصها بالرّمل و المرعى الجهيد
و الشيح قاطعة النسيم فلا يميل و لا يميد
و أشعّة كالنار . تبر ، ما لسائله جمود
ثمّ الضّحى فاذا عيوا فبظلّ عيسهم الرّقود
حتّى إذا أخفى الضّياء غدائر لليل سود
فالبدر و الحادي و خطو بين سحرهما وئيد
و على الرّبى النيران عطّر وهجها غار وعود
هي و الصباح له عمود ضاحك و لها عمود
و صهيل أفراس و راغية و اضياف  وجود
و نسيمة هفهافة ثم المناهل و الورود
و مدلّهان نأت ديارهما و ما نأت الكبود
حملت حنينهما الصبا بأبي الرسالة و البريد
رضوى خيال قصائدي و طيوف أجفاني زرود
أنا ملك إلهامي فلا أبدي هناك و لا اعيد
ما رحت أحكم بالقصيد و راح يحكمني القصيد
إن شاء تمّ لنا اللقاء و إن يشأ كتب الصدود
و الأمر ما يختاره هو سيّد و أنا المسود
و أريده فيفوتني و يزور ساعة لا أريد
سرّي و اجهل كنهه فقديم صحبتنا جديد
و الرّوح أقرب ما إليك و غيبها الدّاني البعيد
***
ألشعر أنغام معطّرة و لؤلؤة و جيد
فيه الهوى و الأريحية و السلافة و المزيد
فرح مقيم في سرائرنا و قافية شرود
و أوزانه عقد الحرير على العرائس لا القيود
الصائنات له كما صينت بعفّتها النهود
نور تحدّده الحروف و تخطئ النور الحدود
أحلة الصّعاب قصائد و نواعم كالورد خود
و من التّمنّع ما يدلّه بالجمال و ما يزيد
الشعر و الحسن المدلّ كلاهما طاغ عنيد
***
أنا من تغنّيه النجوم على السلاف فيستعيد
و على المشيب و عبئه ممّا يؤود و لا يؤود
لتصيدني نجل العيون و قد أغير و قد أصيد
ما كان يقنعني اللقاء فصرت تقنعني الورود
سمراء كالأحلام  : جفناها و جفن اللّيل سود
ألحسن يحسد نفسه فيها ، لقد كرم الحسود
و يغار من شهديّها جاراه : سالفة و جيد
***
سمراء حبّك صحوي السكران و الغيّ الرّشيد
لفّي على الجسد البرود تؤرج الدّنيا البرود
ألروح فيك فريدة يزهو بها جسد فريد
ذكراك إن عزّ اللّقاء للوعتي كأس وعود
***
أنا ساحر لمس الغصون و ضمّها فهي القدود
ة من الشقائق حين أقطفها المراشف و الخدود
و من الدّموع و قد ضننت بها اللآليء و العقود
و غمزت عطر الأقحوان فنوّرت شفة برود
عندي الكنوز فكيف تسألني النّجوم و لا أجود
أعطي و تسأل _ لا نملّ _ فتستزيد و أستزيد
شهب السّماء تفرّقت في الأفق تنقص و تزيد
كتب الضّياء لبعضها و لبعضها كتب الهمود
و العبقريّة كالضحى من بعض نعمته الوجود
و أنا الغريب بموطني و أنا المشرّد و الطريد
***
قل للّدات بتدمر عزّ المفاخر و النديد
سجن تضيق كهوفه و السهل منبسط مديد
ألدهر أقعدني و لم يك من شمائلي القعود
و السقم فوّت أن أشارككم و ذروته كؤود
شرفا على عضّ القيود فشارة الشرف القيود
أسمى القلوب هو الرّحيب على النوازل و الجليد
نحن الحماة الأوّلون . قبور صرعانا الشهود
نحن العقيدة و الرسالة و المعارك و الحشود
إن يصرع البطل النجيد تقدّم البطل النّجيد
و تقاسم الكوخ الوديع النصر و الفصر المشيد
أيّام لا الطبقات مزّقت الصفوف و لا الحقود
كفرت جهود كالضحى لله و الوطن الجهود
أنا و العهود فلم يضع حبّ و لم تنكث عهود
عيني الضنينة بالدموع و قلبي المضنى العميد
ماد الطغاة بكم ، فيا فلك السماء ألا تميد ؟
فلك يدور و لم أجد فلكا أتيح له الرّكود
بيني و بين الظّلم نار وغى يشبّ لها وقود
ألحبّ عدّتي الوحيدة لا السّلاح و لا الجنود
و تهون عندي النائبات فلا ألين و لا أحيد
يا ربّ عفوك إن سألت و أنت تعلم من أريد
من أيّ طين أنشئ الظمآن للدم و الحقود
أللّينون على العدوّ و بأسهم فينا شديد
جلّ الوداد فكان من أسماء عزّتك الودود
ألغير وجهك في كنانتك العبادة و السجود
فرعون عاد فكيف كيف و قد عصفت به يعود ؟
ما للطّغاة سيادة ، يخشى الظلام و لا يسود
دنيا العروبة رجّها بالهول شيطان مريد
صبغت بألوان الأذى فخطوبها حمر و سود
أرض الكنانة ما بها إلاّ المتوّج و العبيد
***
فرعون مصر : و أنت من رشق المصاحف لا الوليد
فرعون مصر : و أنت من قتل الهواشم لا يزيد
سمّيت فرعون الكنانة و هي تسمية كنود
فرعون ذلّ به اليهود و أنت عزّ بك اليهود
طامن غرورك . لم تدم عاد و لا بقيت ثمود
و لئن ذكرت فإنّ ذكرك لا الزكيّ و لا الحميد
و لئن حكمت فإنّ عيشك لا الهنيّ و لا الرّغيد
تتناهب الأشلاء نومك و العواصف و الرّعود
و هواجس اليمن السّعيد . و رجّك اليمن السّعيد
***
مغرى بحبّ الإمّعات طريف حكمك و التّليد
من كلّ أبله عاثر وغد يضرّ و لا يفيد
الغدر طبعك و الدسائس ة الخيانة  و الجحود
يتسلّل النذل الجبان دجى و تقتحم الأسود
***
أميتّم الأطفال : لا جدّ عناك و لا حفيد
أمّ ممزّقة و في أحضانها هشم الوليد
شكت الأرامل و الثّكالى و الطفولة و المهود
يا قاتلا بأخ أخاه . كلا قتيليك الشّهيد
أولا تخاف على بنيك و قد تعثّرت الجدود
أن يستجاب دعاء ثاكلة و أدمعها تجود
فترى بنيك مصرّعين و لا تضمّهم اللحود
كد للنّبي و دينه ألله فوقك إذ تكيد
باد الطّغاة جميعهم أمّا الشعوب فلا تبيد
خلّ الكرامة و شأنهم خلق الكرام لكي يسودوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بدوي الجبل

avatar

بدوي الجبل حساب موثق

سوريا

poet-badawi-al-Jabal@

60

قصيدة

226

متابعين

شاعر وكاتب وسياسي سوري يُعدُّ علماً من أعلام الشعر الكلاسيكي في القرن العشرين وإلى جانب شعره الذي أثرى الأدب العربي كان بدوي الجبل من أبرز المناضلين ضد الاحتلال الفرنسي وضد ...

المزيد عن بدوي الجبل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة