عدد الابيات : 62

طباعة

دمعٌ تحدّر مِن عيني بلا سببِ

فاقت إبانته روائعَ الخُطبِ

والحزنُ أخجلَ إحساسي وعاطفتي

وحطم الكرب ما في النفس من طرب

وأغرق القلبَ ما عاينتُ مِن أسفٍ

فكيف أحيا بقلب لاعج لجب؟

والروحُ آلمها ضياعُ تائهةٍ

في عالم فاقدِ الأخلاق مُضطرب

ففي المشاعر مِن تدميره كدرٌ

يسوقها لسراب الشك والرّيَب

وفي الخواطر من ركامها أثرٌ

يقودُها لدجى التخريب والنوب

وفي الضمير من التغريب مَلهبة

مَن يلتمسْ وصفها في التو يلتهب

وفي الفؤاد مِن التضليل زلزلة

تزيد ما فيه مِن شَوائب الكرب

وفي الجوارح مِن سوء المصير أسىً

أمسى يُهدّدها بسوء منقلب

كم ذا أقمتُ على فسق ومعصيةٍ

نيرانها تحرقُ الأخلاقَ كالشهب

كم من أغان على قلبي البئيس جثتْ

وأنشبتْ سُمها في الفكر والعصب

حتى غدوتُ لها أسيرة فقدتْ

إحساسَها بالذي في الزيف مِن لهب

وعيتها ، فاصطلتْ بالقبح ذاكرتي

وحزتُ أشرطة تدعو إلى الوَدَب

وعشتُ أطرب للفنون في ولهٍ

والعمرُ قضيته في اللهو واللعب

وكم تخبطتْ في درب شَقيتُ به

تخبط العُمي في وادي الشقا الخرب

وما فطنتُ لأوباش بليتُ بهم

وما عليهم إذا حققتُ مِن عتب

حطمتُ قلبي بأفلام معلمنةٍ

لم تُبق في النفس مِن علم ولا أدب

وجُبتُ دنيا الهوى الفتان هائمة

وكان فعلُ الدنايا منتهى طلبي

واستعذب الخاطرُ المفتونُ ما ارتكبتْ

نفسي اللجوجُ بلا جبر ولا سبب

منقادة كنتُ للزلات أركبُها

ولم يعقني عن السفول من أرب

وقد ألفتُ الذي غشيتُ من عمهٍ

ولم أكنْ أشتكي شيئاً من النصب

حتى أتتْني من (البريك) موعظة

تفوقُ كل الذي في الأرض من ذهب

صادت فؤادي وإحساسي وعاطفتي

وهتكتُ ما أحاط القلب من حُجُب

ونورتْ خاطراً ما كان أظلمه

فلم يعد للدجى شيءٌ من الغلب

وبصرتني بما أعيش من سفهٍ

أصاب قلبي بسهم الطيش والعطب

وأرشدتني لدرب كله رشدٌ

والرشدُ ينبعُ مِن ذخائر الكتب

قادت كُليماته للخير عابثة

لمَّا يقدْها إلى الرشاد نصحُ أب

وقد هدتْني إلى التقوى عبارتُه

إذ تدخل القلبَ والإحساسَ عن رغب

وأثرتْ في النهى فحوى طريقته

إن الترفق يطفي ثورة الغضب

وأدمعتْ مُقلتي في التو نبرته

وسال دمعُ الجوى في كل منسرب

وأشرقتْ شمسُ أحلامي مبددة

ما أضلل النفسَ من زيفٍ ومن كذب

فتبتُ عن كل ما قارفت عازمة

أن لا أرى قدوة حمّالة الحطب

وكان دمعي على ذا التوب ترجمة

كالغيث جادت به خزائنُ السحب

دموعُ تائبةٍ عادتْ لشِرعتها

من بعد عمر مضى كأطول الحقب

تبكي الشباب ثوتْ طيوفُ جذوته

ولم يعد لي من السلوى سوى اللقب

تبكي وأناتها في القلب ثاوية

والذنبُ منجدلٌ يزيد في الرهب

تبكي ، وقد ندمتْ على الذي اكتسبتْ

وتشفقُ اليوم من سعير منقلب

وتستعيذ برب الناس لائذة

كيلا تكون بأصل النار كالحطب

ويَعجب الدهرَ منها مَن يُعاينها

وحُقّ للناس ما ساقوا من العجب

دموع تائبةٍ قد أدركتْ ووعتْ

أن المثوبة قد تُهدى لمحتسب

لذلك احتسبتْ دمعاً تعاورها

أنقى من الشهد ، بل أشهى من الحلب

والتائبون لهم دمعٌ به عُرفوا

ومَن يعاينْه رغم الأنف يكتئب

وللدموع جوىً يكوي ومسكنة

ومن يُرِدْ أجر هذا الحال يحتسب

والتوب أليقُ بالإنسان في زمن

أهلُ الضلال به من أفجر العُصُب

وعودة المرء للرحمن واجبة

إن اللجوء له من أفضل القُرَب

والدمعُ أحرى بأن يذيبَ أفئدة

من واعظ الحق لم تخشع ، ولم تذب

دموعُ تائبة في المقلتين جرتْ

أحلى من التين والرمان والعنب

تعيدُ للعين قِسطاً من بصيرتها

تلك التي أذنبتْ دهراً ، ولم تتب

وتبعث الأملَ الرقراقَ في كبدٍ

حَرَّى ، طواها الهوى في سُوء مغترب

وتبذر الشوقَ في نفس مُسربلةٍ

لولا الركونُ إلى العادين لم تخِب

وتنشر الخيرَ في الأجواء ماحقة

إصر الركون إلى الإفلاس والجدب

دموعُ تائبةٍ كانت مُضللة

بالمغريات وبالفنون والصخب

ما فرّقتْ بعدُ بين المُر يُلجمُها

حتى تقيء ، وبين الموز والرطب

قد استوى عندها هدوءُ عِيشتها

بالطيبات أو اْن تعُجّ بالشغب

ظنت لهاثَ الخنا يوماً سيسعدُها

واليومَ مِن ناره تلوذ بالهرب

حتى أصيبتْ بسهم الطيش في كبدٍ

يا ليته إذ علا الأحشاء لم يُصب

هي الضحية مهما قيل مغرمة

بالفن ، تلك التي تبلوه عن كثب

دموعُ تائبةٍ ، تابت ، وتوبتها

جلّت عن الزيف والبهتان والرّيَب

ليقبل الله مني توبة صدقتْ

حتى يزولَ الذي ألقى من الكُرب

وتوبتي بغزير الدمع أغمرُها

والدمعُ أثمنُ ما أزجيه من سبب

رباهُ تبتُ فأدركْ قلبَ تائبةٍ

وتوبة القلب من فضائل الحِسَب

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة