الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » ألجديدان حرب كل جديد

عدد الابيات : 73

طباعة

أَلْجَدِيدَانِ حَرْبُ كُلِّ جَدِيدِ

هَذِهِ صَرْعَةُ الْعَتِيِّ المَرِيدِ

غَيْرُ سَهْلٍ إِصْلاَحُ مَفْسَدَةِ الأَخْـ

ـلاَقِ فِيمَا دَعَوْهُ بِالتَّقْلِيدِ

رَكَدَتْ فِي قرَارِهِ فِطَنُ النَّا

سِ وَطَابَ الْقَذَى لَهَا فِي الرُّكُود

يَا عَدُوَّ الجَهْلِ المُمَوَّهِ بِالعِلْـ

ـمِ عَلَى شَكْلِهِ المُرِيبِ الْعَتِيد

جَلَلٌ مَا ابْتَغَيْتَهُ فَخَذِ الطَّعْـ

ـنَةَ مِنْ ذلِكَ الْعَدُوِّ اللَّدُودِ

ظِلْتَ جِدَّ الْعَنِيدِ تَلْقَى كَمِيّاً

فِي مِرَاسِ الآفَاتِ جِدًّ عَنِيدِ

وَالأَبَاطِيلُ مِنْ قَدِيمٍ نِصَالٌ

وَدُرُوعٌ لِخَصْمِكَ الصِّنْدِيدِ

فَتَصَاوَلْتُمَا إِلَى أَنْ تَرَدَّيْـ

ـتَ بِسَهْمٍ مُصَمِّمٍ فِي الْوَرِيدِ

نَمْ وَلاَ يُشْمِتَنَّهُ أنْ رُ

حْتَ شَهِيداً فِي إِثْرِ أَلْفِ شَهِيدِ

فَلَقَدْ نِلْتَ مِنْ مَفَاتِلِهِ أَمْـ

ـنَعَهَا جَانباً بِسَهْمٍ سَدِيد

ثُلَّ عَرْشُ الْجُمُودِ فِي مَعْقِلِ الحرْ

صِ عَلَيْهِ وَفُلَّ جَيْشُ الْجُمُودِ

وَتَرَاختْ قُوَى الدَّوَائِبِ فِي تَمْ

كِينِهِ مِنْ مُخَلَّفَاتِ عُهوُدِ

عَنْ يَقِينٍ مِنَ الأُولَى رَابَهُمْ قَبْ

لَكَ أَنَّ الحَيَاةَ فِي التَّجْدِيدِ

نَمْ وَحَسْبُ الأَجْيَالِ بَعْدَكَ مَا أَذْ

كَيْتَ مِنْ شُعْلَةٍ لِغَيْرِ خُمُود

تَطْفَأُ النَّيِّرَاتُ وَالقَبْسُ السَّا

طِعُ مِنْهَا يَظَلُّ مِلْءَ الْوُجُود

نَمْ وَحَسْبُ الأجْياَلِ مِنْ صَوْتِكَ الرَّ

نَّانِ رَجْعٌ مُؤَبَّدُ التَّرْدِيدِ

يَسْكُتُ الأيْكُ وَالمَسَامِعُ مَلأى

بِصَدَى النوْحِ مِنك والتغرِيدِ

وَيْحَ لُبْنَانَ مَا دَهَى العِزَّةَ الْقَعْـ

ـسَاءَ مِنْهُ فِي رُكنِهَا المَهْدُودِ

أَيُّ رُزْءٍ شَجَا بَنِيهِ وَأَدْمَى

فِي الحَشَى كُلَّ مُعْجَبٍ وَمُرِيدِ

نَالَنِي مِنْهُ طَائِلٌ فَتَلَفَّـ

ـتُّ بِطَرْفٍ بَاكٍ وَفِكْرٍ شَرِيدِ

وَانْتَحَيْتُ الشَّمَالَ فَالْهَيْكَلَ الْـ

ـحَيَّ بِهِ مِنْ غِرَاسِ عَهْدٍ عَهِيد

اَسْأَلُ الأَرْزَ وَهْوَ أَقْدَمُ جَدٍ

مِنْ لِدَاتِ الدُّنْيَا سَمِيعٍ شَهِيدِ

كَيْفَ حَمَّلْتَ وَالأَمَانَةُ وِقْرٌ

هَمَّكَ الضَّخمَ قَلْبَ ذَاكَ الْوَلِيدِ

وَأَقَلُّ الذِي نُحَمَّلُ مُوهٍ

لِصِلابِ الْقُوَى وَبِالصَّبْرِ مُودِ

وَأَقَلُّ الذِي نُحَمَّلُ مُوهٍ

لِصِلابِ الْقُوَى وَبِالصَّبْرِ مُودِ

فَإِذَا الأَرْزُ لاَ يُحِيرُ جَوَاباً

وَإِذَا السِّرُّ فِي ضَمِيرِ الْحَفِيد

رَاحَ ذَاكَ الفَتَى المجِيدُ يُؤَدِّي

مَا يُؤَدِّيهِ كُلُّ دَاعٍ مَجِيدِ

نَازِحاً مُلْهَبَ الْفُؤَادِ اسْتَكَنَّتْ

بَيْنَ جَنْبَيْهِ عِلَّةُ المَفؤُودِ

يَتَخَطَّى الْحَيَاةَ وَالإِنْسَ فِيهَا

مُوحَشاً مُنْذُ كَانَ لَدْنَ الْعُودِ

رَاجِياً غَيْرَ مَا رَجَا النَّاسُ مِنْهَا

وَارِداً غَيْرَ حَوْضِهَا المَوْروُدِ

مُشْبِعاً مُقْلَتَيْهِ نُوراً وَمَا يَقْ

بِسُ إِلاَّ سَنَى وَمِيض بَعِيدِ

طَرِباً لاِسْتِماعِهِ هَزَجاً فِي الْـ

ـغَيْبِ جَزْلَ الإِيقَاعِ عَذْبَ النَّشِيدِ

نَاهِجاً نَهْجَهُ أَبِياً جَرِيئاً

رَاضِياً بِالْعَذَابِ وَالتَّسْهِيدِ

تَتَلاَشَى أَنْفَاسُهُ فِي سَبِيلِ الْـ

ـخَيْرِ بَيْنَ التَّصْوَيبِ وَالتَّصْعِيدِ

يُرْشِدُ النَّاسَ بِالْبَيَانِ وَبِالْقُدْ

وَةِ لاَ بِالْوُعُودِ أَوْ بِالْوَعِيدِ

لَوْ يُجَارِي المُضَلِّليِنَ لأَلْقَى الْـ

ـعِبْءَ عَنْهُ وَعَاشَ جِدَّ سَعِيد

إِنَّمَا المُصْلِحُ الأَمِينُ هُوَ الصَّا

بِرُ غَيْرُ الْوَاهِي وَلاَ الرِّعْدِيد

قَانِتٌ لاَ يَلَذَّهُ الْعَيْشُ مَا لَمْ

يُدْنِهِ مِنْ مَرَامِهِ المَنْشُودِ

أَيْنَ عِيسَى وَتَاجُهُ الشَّوْكُ مِنْ مُتْ

رَفِ رُومَا وَتَاجُهُ مِنْ وُرُودِ

أَيُّ تَاجَيْهِمَا هُوَ العَدْلُ وَالرَّحْـ

ـمَةُ لِلْمُسْتَضَامِ وَالمَنْكُودِ

اَيُّ تَاجَيْهِمَا عَلَى الدَّهْرِ عُنْ

وَانُ الْهُدَى وَالْفِدَى وَعَتْقُ الْعَبِيدِ

أَيْ فَتَى الأَرْزِ هَلْ أَرَدْتَ مِنَ الدُّنْ

يَا سِوَى مَا يَعُزُّ كُلَّ مُرِيدِ

هَلْ يَكُونُ الخَيْرُ المُجَرَّدُ وَالخَـ

ـيْرُ بِهَا يَنْتَفِي عَلَى التَّجْرِيدِ

هَلْ يَشِيعُ الْهُدَى وَتَسْلَمُ مِنْ زَيْـ

ـغٍ صِلاَتُ الْعِبَادِ بِالمَعْبُودِ

هَلْ يُدَالُ الحُبُّ الْعَمِيمُ مِنَ البَغْـ

ـضَاءِ وَالحِلْمِ مِنْ شِفَاءِ الْحُقُودِ

هَلْ تُؤَدَّى زَكَاةُ كُلِّ حَرِيـ

ـبٍ قَائِمٍ عُذْرُهُ وَكُلِّ طَرِيدِ

هَلْ يُسَاوَى بَيْنَ الشُّعُوبِ فَلاَ يُسْ

مَعُ فِيهِمْ بِسَائِدٍ وَمَسُودِ

هَلْ تُفَكُّ الْقُيُودُ حِسّاً وَمَعْنىً

وَالسَّخَافَاتُ شَرُّ تِلْكَ الْقُيُودَ

هَلْ يَصُونُ الْحُدُودَ مِنْ طَامِعٍ يَطْـ

ـمَع فِيهَا لُزُومُهُ لِلْحُدُودِ

هَلْ تَصِحُّ النُّفُوسُ مِنْ عِلَّةِ الْجَ

هْلِ وَمِنْ آفَةِ الشِّقَاقِ المُبِيدِ

مرْهِقَاتٌ مِنَ المُنَى ذَاقَ فِيهَا

كُلَّ لَوْنٍ مِنَ الْعَنَاءِ الشَّدِيدِ

بَثَّهَا دَائِباً وَلَمْ يَدَّخِرْ دُو

نَ الْبَلاَغِ المَبِينِ مِنْ مَجْهُود

فِي طُرُوسٍ رَاعَتْ بِكُلِّ طَرِيفٍ

مِنْ أَفَانِينِهِ وَكُلِّ مُفِيدِ

أَي سِرٍّ فِي ذَلِكَ الْقَلَمِ الْقَا

طِرِ مَا تَقْطُرُ ابْنَةُ الْعُنْقُودِ

أَيُّ فَيْضٍ يَصُبُّ صَبَّ الْجِرَاحا

تِ دَماً فِي نَثِيرِهِ وَالْقَصِيدِ

أَيُّ وَحْيٍ يَصُوغُ رَسْماً فَيُحْييـ

ـهِ بِذَاكَ التَّقْدِيرِ وَالتَّجْويدِ

دَرَّ فِي المَجْدِ دَرُّهُ مِنْ فُؤَادٍ

ثَائِرٍ يَهْتَدَي بِعَقْلٍ رَشِيدِ

مَنْ يُطَالِعْ آيَاتِهِ يَرَ فِعْلَ الشُّـ

ـهُبِ الْبِيضِ فِي الدَّيَاجِي السُّود

أَوْ يُتَابِعْ آثَارَهَا يَتَبَيَّنْ

مِنْ مَدَاهَا مَا لَيْسَ بِالمَحدُود

بَيْنَ أَهْلِ الطُّبِّ سِتِّينَ أَوْ سَبْ

عِينَ يَسْتَصْنِعُونَهَا مِنْ حَدِيدِ

وَقَطِينِ الْبُيُوتِ مِنْ وَبَرٍ أَوْ

مَدَرٍ فِي النُّجُوعِ أَوْ فِي النُّجُودِ

هَلْ عَجِيبٌ أَنْ يَجْمَعَ الشَّرْقَ وَالغَرْ

بَ مُصَابٌ فِي الْعَبْقَرِيِّ الْفَرِيدِ

يَا بَنِي أُمِّهِ الَّذِينَ تَلاَقَوْا

فِي وُفُودٍ تَمُوجُ تِلْوَ وُفُود

إِنْ تَسِيرُوا بِنَعْشِهِ فِي جَلاَلٍ

لَمْ يُشَاهَدْ فِي مَوْكِبٍ مَشْهُودِ

فَلَهُ الذِّمَّةُ الَّتِي لَيْسَ تُوفَى

بِضُروبِ التَّكْرِيمٍ وَالتَّمْجِيدِ

عَدِّدُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا فَلَنْ تُحْـ

ـصُوا مَزَايَا النُّبُوغِ فِي التَّعْدِيد

رَضِيَ الْحَق عَنْكُمُ الْيَوْمَ مَا كُـ

ـلُّ فَقِيدٍ مُؤَبَّنٍ بِفَقِيدِ

أَسَفاً أَنْ يَكُونَ يَوْمَ عَزَاءٍ

عَوْدُ ذَاكَ الْحَبِيبِ لاَ يَوْمَ عِيدِ

رُدَّ مِنْ غُرْبَةٍ عَلَى الأَرْزِ مَحْمُو

لاً عَزِيزاً وَلَيْسَ بِالمَرْدُودِ

لَمْ يُزَايِلْ كِرَامَهَا عَنْ قِلىً كَلاَّ

وَلَمْ يَسْمَحُوا بِهِ عَنْ جُودِ

سِرُّ لُبْنَانَ أَنَّهُ لَيْسَ يُسْلَى

كَيْفَ سَلْوَى ابْنِهِ الْوَفِيِّ الْوَدُودِ

فَلْيَكُنْ فَيءٌ ذلِكَ الأَرْزِ بَرْداً

وَسَلاَماً عَلَى المَشُوقِ الْعَمِيدِ

وَلْتَطِبْ رُوحُهُ إِذَا هِيَ حَيَّتْ

مِنْ سَمَاءِ الْخُلُودِ رَمْزُ الْخُلُودِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

729

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة