الديوان » العصر العباسي » المتنبي » ضيف ألم برأسي غير محتشم

عدد الابيات : 31

طباعة

ضَيفٌ أَلَمَّ بِرَأسي غَيرَ مُحتَشِمِ

وَالسَيفُ أَحسَنُ فِعلاً مِنهُ بِاللِمَمِ

إِبعِد بَعِدتَ بَياضاً لا بَياضَ لَهُ

لَأَنتَ أَسوَدُ في عَيني مِنَ الظُلَمِ

بِحُبِّ قاتِلَتي وَالشَيبِ تَغذِيَتي

هَوايَ طِفلاً وَشَيبي بالِغَ الحُلُمِ

فَما أَمُرُّ بِرَسمٍ لا أُسائِلُهُ

وَلا بِذاتِ خِمارٍ لا تُريقُ دَمي

تَنَفَّسَت عَن وَفاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ

يَومَ الرَحيلِ وَشَعبٍ غَيرِ مُلتئِمِ

قَبَّلتُها وَدُموعي مَزجُ أَدمُعِها

وَقَبَّلَتني عَلى خَوفٍ فَماً لِفَمِ

فَذُقتُ ماءَ حَياةٍ مِن مُقَبَّلِها

لَو صابَ تُرباً لَأَحيا سالِفَ الأُمَمِ

تَرنو إِلَيَّ بِعَينِ الظَبيِ مُجهِشَةً

وَتَمسَحُ الطَلَّ فَوقَ الوَردِ بِالعَنَمِ

رُوَيدَ حُكمَكِ فينا غَيرَ مُنصِفَةٍ

بِالناسِ كُلِّهِمِ أَفديكِ مِن حَكَمِ

أَبدَيتِ مِثلَ الَّذي أَبدَيتُ مِن جَزَعٍ

وَلَم تُجِنّي الَّذي أَجنَنتُ مِن أَلَمِ

إِذاً لَبَزَّكَ ثَوبَ الحُسنِ أَصغَرُهُ

وَصِرتِ مِثلِيَ في ثَوبَينِ مِن سَقَمِ

لَيسَ التَعَلُّلُ بِالآمالِ مِن أَرَبي

وَلا القَناعَةُ بِالإِقلالِ مِن شِيَمي

وَلا أَظُنُّ بَناتِ الدَهرِ تَترُكُني

حَتّى تَسُدَّ عَلَيها طُرقَها هِمَمي

لُمِ اللَيالي الَّتي أَخنَت عَلى جِدَتي

بِرِقَّةِ الحالِ وَاِعذُرني وَلا تَلُمِ

أَرى أُناساً وَمَحصولي عَلى غَنَمٍ

وَذِكرَ جودٍ وَمَحصولي عَلى الكَلِمِ

وَرَبَّ مالٍ فَقيراً مِن مُروَّتِهِ

لَم يُثرِ مِنها كَما أَثرى مِنَ العَدَمِ

سَيَصحَبُ النَصلُ مِنّي مِثلَ مَضرِبِهِ

وَيَنجَلي خَبَري عَن صِمَّةِ الصِمَمِ

لَقَد تَصَبَّرتُ حَتّى لاتَ مُصطَبَرٍ

فَالآنَ أُقحِمُ حَتّى لاتَ مُقتَحَمِ

لَأَترُكَنَّ وُجوهَ الخَيلِ ساهِمَةً

وَالحَربُ أَقوَمُ مِن ساقٍ عَلى قَدَمِ

وَالطَعنُ يُحرِقُها وَالزَجرُ يُقلِقُها

حَتّى كَأَنَّ بِها ضَرباً مِنَ اللَمَمِ

قَد كَلَّمَتها العَوالي فَهيَ كالِحَةٌ

كَأَنَّما الصابُ مَعصوبٌ عَلى اللُجُمِ

بِكُلِّ مُنصَلِتٍ ما زالَ مُنتَظِري

حَتّى أَدَلتُ لَهُ مِن دَولَةِ الخَدَمِ

شَيخٍ يَرى الصَلَواتِ الخَمسَ نافِلَةً

وَيَستَحِلُّ دَمَ الحُجّاجِ في الحَرَمِ

وَكُلَّما نُطِحَت تَحتَ العَجاجِ بِهِ

أُسدُ الكَتائِبِ رامَتهُ وَلَم يَرِمِ

تُنسى البِلادَ بُروقَ الجَرِّ بارِقَتي

وَتَكتَفي بِالدَمِ الجاري عَنِ الدِيَمِ

رِدي حِياضَ الرَدى يا نَفسُ وَاِتَّرِكي

حِياضَ خَوفِ الرَدى لِلشاءِ وَالنِعَمِ

إِن لَم أَذَركِ عَلى الأَرماحِ سائِلَةً

فَلا دُعيتُ اِبنَ أُمِّ المَجدِ وَالكَرَمِ

أَيَملِكُ المُلكَ وَالأَسيافُ ظامِئَةٌ

وَالطَيرُ جائِعَةٌ لَحمٌ عَلى وَضَمِ

مَن لَو رَآنِيَ ماءً ماتَ مِن ظَمَأٍ

وَلَو مَثَلتُ لَهُ في النَومِ لَم يَنَمِ

ميعادُ كُلِّ رَقيقِ الشَفرَتَينِ غَداً

وَمَن عَصى مِن مُلوكِ العُربِ وَالعَجَمِ

فَإِن أَجابوا فَما قَصدي بِها لَهُمُ

وَإِن تَوَلَّوا فَما أَرضى لَها بِهِمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


لَأَترُكَنَّ وُجوهَ الخَيلِ ساهِمَةً وَالحَربُ أَقوَمُ مِن ساقٍ عَلى قَدَمِ وَالطَعنُ يُحرِقُها وَالزَجرُ يُقلِقُها حَتّى كَأَنَّ بِها ضَرباً مِنَ اللَمَمِ

ساهمة : متغيرة و يقالُ سَهمَ و سَهُمَ يعني تغيَّر، فالشاعر يقول : سأجعل وجوه الخيل تتغير من شدة ما يلحقها من أهوال الحرب و شدائدها. " و الحربُ أقومُ من ساقٍ على قدمِ " يعني : سأترك الحرب قائمة كاينتصب الساق على القدم. ثم يقول : و الطعنُ يحرقها، و الزجرُ يقلقها حتى كأنَّ بها ضربًا من اللَمَمِ. فهو يقصد أن طعن الأعداء في الحرب يحرق الخيل، و الزجرُ : الصياح و الصراخ بها، فكأنَّهُ يزجر الخيل عن التأخر في ساحة القتال. ثم يقول " حتى كأن بها ضربًا من اللمَمِ " ضربًا من اللمِ : أي نوع من أنواع الجنون، فالشاعر يقول أن الخيل من شدة ما يلحقها من أهوال الحرب و شدائدها و رؤيتها للطعن و سماعها الصياح في أرض القتال أصبحت الخيل كالمجنونة لا تستقر ولا تثبت في مكان.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو سَهد


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

6062

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة