صيادٌ شيخ
يتوثّب مدّ الموجة فوق الرمل إليه يدور عليه ويلحس راحته
وينام على قدميه
كلبٌ شبعان شاكر
***
البحر غضونٌ ملءَ جبينك يا صياد
تتعثر فيها الذكرى، ماضيك يعود إليك مع الصدف المكنون..
أطيافٌ جمال تولدٌ في الظلماء تُرجّع صفوَ اللؤلؤ من ينبوع اللبن الأول
يا صياد سألتكَ عن ماضي الناسي كيف يعود
أدموعُ السلوة في أغوار النفس تصاد؟
يا صياد
تسألني عن صرّة أصدافي
لا تسخر مني أو منها فيها سهدُ جفون
أطلالٌ يبكي فيها الشيبُ ويهذي الغيب.
***
الكلب النائم يصغي والأسماك تحوم وتصغي
وتصيح شباكٌ: يا صياد!
وتشابكت الأبعادُ على برقٍ سكّابٍ يعوي ملء شباك الصيد
الشيخُ أسيرٌ آسر
الشيخ يشدّ سواعده يطّايرُ فيها البحر
كلبٌ جوعانٌ كشّرَ في الآفاق وعاد ولم تعد الآفاق بوجه حبيبي
من يلحمُ أبعادي.
***
البرد يهزُّ الليل
الكلبُ النائم قاسمه الصيادُ حنانَ الدفء الزائر
يتلفّتُ ومضُ النار يُصرّحُ عن أشياء
ويسمّيها يصَّفَّحُ وجهي ماجت فيه غصون خواء
شِباكٌ تحلم بالأعماق المجهولة
يا صياد!
هذا البحر صديقكَ
سائل قمقمَهُ الوهّاب عن الأحباب
أو كُلْ من زاديَ هذا الخبزَ الغادر
ننسى الماضي ننسى الحاضر
الشيخُ ينام
الكلبُ ينام على قدميه
وجلستُ هناك على صخرة
وحدي يتجمّع ظلي تحتي يحبسني، أخشاه يزول ويتركني عند المجهول
النار الواحدةُ القصوى تجتاز إليّ الليلَ تزورُ عيوني تنظر في أعماقي
أوتارٌ ضائعةُ الألحان بلا إصغاء
وتعود النارُ إلى الآفاق مع الإخفاق ولستُ أعود
وبكيتُ ولم أعبر ظلي وفؤادي
نجمٌ في قاع الروح يتوق إلى نجمٍ راحل
من يلحَمُ أبعادي
الطيرُ تلاشى في الآفاق وذاك الدمعُ طواهُ وِسادي
وفقدتُ حبيبي
وذكرتُ صباي.
***
النارُ تلفَّتُ تلتمسُ الأشياءَ تُسمّيها وتغيبُ فتنحسرُ الأسماء
وفقدتُ حبيبي
ونظرتُ إلى الصيّاد يغيبُ، يراني ثم يغيب.
***
النارُ تلفَّتُ تلتمسُ الأشياءَ فتزجرها الظلماء
وعيون حبيبي
غاباتُ ظنون
هل يُسفِرُ نجمٌ يعرف أين أكون؟.
***
وصراعُ البحر هناك مع الآفاق تهوَّرَ تحت جدار..
يبنيه عمى الإبصار
وفؤادي والأسرار
وأنا المشتاق
البحرُ هنالكَ يمسكهُ الصياد من الآفاق ولم تعد الآفاق بوجه حبيبي.
***
النار تلفَّتُ تفصحُ عن أشياءٍ – وتسمّيها
ما فيها عنقاءٌ تبعثني
وجبيني ماجت فيه غضون
شباكٌ تحلم بالأعماق المجهولة يا صيّاد.
***
الكلبُ على قدميه ينام
ويلمُّ الضوءَ بوجهي
وأميلُ على الصيّاد:
هاتِ الشبكة.
ويقول، ويطردُ عن عينيه حديثَ النار:
هذا بحرٌ آخر.
***
الكلبُ ينام على قدميه
البحر سجا ينسى في نومِكَ يا صياد
وتغوصُ مع الأدهار وتمسكُ في أعماقِكَ أنفاسَ التيار
هل باح به الصَدفُ المكنون؟
وأنا المشتاق فؤادي سرٌّ آخر
***
ظِلي بحرٌ مقتول
يمتدُّ ورائي يطفئ تلك النار.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد المهدي المجذوب

avatar

محمد المهدي المجذوب حساب موثق

السودان

poet-muhammad-al-mahdi-al-majzoub@

6

قصيدة

223

متابعين

محمد المهدي المجذوب شاعر سوداني، ولد بمدينة الدامر بالولاية الشمالية،سنة 1919م ،ويعد من المجددين في الشعر العربي والسوداني ومن جيل ما بعد رواد النهضة الشعرية السودانية والعربية مباشرة.وينتمي الى أسرة ...

المزيد عن محمد المهدي المجذوب

اقتراحات المتابعة

أقراء ايضا ل محمد المهدي المجذوب :

أضف شرح او معلومة