عدد الابيات : 96

طباعة

سأل الصبح عن أخيه المفدّى

أيّها الصبح لن تشاهد سعدا

غيّب الدّهر من سيوف نعدّ

مشرفيّا حمى وزان معدّا

كلّما عارضوا الصّوارم فيه

كان امضى شبا و أصفى فرندا

حاسنوا غرّة الصباح بسعد

فعلمنا أيّ الصباحين أهدى

طلعة تفرح العيون و تسبيها

و تغزو القلوب كبرا و مجدا

و حديث كأنّه قطع الروض

تنوّعن أقحوانا و وردا ....

بدعة الظرف و الأناقة يرضيك

دعابا عفا و يرضيك جدّا

تنهل العين من بشاشة سعد

ريّها و العيون تروى و تصدى

الحضارات في شمائل سعد

إذا سمته الهوان تبدّى

مترف في رجولة و اعتداد

راع زيّا و راع وجها و قدّا

زعم الخصم أنّه مستبد

حبّذا الحكم عادلا مستبدّا

إنّ شرّ الأمور ظلم الجماهير

و أهون بالظلم إن كان فردا

من كسعد و للشباب هواه

قدرة تتعب الخيال و زهدا

يا صفيّ الأحزان تسقي البرايا

كأسها مرّة و تسقيك شهدا

رضيت نفسك الهموم رفيقا

اريحيّا على الشدائد جلدا

بورك الهمّ عبقريّا جوادا

لا كهمّ أعطى قليلا و أكدى

قل لمن يحسد العظيم ترفّق

إنّ خلف الأمجاد همّا و سهدا

من كسعد الملاحم جنّت

و تلقّى حدّ من الهول حدّا

و على راية الشام كميّ

يقحم الدرعين أشقر نهدا

هتكوا حرمة العرين فهاجوا

أسدا دامي البراثن وردا

حشدوا جندهم و أقبل سعد

يحشد البأس و العقيدة جندا

ضاحك الثغر و الضحى مكفهرّ

روّعوه قصفا و برقا و رعدا

و التقينا لا و إيمان سعد

ما تحدّوا بالموت إلاّ تحدّى

ضرب الظلم ضربة رنّحته

فتداعى مزمجرا فتردّى

زعموا أنّه جلاء و ما كان

جلاء بل كان خزيا و طردا

ما على العبد أن يسوّد عار

بدعة العار أن ترى الحرّ عبدا

من كسعد و للنديّ احتدام

جمرة الحرب عنفوانا و وقدا

حمم كالجحيم مستعرات

ردّها حلمه سلاما و بردا

ما حملت الجراح داء ملحّا

بل حملت الجراح غدرا و صدّا

حزّ في قلبك الوفيّ صديق

صار في الندوة الخصيم الألدّا

من يهزّ النديّ بعدك بالخطبة

عصماء تحشد البأس حشدا

ملهم حاضر البديهة تغريه

بأحلى ممّا اصطفى و أعدّا

مترف الفكر و البيان غنيّ

بالآلي يصوغ عقدا فعقدا

يجمع الحقّ و البيان على الخصم

فلمّا تملّك الأمر شدّا

يطعن الطّعنة العفيفة لا

تدمي و لكنّه أباد و أردى

برّأ الله قلب سعد من الحقد

وفاء للكبرياء و حمدا

خدع الحقد أهله فهو ذلّ

نكّروا وجهه و سمّوه حقدا

و بنات الصدور يتعبها الذ

لّ خفاء عن العيون و وأدا

و القويّ النبيل يحنو على الدنيا

و يسمو بها وفاء و ودّا

حنّت الغوطة الرؤوم لسعد

و رواح له عليها و مغدى

طالما باكر الرياحين فيها

و سقاها الندى حنينا و وجدا

و شكى همّه فيا لك شكوى

نوّرت في الرّبى أقاحا و رندا

قال لي و الرّبيع غاف على الزّهر

يذيع الأحلام عطرا و ندّا

و الغروب النديّان في الغوطة المعطار

يحنو على الظلال فتندى

و قطيع من الشياه و رعيان

و أغنّية ترقّ فتردى

ما أحبّ الحياة في غوطة الشام

و أفجع الموت هجرا و فقدا

أيّ ورد للحسن تشتفّه عيني

و يبقى بقدرة الله وردا ..

هل رأت هذه الخمائل فبلي

من رآها عينا و ثغرا و خدّا

هي عندي شمائل و عطور

و قلوب تهوى و دلّ يفدّى

أعشق الحسن دوحة و غديرا

و بيانا سمحا و فجرا مندّى

ما رأى السقم قبل سعد حنانا

و حياء من السّقام و رفدا

كبقايا السيف اطمأنّت إلى الجفن

و راحت تبلى الهويني و تصدا

روعة الشمس في الغروب و لا أعشق

للشمس عنفوانا و رأدا

رنّح الشعر و الكريم طروب

ذكر سعد لا يبعد الله سعدا

و حدونا به المعاني فحنّت

حنّة العيس بالأغاريد تحدى

ما لسعد في الموت يزداد قربا

من فؤادي ما ازداد هجرا و بعدا

و إذا رفّ طيفه في خيالي

رفّ ريحانة من الله تهدى

أنت في خاطري و عيني و قلبي

و على الهجر لا أرى منك بدّا

صور لو ينال من حسنها النّور

لكانت بنور عينيّ تفدى

و أصون الطيوف بين جفوني

لو تطيق الجفون للطّيف ردّا

و أنا الصاحب الوفيّ فما خنت

حبيبا و لا تناسيت عهدا

لم يرعك الزّمان في حالتيه

و تحدّيته و عيدا و وعدل

ما وفيناك بعض حقّك فاعذر

إنّ عذر الكريم أسمى و أجدى

إنّ دين العظيم في كلّ شعب

لا يوفّى و حقّه لا يؤدّى ...

شغل الناس بالعظيم و أرضوا

نزوات النفوس هدما و نقدا

حسدوه على المزايا فكان الـ

موت بين الأهواء و الحقّ حدّا

إنّ من ينكرونه و هو حيّ

ربّما ألهوه رمزا و لحدا

عيّروا بالمشيب إخواني الصيد

سفاها و هل عن الشيب معدى

أيّ لوم على الكهول و خاضوا

غمرات العلى شبولا و أسدا

ما لأبنائنا تجنّوا علينا

و غفرنا ما كان سهوا و عمدا

أنكرونا على المشيب كأنّا

لم نكن قبلهم غرانيق مردا

حاسبونا على هنات المعالي

ثمّ غالوا بها حسابا و عدّا

نحن روّادكم طلعنا الثنايا

و زحمنا الصعاب غورا و نجدا

و بنينا لكم و نعلم أنّا

لن نملّى به بقاء و خلدا

أيّها النازل المقيم تعهّد

بالرضى و الحنان ركبا مجدّا

قل لشكري العظيم أشرقت في

السدّة يمنا و كبرياء و رشدا

يا أبا الدّولة الفتيّة تبنيها

و يلقى الباني عناء و جهدا

إن حضنت استقلالها و هو في

المهد فما اختار غير نعماك مهدا

لا تخف عثرة عليه و وهنا

بلغ الطفل في حماك الأشدّا

يا وريث الشموس من عبد شمس

ملكوا العالمين روما و هندا

بفتوح هنّ الملوك من العزّ

و بعض الفتوح غرثى عبدّى

أسلم القدس من يحجّ إلى القدس

و يتلو الإنجيل وردا فوردا

إن يناموا عنها نبّه الثأر

على الغوطتين أروع نجدا

مدن القدس كالعذارى سبوها

و أرادوا لكلّ عذراء وغدا

كالسّبايا لطمن خدّا و مزّقن

شفوف الحرير بردا فبردا

ضجّ سوق الرقيق في ندوة القوم

و نخّاسه طغى و استبدّا

يعرضون الشعوب عرض الجواري

عرّيت للعيون نحرا و نهدا

غيرة الله ! أين قومي و عهدي

بهم ينهدون للشرّ نهدا

نعشق القدّ للعوالي و أحببنا

لهنديّة الصوارم هندا

و دفنّا الكنوز يوم دفنّا

في ثراها الآباء جدّا فجدّا

رضي الله عن أخ لك كالسيف

المحلّى يروع نضلا و غمدا

أين سعد ؟ و لا ألوم اللّيالي

و هب الدّهر غاليا و استردّا

أيّ بدع إذا بكيت لسعد

إن بكى السيف حدّه ما تعدّى

لو رأى هذه الدّموع الغوالي

لبكى رحمة وحيّا و فدّى

غاب سعد عن العيون و ما

غاب ضياء يهدي القلوب فتهدى

ثورة في الحياة و الموت جلّت

ثورة الحقّ أن تقرّ و تهدأ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بدوي الجبل

avatar

بدوي الجبل حساب موثق

سوريا

poet-badawi-al-Jabal@

60

قصيدة

215

متابعين

شاعر وكاتب وسياسي سوري يُعدُّ علماً من أعلام الشعر الكلاسيكي في القرن العشرين وإلى جانب شعره الذي أثرى الأدب العربي كان بدوي الجبل من أبرز المناضلين ضد الاحتلال الفرنسي وضد ...

المزيد عن بدوي الجبل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة