الديوان » فلسطين » المتوكل طه » تمهل يا كعب

عدد الابيات : 58

طباعة

كيف لي أن أقولَ ما سأقولُ

وفؤادي من حُبِّهِ مَتْبولُ

أخذتني إلى السَّرابِ المرايا

ورَمَتْني إلى اللّهاثِ السّيولُ

وطريقي في عَثرةِ الخَطوِ غامتْ

وظلامُ الغريبِ فيها وحُولُ

وجرى الغيمُ شاحِباً وبعيداً

والوميضُ الخفيفُ منه أُفولُ

وعلى ضفّة السّوافي ذبيحٌ

لم يُفارِق أضلاعَه المَسلولُ

وهنا أو هناكَ نارٌ تَوارَتْ

ورميمٌ مبعثرٌ مَنخولُ

والأثافي أرامِلٌ ساهماتٌ

والصدى في المدى جِراحٌ وَغُولُ

دوَّمتْ عصفَها الليالي جنوباً

وشمالاً ما أسْعفتنا السهولُ

واختبأنا خلفَ الهوادجِ حتى

هدأتْ زَخَّةٌ ورفَّ هديلُ

ربّما كان في النواحي ابتهاجٌ

سيفُ رقصٍ وصاهلٌ وطبولُ

أو مَرَرْنا بِشاعرٍ يتَجلّى

والنّدامى، على الجراحِ، فُحولُ

وقريباً منا العَرارُ أو الشِّيحُ

وفَوْحٌ أو طَالِعٌ إكليلُ

هذه الأرضُ رَملَتانِ يداها

لا رَبابٌ في وجهها أو هطولُ

وتنوسُ النجومُ فيها انكساراً

والأزاهيرُ ثوبُهنَّ الذُّبولُ

زائغٌ تائهٌ وما بطريقي

غيرُ (بانَتْ).. وخافقي مكبولُ

أوقفتني الأطلالُ حين تراءَتْ

وبظنّي قد حدّثتني الطُّلولُ؛

يا جريحاً وغابَ دهراً مُريباً

وصعودُ الظنونِ هَمٌّ يطولُ

فانطوتْ وانطفتْ سعادُ وغابتْ

وتهاوى فيها الهوى المعلولُ

وتوارتْ لأنّها فرَسٌ قد

ضَجّ فيها سفرجلٌ معسولُ

فبَكاها الحيُّ الأسيفُ وقالوا:

أوّلُ الأمرِ رَجْفَةٌ ونُحولُ

أين أوّبتَ، هل تَحَرَّقتَ يوماً

لسعادٍ، ووصلها مأمولُ!

كيف تمضي وتهجرُ الجَنَّةَ البِكْرَ؟

غزالٌ.. وما لديه حقولُ!

غير أنّا لما رأيناكَ دمعاً

قد بكينا.. فالقاتلِ المقتولُ

فابكِ عِشقاً مُبدّداً مثلَ عشبٍ

جزَّ أعناقَهُ الردى المصقولُ

وامشِ في عتمة المسالكِ واذْكُرْ؛

صاحبُ النُورِ حاملٌ محمولُ

وتزَيَّا في الأرضِ، طولاً وعرضاً

فقميصُ البشيرِ عَرضٌ وطولُ

واغفُ، هذي مرابعٌ من بياضٍ

واقْصد الكَشْفَ.. فالمدى مسدولُ

وانتبهتُ؛ السماءُ مرفوعةٌ

والأرضُ مبسوطةُ الضياءِ حُلولُ

وتركنا أطلالَها.. ومضينا

والمسيرُ البعيدُ سَرْجٌ مَلولُ

وتَغَنّى في هَدْأَةِ الحزنِ حَادٍ

وسقى الرَّحلَ جفْنُه المبلولُ

هل صحونا من رّجَّةِ الوَحيِ لمَّا

هفَّ فينا فَوارِسٌ وخيولُ

أم ترى هاتفٌ يرنُّ بصدري؛

أَوقِفُوهُ.. فإنّه مسؤولُ

ساءَلَتني الأجراسُ هل لكَ دربٌ

ودليلٌ ومخرجٌ ودخولُ

وإذا أجهشَ المحبّونَ شوقاً

ولِفَرْطِ الغيابِ.. جاءَ الرسولُ

عَمِيتْ قَبْلَهُ القلوبُ اللواتي

فارَقَتْها مَحَجَّةٌ وعُقولُ

وَرَبَتْ بالحَرامِ أَعْمارُ قَومٍ..

وتَفانَتْ قبائلٌ ونُصولُ

شَخَصَتْ تسألُ السماءَ عيونٌ

كيف تنجو؟ خلاصُها والسبيلُ

وأراني عندَ النبيِّ نزيلاً

وعلى ناظري المدى المسبولُ

طالعتني أضواؤه، وتعالتْ

شمسُ وَجهٍ.. وريحُها مشمولُ

لا سؤالٌ، فذاكَ كعبٌ بِرَكْبٍ

والذي يَقصدُ الحبيبَ عَجولُ

جَوِيَ العاشقُ المُوَلَّهُ في البُعْدِ

وقد يُرْحَمُ الفتى المعذولُ

فمضى يقصدُ البهاءَ بقَوْلٍ

إنما العفوُ عندَه مقبولُ

وهَمَى الشِّعرُ مثلَ غَيثٍ صريحٍ

ومع الشِّعرِ كلُّ حالٍ تَحولُ

وارتدى بُردةَ الحبيبِ جميلاً

وقَوامُ القصيدِ فيها جميلُ

فتمهَّل يا كعبُ، إنّي لديهِ

وفؤادي من الهوى متبولُ..

أنا عندَ الذي تساوى بفِكْرٍ

منهُ وردٌ ومِنْجلٌ ونَخيلُ

لا يعيشُ الضدّان إلّا عليهِ

آكِلٌ مَرَّ أو مضى مأكولُ

غابةُ الكونِ قد أفاضَتْ جِناناً

وتآخَتْ مع الذئابِ الوعولُ

يا نبيَّ الأزمانِ عُذْري بأنّي

خافقي مُثْقَلٌ وحَرْفي خجولُ

فوقَ صدري لِمَريمٍ صلواتٌ

وعلى مُهجتي تُضِيءُ البَتولُ

آلُ بيتِ النبيِّ دوحةُ نورٍ

فَيْضُ أرواحِهم فُراتٌ وَنِيلُ

جئتُ والقدسُ نجمةٌ في جبيني

جئتُ والجُرحُ حيثُ أسرَى الرسولُ

فالطريقُ الوحيدُ معراجُ بَدْرٍ

هي قدسي.. والباقياتُ فُضولُ

مرَّ.. والبرقُ وَمْضةٌ من يديهِ

طارَ.. والرّعدُ خاشعٌ مذهولُ

ثم صَلّى بالأنبياءِ إماماً

إنّها القدسُ بيتُه والنزولُ

وإذا عادَ فالقِبابُ شروقٌ

والربيعُ المديدُ فيها فُصولُ

وإذا أنْكَرَتْ قُريشٌ غزالاً

ساحَ في الرّوحِ رِمْشُهُ المَكْحولُ

وردةُ النارِ في دَمي كبرياءٌ

والقناديلُ في وَريدي تَسيلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتوكل طه

avatar

المتوكل طه حساب موثق

فلسطين

poet-almutawakel-taha@

25

قصيدة

56

متابعين

لمتوكل طه أو المتوكل سعيد عمر شاعر فلسطيني من مدينة قلقيلية، مواليد عام 958، تلقى الشعر عن والده الشاعر سعيد بكر طه. حصل على دكتوراه في الآداب، وعلى الماجستير في الأدب ...

المزيد عن المتوكل طه

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة