الأغاني التي عذّبتْني هناكْ
عذّبتني هنا
النساءُ الجميلات… والأوفُ، والميجنا
وابتهاجي دماً واخضراراً وبحراً،
يصبُّ غِوىً في هواكْ.
الأغاني،
وما بَعْدَ هومير،
صوتي أنا.
يا حفيف الصنوبرِ يسمعَ خطْوي،
على تلّة الشهداءْ
ما الذي يزعجُ الشعراءْ
يا دم المُنحنى
الأغاني التي عذّبتني هناكْ
عذَّبتني هنا
الأغاني وما بعد هومير… صوتي أنا.
هل أظلُّ أقابلُ حيفا
على صَفَحاتِ الجرائدِ،
فوقَ السحاب، وتحتَ السحابْ
غارقاً في محبّةِ جفرا ومريم، والشعراءِ الغِضابْ
أستطيعُ الذي…
عندما أشتهي أو أريدْ
هل يُضافُ لذلكَ سهلٌ،
يقابلني في البريدْ
كزجاجِ الخليلِ المُلَوّنِ بالأخضرِ العِنَبيِّ،
على الرسمِ: معركةٌ وحرابْ:
غزالٌ على السفحِ،
رمَّانةٌ وحدها،
مثل قلبي الوحيدْ
وتفاحةٌ تَتَمدَّدُ في آخر السطرِ،
أفعى،
ووحشٌ غريبٌ يطارد وَعْلاً،
نشيدٌ قديمٌ على طوبةٍ
من مقالع مَرْمَرنا القرويِّ،
ولم أستطع أن أفكَّ رموزَ النشيدْ.
إذا كنتَ تعني حجارةَ كنعانَ في المرجِ،
كيف ستكتبُ شعراً، وتلقيهِ في البرلمانْ
إذا كان من قريتي الجبليةِ،
من سفحها الأرجوانْ
وكيف ستلعبُ وحدَكَ، ألعوبةَ الأقحوانْ:
تمزّقُ أوراقها وتقولُ: رأتني
ولم تَرَني
ورأتني
ولم ترني سارحاً في غصونِ الورودْ.
إذا كنت لا تعشقُ الحجرَ البابليِّ،
فكيف تقيمُ على القبرِ شاهدةً للشهيدْ.
هل أظلُّ أقابلُ حيفا التي في النوى…
بِسلال الوعود.
دمي مونةُ الأبجديَّةِ
وزَّعتُها في فضاء المُدُنْ.
وأعطيتُها شَفْرة الأسئلةْ
انظروا للشقوقِ التي في جبينِ الوطنْ
انظروا كلَّ هذا الرحيل المؤقت، والعودة الآجلةْ
وهذي البناياتُ والجامعاتُ وهذي القصورْ
عظامي أساساتُها والجذورْ
كل هذي المنافي لنا.
انظري، انظري النارَ والغارَ والزمهريرْ
المحلاَّتُ: صورتُها في الغديرْ
إنَّ هذا الزجاج، الزجاجْ:
Made in Hebron.
إنَّ هذا الحرير الحريرْ:
Made in Haifa.
إنَّ هذا البكاء الأسيرْ
يشبه الميجنا
الأغاني التي عذَّبتني هناكْ
عذَّبتني هنا
الأغاني… وما بعد هومير
صوتي… أنا.
– مرّةً… والخليلُ على موعدٍ في القرى الآهلةْ
رشقتني على القُفِّ زخَّةَ وردٍ، فقلتُ: مَطَرْ
ورآني الحصانْ
لا أكلّمُهُ عن جراحاتهِ المورقةْ
قالت الغابلةُ الغافلة:
هل سنشربُ كأساً بصحةِ هذا المنامْ
مطر المهرجانْ
غافلُ في المساءِ
وليس بِمُسْتَبْعَد أن يفيضَ الهوانْ
إذا لم يكن في يدي صولجانْ.
نقطةً نقطةً يتوهجُ عشبُ الكلامْ
من دمٍ في عيون الغريبِ،
غفا في الضجرْ.
ساحةٌ تتثاءبُ في آخر الليلِ
قبلَ هبوطِ الضبابْ
وقومٌ يُتَعْتعهمْ سحرُ هذا الشرابْ
كل هذا الكلامْ
وأنا غارقٌ في المطر
حين تبلغُ أنت رؤوسَ الجبالِ
أكونُ أنا قد لمستُ صهيلَ القِبابِ
وأمسكتُ بالريحِ
سُقْتُ الغيوم، قطيعاً من الثلجِ
أنطقتُ هذا الحجر.
وأنا ساهمٌ كالفراقِ الأكيدْ
مثل سلسالها الذهبيّ الذي ليلة البرتقالْ
لم أجدْ مثله، حين حاصرني الوحلُ
في المنحدرْ
كفضاءِ الرموزِ على صدرِ هذا المقالْ
كبكاءِ الرُعودْ
في حناجرهمْ خَنَقَتْهُ الظلالْ
بعد أن وزَّعتنا طيورُ الحديدْ
وحُرِمنا السؤالْ
عن الوردِ والضوءِ والصوتِ والدولةِ المقبلة:
حُدودي هي النهرُ والبحرُ والأُرجوانْ
كما كان يرسُمها في النصوصْ
جدودي، قُبيلَ مجيء اللصوصْ
وقبل زمانِ الأسى والجُحودْ.
– مرّة كنتُ أغفو على جَبَلٍ مُشرفٍ
ويطلُّ على بحرِ ملحٍ… وكان السببْ
أنني اشتقتُ أن أتَعَفْرَتَ، أو
أحتوي نجمةً في السماءْ
تحتَ إبطي وأمشي بها مثل بحر الخَبَبْ
ثمَّ ألوي جديلتها في خَدَرْ
ثمّ أغوي الغجرْ
أنْ يدقّوا طبول مواقدهمْ
قربَ نهرِ التَعَبْ
وأنادي النواطير، ثمَّ العصافير،
ثمَّ الرذاذَ الذي يتشعبطُ في ذيلِ زيتونةٍ،
كي يكونَ دليلي إلى مخبأٍ من ذَهَبْ
ثمَّ أصرخُ في قمةٍ: أنت بحرٌ يموتْ
أنت بحرٌ بلا دولةٍ أو نشيدْ.
– مرّةً في الخليلْ
الخليلُ التي دمعها طافحٌ في عروقِ الجليلْ
الخليلُ التي تلمحُ المتوسطَ عندَ امتدادِ الحدادْ
كيف تغرقَ في الملحِ حتى السوادْ
الخليلُ التي لا يشابهها أحدٌ في الأسى
غير قلبي وهذا الرحيل الطويلْ.
مرَّةً… غيَّمتْ فامتطيتُ جوادي
وما ردّني غيرُ بابِ الخليل.
كنتُ أعرفُ أنَّ الكروم لمن غازلَ الشهداءْ
لمن ناغشَ الفأسَ والأصدقاءْ
كيف في مفرق الدربِ،
قالوا: علينا اقتسامُ الكَلامْ
واقتسامُ دم الانقسامْ
تنازلتُ عن حصّتي وحرصتُ على حصّتي
في الوصولْ.
إنني قابلٌ أن نُحكِّمَ جرحَ العنبْ
قابلٌ، فلماذا إذنْ يكثر الأعدقاءْ:
فاعِلُنْ وفعولنْ وفَعْلُنْ ومُسْتَفْعِلُنْ
والزحافاتِ لا تُحصِها، رغم أنف الخليل.
قال أجدادنا الأوّلونْ:
يا مروجَ الأقاحي
ويا شجرَ العنفوانِ اللذيذْ
زرعنا، زرعنا، زرعنا
وهمْ دائماً دائماً يقطفونَ النبيذْ
في جِرارِ النوى والتَعَبْ:
– مطرٌ حامضٌ سوف يغسلنا باللهبْ
مطرٌ حامضٌ في السهوبْ
مطرٌ حامضٌ في القلوبْ
مطرٌ حامضٌ سوف تشربُ منه الوعولْ
مطرٌ حامضٌ في السيولْ
مطرٌ حامضٌ في صهيل الخيولْ
مطرٌ حامضٌ في الدموعْ
مطرٌ حامضٌ في العيونْ
مطرٌ حامضٌ في نواة الحَجرْ
مطرٌ حامضٌ في المطر
– بعد ذلك تأتي الأناشيدُ والتُربة الصالحةْ:
هل تصيرُ المسافات ما بيننا مالحةْ
أم تُرى تتمددُ جغرافيا الفُرقة الرابحةْ
أم تكونُ لنا دولةٌ، عَلَمٌ ونشيدْ.
– موغلٌ موغلٌ موغلٌ
في شعاب المُنى
أتدفأُ بالأوف والميجنا
شجر البحر، ملحٌ أجاجْ
أيها الأهلُ، إنَّ هواكمْ سِراجْ
ما اختلفنا على الدربِ نحو الخليلِ
فهل خُلْفُنا في اقتسام الخراج!!!.
الأغاني التي عذّبتني هناكْ
عذّبتني هنا
والأغاني، وما بعدَ هوميرَ صوتي… أنا.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عز الدين المناصرة

avatar

عز الدين المناصرة حساب موثق

فلسطين

poet-ezz-el-din-manasra@

25

قصيدة

141

متابعين

ولد الشاعر والأديب والمفكر الفلسطيني عز الدين المناصرة عام 1946م، في بلدة بني نعيم في الخليل،حصل على شهادة (الليسانس) في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من جامعة القاهرة عام 1968م، ...

المزيد عن عز الدين المناصرة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة